أقلام الثبات
لا يكفي أن يبقى العرب في حال التعثر ، والتبعثر ، والتقهقر . ماضون ، بخطى حثيثة ، في حال القتل والاقتتال الى أن يتبلور نظام عالمي جديد يقوم على تعددية القطب ، لا بقاء الكرة الأرضية على قرن ثور ، كما قالت الميتولوجيا الأوروبية .
هكذا يوحي كلام لوزير الخارجية الفرنسية السابق أوبير فدرين . الفوضى الراهنة ، بتشعباتها السياسية والاقتصادية ، باقية الى يوم القيامة . ربما الى ما بعد يوم القيامة . في هذه الحال ، قد نعود الى الخالق على ظهر ناقة .
المفكر المستقبلي الأميركي آلفن توفلر قال ضاحكاً ، قبل رحيله عام 2016 ، "اذا ما بقي غزو الفضاء على ايقاعه الحالي فقد تحدث ثغرة في السماء يمكن التسلل عبرها الى الفردوس" . ماذا اذا كانت هذه الثغرة تفضي الى الجحيم ؟
في هذا السياق ، لفتتنا "ديبلوماسية أبو الزلف" ، وخيال أبو الزلف ، في تصريح لوزير خارجيتنا لـ "فرانس 24 " .
قال "لنا مصلحة أن نتحرك في دور ديبلوماسي ناشط لاطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة ، وبناء نظام اقليمي جديد قائم على احترام سيادة الدول ، وعدم التدخل في شؤونها التاريخية" . كاد مراسل القناة أن يقول ان الحديث أجري على سطح المريخ.
لنا مصلحة !! لنا مصلحة اذا كنا دولة تقف على قدميها . واذا كانت لنا سياسة ، واذا لم نكن تحت ألف وصاية ووصاية ، حتى تحت وصاية يان كوبيتش ، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان . هذا الرجل الثقيل الظل الذي يتدخل في كل التفاصيل ، وقد رأى في نفسه المفوض السامي الذي حيناً يعظ ، وحيناً يتوعد ، بعدما وقع ، بكل جثته ، في غواية الكاميرات .
من أجل أعصاب اللبنانيين الذين ينؤون بمصائبهم ، ليت وزير الخارجية ، وبدل أن يخلط بين ديبلوماسية تاليران وديبلوماسية دونكيشوت ، يطلب من كوبيتش أن يلوذ بالصمت لأن دوره على أرضنا هو دور الفقاعة . لا أكثر ولا أقل ...
لعل صاحب المعالي لا يعلم أننا عاجزون عن اطفاء حرائق الصنوبر واللزاب على تلالنا ، وفي أوديتنا . كيف لنا باطفاء الحرائق الاقليمية، بأبعادها الجيوسياسية ، والجيوستراتيجية ، ناهيك عن الأبعاد التاريخية والقبلية ، البالغة التعقيد ؟
معاليه قال بتشغيل الديبلوماسية ، ديبلوماسية البطة العرجاء ، لبناء نظام اقليمي جديد . ونحن هكذا ، وقد جعلتنا الطبقة السياسية نتسول على أبواب الأمم ، نجمع مختلف الدول الإقليميّة ، داخل قاعة مقفلة في فندق فينيسيا . الخروج ممنوع قبل تصاعد الدخان الأبيض بالنظام الاقليمي الجديد (هل ثمة من نظام اقليمي قديم ؟) الذي يوقف مستنقعات النار من المحيط الى الخليج ، ومن مضيق هرمز الى مضيق الدردنيل .
كما لو أن النظام الاقليمي ، في ظل التشابك الدراماتيكي بين المصالح ، لا يرتبط بنظام كوني يرفض دونالد ترامب البحث فيه . أميركا العظمى وحدها هي الأمبرطورية المقدسة التي تتولى ، بصلاحيات ما فوق البشرية ، ادارة العالم .
الرجل الذي يسكنه هاجس البقاء في البيت الأبيض ، يحاول افتعال الصراع مع الصين . الى النرجسية القاتلة ، المكيافيلية القاتلة . بقدرته الهائلة على اثارة الضجيج يريد تعبئة الأميركيين وراءه بعدما سقط منهم عشرات آلاف "القتلى" بالجائحة التي يصر على أنها فايروس مصنع ، وقد أفلت من أيدي صانعيه .
هذا لا يقنع أصحاب الرؤوس الباردة داخل الاستبلشمانت . هؤلاء يعتبرون أن العجز ، والتذبذب ، اللذين أظهرهما الرئيس الأميركي ، جعلا نصفه في المقبرة . ثمة جثث لا تحصى تدق على باب المكتب البيضاوي .
لا مجال البتة للحديث لا عن نظام دولي ، ولا عن نظام اقليمي . كل الأمبراطوريات أظهرت قصوراً مروعا في التعاطي مع "كوفيد ـ 19 " . من يضمن ألاّ تفاجأ البشرية بفايروس أشد فتكاً ، وأشد غموضاً ؟ هذا يفترض ، كما يرى فدرين ، عقد قمة عالمية لاعادة النظر في مسار الكرة الأرضية .
في منطقتنا ، هكذا نقرأ كلمة "اقرأ" التي وردت في القرآن ... "أقتل" . هل ثمة من هم أكثر براعة من العرب في قتل العرب ؟!
من تستهدفهم “إسـرائيل” لا يحتاجون بيانات… بل فضحاً كاملاً للجريمة
ألمانيا... الصدمة المزدوجة ــ د. ليلى نقولا
أسوأ من 17 أيار ــ عدنان الساحلي
عملية أستراليا... بين "تبييض" الصورة "الإسرائيلية" والتحضير لاعتداء مقبل ــ د. نسيب حطيط