إضفاء مشروعية التطبيع تُسهّل مهمة تصفية القضية الفلسطينية ـ رامز مصطفى

السبت 09 أيار , 2020 11:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ما يبعث على الحزن ونحن نتحدث عن التطبيع ومناهضته، ما قاله نتنياهو أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية وهو منتشياً : " قمنا بزيارة مؤثرة إلى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان . فالسودان هي الدولة التي استضافت مؤتمر الخرطوم الذي حدد اللاءات الثلاث ضد إسرائيل ، ونحن نقوم بعملية تطبيع مسرعة معها " .
ونحن نسلط الأضواء على سياقات التطبيع الدائرة في المنطقة منذ " اتفاقية كامب ديفيد " العام 1979 ، واتفاقات " أوسلو " و1993 ، واتفاقية " وادي عربة " العام 1994 . علينا ونحن نصر على مواجهة ومناهضة التطبيع ، من وضع الآليات العملية لتلك المواجهة ، بهدف وقفها ووأدها خدمة من أجل حماية قضايانا ومصالحنا وأمننا القومي ، التي تتصدر قضية الشعب الفلسطيني الصدارة بين تلك القضايا والمصالح القومية . وهذا يتطلب تضافر كل الجهود ، وتحشيد كل الطاقات ، لمواجهة عمليات التطبيع . على الرغم أن المهمة  ستواجه صعوبات في ظل ما تشهده منطقتنا العربية من انهيارات، وبالتالي التسابق في تثمير التطبيع مع الكيان كسباً لود الولايات المتحدة . إنما تستهدف في تداعياتها الدول الوطنية ، حيث بلغت عمليات التطبيع ، وخصوصاً منذ بدء ما سمي ب" الربيع العربي "، مستويات غير مسبوقة في كافة المجالات ، بما فيها التعاون الاستخباراتي والعسكري ، ومشاركة الحاخام الأكبر للكيان الصهيوني " شلومو عمار " ب" مؤتمر حوار الأديان "، في كانون الأول 2019 في البحرين ، إلى جانب رجال دين من مصر ولبنان والأردن والكويت .  
إنّ تآكل مركزية القضية الفلسطينية كعنوان إستراتيجي في الصراع العربي الصهيوني ، من خلال تعمدّ النظام الرسمي العربي في أغلبيته ، في استبداله بالصراع بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني ، بهدف استبعاد الصراع من قائمة أولويات سياسات الأنظمة العربية . ويجد المطبعون مساحة من التسويق للتطبيع العربي مع العدو الصهيوني ، في الدفع المُتعمد إلى إبراز التهديدات المفترضة للجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الواجهة . والعمل إلى بذل الجهود لتلك الأنظمة في إيجاد وخلق شراكة عربية مع كيان الاحتلال ، تحت ذريعة ما أسموه مواجهة الخطر الإيراني المتنامي في المنطقة .
الاهتمام الصهيوني بتطور علاقات التطبيع شكلت على الدوام الهاجس ، من خلفية الشعور بالغربة في الوسط العربي والإسلامي ، على الرغم من كل الاتفاقات التي وقعتها رغم مخاطرها وأخطارها . لذلك حكومات كيان العدو ، وتحديداً في عهد نتنياهو تجزم أن تعاوناً على المستوى الإستراتيجي ، متعدد الأشكال الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية والرياضية ... الخ ، قد تحقق لهم فك تلك العزلة عن الكيان . الذي لم يتمكن من تجاوزها ، على الرغم من تحقيقه اختراقات تطبيعية ليست بسيطة ، وذلك بسبب أن الكيان لا يزال يمثل في وجدان الأمة ، على أنه العدو الغاصب لأرض فلسطين ، على الرغم من التراجع الذي تعانيه القضية الفلسطينية بسبب اتفاقات " أوسلو " ، والانقسام الفلسطيني . وبالتالي الإنجراف المُدان للأنظمة نحو التطبيع ، بتقديري لن يغير الشارع العربي في تجاوزه للحواجز النفسية ، والشعب العربي في مصر والأردن وحتى في دول الخليج لن تتغير نظرتهم ومواقفهم من الكيان وجرائمه ، والانتصار للحق الفلسطيني .    
وما ينطبق على الأشقاء في مصر والأردن والخليج ، ينطبق على كل شعوب أمتنا الرافضة لهذا الكيان الهجين . وهو ينطبق أولاً على شعبنا الفلسطيني عموماً ، وأهلنا وشعبنا في مناطق فلسطين المحتلة العام 1948 ، وبعد مرور 72 عاماً على الاغتصاب الصهيوني لفلسطين ، وتواجدهم وسط مجتمع صهيوني كرسّ كل سياساته من أجل تذويبهم ولم يتمكن ، وهم اليوم يمثلون الشوكة في حلق الكيان ، الغير قادر على دمجهم ، ولا على طردهم .    
المحاولات البائسة في إضفاء المشروعية على التطبيع ، أنه يخدم التسوية السياسية ، ويُؤثر في سياسات الكيان ومن خلفه سياسات الإدارة الأمريكية ، تكذبها الوقائع الدامغة ، على أن سياسات كل من الكيان وأمريكا توظف التطبيع بهدف تصفية القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية عبر مقصلة " صفقة القرن " ، التي يجري تطبيقها العملي على أرض الواقع ، وما عمليات الضم القادمة إلاّ فصل من فصول تلك الصفقة ، التي كانت باكورتها الاعتراف الترامبي بالقدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل