ديبلوماسية أبو الزلف ـ نبيه البرجي

الخميس 07 أيار , 2020 12:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لا يكفي أن يبقى العرب في حال التعثر ، والتبعثر ، والتقهقر . ماضون ، بخطى حثيثة ، في حال القتل والاقتتال الى أن يتبلور نظام عالمي جديد يقوم على تعددية القطب ، لا بقاء الكرة الأرضية على قرن ثور ، كما قالت الميتولوجيا الأوروبية .

 هكذا يوحي كلام لوزير الخارجية الفرنسية السابق أوبير فدرين . الفوضى الراهنة ، بتشعباتها السياسية والاقتصادية ، باقية الى يوم القيامة . ربما الى ما بعد يوم القيامة . في هذه الحال ، قد نعود الى الخالق على ظهر ناقة .

 المفكر المستقبلي الأميركي آلفن توفلر قال ضاحكاً ، قبل رحيله عام 2016 ، "اذا ما بقي غزو الفضاء على ايقاعه الحالي فقد تحدث ثغرة في السماء يمكن التسلل عبرها الى الفردوس" . ماذا اذا كانت هذه الثغرة تفضي الى الجحيم ؟

في هذا السياق ، لفتتنا "ديبلوماسية أبو الزلف" ، وخيال أبو الزلف ، في تصريح لوزير خارجيتنا لـ "فرانس 24 " .

قال "لنا مصلحة أن نتحرك في دور ديبلوماسي ناشط لاطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة ، وبناء نظام اقليمي جديد قائم على احترام سيادة الدول ، وعدم التدخل في شؤونها التاريخية" . كاد مراسل القناة أن يقول ان الحديث أجري على سطح المريخ.

لنا مصلحة !! لنا مصلحة اذا كنا دولة تقف على قدميها . واذا كانت لنا سياسة ، واذا لم نكن تحت ألف وصاية ووصاية ، حتى تحت وصاية يان كوبيتش ، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان . هذا الرجل الثقيل الظل الذي يتدخل في كل التفاصيل ، وقد رأى في نفسه المفوض السامي الذي حيناً يعظ ، وحيناً يتوعد ، بعدما وقع ، بكل جثته ، في غواية الكاميرات .

 من أجل أعصاب اللبنانيين الذين ينؤون بمصائبهم ، ليت وزير الخارجية ، وبدل أن يخلط بين ديبلوماسية تاليران وديبلوماسية دونكيشوت ، يطلب من كوبيتش أن يلوذ بالصمت لأن دوره على أرضنا هو دور الفقاعة . لا أكثر ولا أقل ...

لعل صاحب المعالي لا يعلم أننا عاجزون عن اطفاء حرائق الصنوبر واللزاب على تلالنا ، وفي أوديتنا . كيف لنا باطفاء الحرائق الاقليمية، بأبعادها الجيوسياسية ، والجيوستراتيجية ، ناهيك عن الأبعاد التاريخية والقبلية ، البالغة التعقيد ؟

معاليه قال بتشغيل الديبلوماسية ، ديبلوماسية البطة العرجاء ، لبناء نظام اقليمي جديد . ونحن هكذا ، وقد جعلتنا الطبقة السياسية نتسول على أبواب الأمم ، نجمع مختلف الدول الإقليميّة ، داخل قاعة مقفلة في فندق فينيسيا . الخروج ممنوع قبل تصاعد الدخان الأبيض بالنظام الاقليمي الجديد (هل ثمة من نظام اقليمي قديم ؟) الذي يوقف مستنقعات النار من المحيط الى الخليج ، ومن مضيق هرمز الى مضيق الدردنيل .

كما لو أن النظام الاقليمي ، في ظل التشابك الدراماتيكي بين المصالح ، لا يرتبط بنظام كوني يرفض دونالد ترامب البحث فيه . أميركا العظمى وحدها هي الأمبرطورية المقدسة التي تتولى ، بصلاحيات ما فوق البشرية ، ادارة العالم .

الرجل الذي يسكنه هاجس البقاء في البيت الأبيض ، يحاول افتعال الصراع مع الصين . الى النرجسية القاتلة ، المكيافيلية القاتلة . بقدرته الهائلة على اثارة الضجيج يريد تعبئة الأميركيين وراءه بعدما سقط منهم عشرات آلاف "القتلى" بالجائحة التي يصر على أنها فايروس مصنع ، وقد أفلت من أيدي صانعيه .

هذا لا يقنع أصحاب الرؤوس الباردة داخل الاستبلشمانت . هؤلاء يعتبرون أن العجز ، والتذبذب ، اللذين أظهرهما الرئيس الأميركي ، جعلا نصفه في المقبرة . ثمة جثث لا تحصى تدق على باب المكتب البيضاوي .

لا مجال البتة للحديث لا عن نظام دولي ، ولا عن نظام اقليمي . كل الأمبراطوريات أظهرت قصوراً مروعا في التعاطي مع "كوفيد ـ 19 " . من يضمن ألاّ تفاجأ البشرية بفايروس أشد فتكاً ، وأشد غموضاً ؟ هذا يفترض ، كما يرى فدرين ، عقد قمة عالمية لاعادة النظر في مسار الكرة الأرضية .

في منطقتنا ، هكذا نقرأ كلمة "اقرأ" التي وردت في القرآن ... "أقتل" . هل ثمة من هم أكثر براعة من العرب في قتل  العرب ؟!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل