أقلام الثبات
لفترة لا تقل عن أربعة أشهر تصدر وجه الرئيس دونالد ترمب شاشة التلفزيون الأميركي دون غيره في ظل جائحة كورونا، عبر مؤتمرات إعلامية وتصريحات صحافية وتغريدات يومية، حتى فقدت تصريحاته أي بريق أو أثر في أذهان الرأي العام الأميركي الى أن أنفجر الشارع الأميركي غضبا بسبب مقتل شاب من أصول أفريقية يدعى جورج فلويد على يد رجل شرطة ابيض.
الى هنا لا يوجد شئ غريب، لأنه لا يمر شهر من دون واقعة إعتداء عنصري من الشرطة الأميركية على أصحاب البشرة السمراء هناك، فلا خلاف على عنصرية الشرطة الأميركية أو على عدم تحضر سكان العديد من الولايات الأميركية، وهذا ليس غريباً لان أميركا لم تمر بمرحلة الحضارة، ولا يوجد عرق أسمه "العرق الأميركي" أصلا، فهي تأسست من أجناس وأعراق مختلفة ، لكن المشهد هناك يقول أكثر من مجرد حادثة بين شرطي ومواطن أسود البشرة.
حقيقة الأمر المشهد مسيس بأمتياز ومدبر بحرفية شديدة وشخص دونالد ترامب هو المستهدف الأول من تلك الفوضي التي لم تنفجر صدفة، فتلك الفوضى صنعت على يد من صدروا لنا فوضى 2011م في دول ما سمي بالربيع العربي وبالتالي لم يعد أمام ترامب خيار قبل انتخابات الرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، سوى إفتعال حرب، خصوصاً بعد خسارة حرب فيروس كورونا، ليدخل اليوم في فوضى غير مسبوقة وأعنف من أي فوضى شهدتها الولايات المتحدة الأميركية.
وهنا سيطرح القارئ سؤالاً : هل تحركات دونالد ترامب تتضارب مع مصلحة أميركا ؟
يمر دونالد ترامب بأسوأ فترات حياته، فهو الأن محاصر سواء في الداخل الذى يمر بحرب لم يكن يتخيلها يوما، وهي كافية أن تودي بمسيرته السياسية، أو الخارج الذي كلما ظن أنه نجح في تغيير خارطة العالم كما يظن، يكتشف أن لا تغييرات تحدث سوى على مستوى أسماء رجال إدارته فقط، ولنا في التحدي الإيراني بالبوابة الخلفية للدولة الأميركية نفسها على سواحل فنزويلا مثال، وبالتالي فإن القادم ليس للمنبطح الذي رهن حياته وماله ونفطه ومستقبله على شخص بعينه سواء كان جمهورياً أو ديموقراطياً، ولكن للذكي الذي يشعل النار كي تحرق الطرفين معا.
القادم للدول صاحبة الجبروت بعقيدتها الوطنية والمتعصبة لراياتها الوطنية وليس لفاقدي الهوية والأهلية ومن باتت عقولهم محتلة من أقمار الشيطان الصناعية، والمستقبل هو لمن يعتمد على نفسه وليس لمن يتوسل راعي البقر لأن ينتشله من وسط الخراف، وعلى العرب أن يحسبوها جيدا، فمن كان متضررا من باراك أوباما هو أيضا تضرر من ترامب بنفس المقدار.
فما الذي حصل عليه العرب من ترامب سواء كانوا فى الشام أو الخليج أو مصر والسودان أو المغرب العربي سوى نفس ما حصلنا عليه في عهد باراك أوباما ؟
فإن كان أوباما هو من دمر جهوريات المنطقة في 2011م وسرق خزائن أموال الممالك النفطية، فدونالد ترامب حافظ على استمرارية الحرب في الدول الجمهورية وحلب الصناديق السيادية لدول الخليج، ولو كان الواقع غير ذلك لكانت الحروب في كل من: سوريا والعراق واليمن وليبيا أنتهت، ولكن ذهب مايك بومبيو لإبقاء نتيجة الحرب في تلك الدول "تعادل" دون غالب ولا مغلوب لضمان استمرارية الحرب كي تستنزف كل الأطراف هناك، بل وتمادى وذهب ليمنح الصومال وتونس للغازي التركي أيضا، وسخر الثعلب اليهودي الخبيث جاريد كوشنر كل طاقات بلاده من أجل خدمة الصهيونية، حتى قدم ترامب لدولة الإحتلال ما لم يقدمه أحد قبله.
بأي حال، ربما سيتحسر سياسيون ومسؤولون واعلاميون عرب، على ترامب، حين يتلقى صفعة جديدة قبل نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل القادم أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية، فهل ستكون تلك الصفعة من الدولة العميقة بواشنطن، أم من خارج حدود أميركا وحينها ستكون الضربة القاضية لدونالد ترامب.