سقوط "بيضة القبان" على بقايا 14 آذار ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 05 أيار , 2020 05:21 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

"مش أول مرَّة بيعملها وليد بك". هكذا علَّق الرئيس سعد الحريري على ما يعتبرها إحدى إستدارات النائب السابق وليد جنبلاط، لكن هذه الإستدارة ليست كسابقاتها، ليس لأن جنبلاط بات ثابتاً عديم الدوران، بل لأنه دارَ كثيراً واستقرَّ حالياً، لأن ساحات دورانه بعضها بات محظوراً عليه كما في السويداء وجبل الدروز والجولان في الجوار السوري، وكذلك الجوار "الإسرائيلي"، بعد التشكيك باستمرار ولائه للكيان المحتلّ عبر تغريدة لشخص صهيوني، وبعضها الآخر كالساحات الإقليمية وتحديداً السعودية، والدولية من موسكو الى واشنطن، باتت "بيضة قبان" جنبلاط خفيفة الوزن ولن تُثمر حتى في استيلاد تيمور الإبن الذي يُغرِّد خارج سرب أبيه.
لن يفرش العونيون السجاد الأحمر لوليد جنبلاط، لأنهم يُدركون أكثر من سعد الحريري سرعة دورانه، لكن ما قبل ظاهرة رئيس حكومة بمستوى الدكتور حسان دياب ليس كما بعدها، ولا مصلحة لخفيفي الوزن بأي تحالف، لا بل أن جنبلاط تدارك وضع شارعه الدرزي، ولم يستفق الشيخ سعد بعد على واقع شارعه السني، وبقايا 14 آذار من المسيحيين سواء كانوا قوات أو كتائب، باتوا فراطة وفرق عملة على حواجز قطع الطرقات وقطع الطريق على عهد ممنوع من السقوط.
وقبل أن تدور الظنون المغلوطة في رؤوس سعد الحريري وسمير جعجع وسامي الجميل وباقي 14 آذار، عن إستدارة وليد بك، فإنه اختصر الأسباب عند خروجه من لقاء فخامة الرئيس عون بالقول: "لدي حساباتي الخاصة"، ونعى أي تحالف هجين، ونأى بنفسه عن محاولة إسقاط حكومة الرئيس دياب، لأنه يُدرك استحالة تشكيل حكومة بديلة، وأن شريكه سعد الحريري بات أبعد الناس عن بوابة السراي.
حسابات جنبلاط الخاصة بدأت منذ عدة أشهر، عندما "حلقوا له" دروز سوريا، فارتدَّ لتحصين وضعه مع دروز لبنان، لدرجة أن مفاعيل "ثورة 17 تشرين" دفعته لأن يُعلن عن استعداده لبيع أملاكه بما فيها المختارة كي لا يجوع أي درزي، ومن هنا بدأت الحسابات الخاصة لموقع الباكاوية، والتي كانت أيضاً من بوادرها، هجومه الأخير على المتطرِّفين الحاقدين في الحزب التقدمي الإشتراكي في مسألة سدّ بسري، ووجوب الإنفتاح على الآخرين، وحتى في موضوع التعيينات، فإنه تواضع في سقف مطالبه بالنسبة للأسماء المطروحة وخاصة في موضوع نائب حاكم مصرف لبنان الدرزي أو رئيس الشرطة القضائية، سيما وأن العداء لرئيسيّ الجمهورية والحكومة وكتلة التيار الوطني الحر لا تفيد جنبلاط في "حساباته الخاصة".
آخر إشاعات الترياق الآتي لجماعة 14 آذار، كانت في زيارة السفيرة الأميركية الى دارة جنبلاط ثم الى معراب، بالتزامن مع عودة الحريري الى بيروت، واعتقد البعض أنها تسعى الى ترميم تحالف ضد الحكومة يضمّ الأطراف الثلاثة، لكن تبين أن شمول زيارات السفيرة رئيس الحكومة والنائب جبران باسيل، وهي تضع على وجهها كمامة وفي فمها ماء، أنها ليست متعفِّفة عن الحرتقة ولكن، أقصى ما تسعى إليه أميركا في حربها الناعمة على لبنان أسوةً بما تفعله في فنزويلا هو التجويع، والشعب اللبناني دخل معركة الجوع لكنه لم يخسر الحرب بعد، لأن وباء الكورونا يفتك بهيبة خصوم العهد من واشنطن الى الرياض.
قد يكون سقوط "البيضة الجنبلاطية" قاسياً على مسيحيي 14 آذار أكثر من وقعها على الرئيس الحريري، لأن هدف مسيحيي هذا الفريق هو إسقاط العهد لتحقيق غايات شخصية رخيصة، والحريري حساباته الخاصة مبعثرة جداً، لأن لا أمل له في المدى المنظور بالدخول لا من الباب ولا من الطاقة الى السراي، وبالتالي، وبصرف النظر عن مستوى حضور الكتل النيابية الى بعبدا للتشاور بشأن الخطة الحكومية، فإن مَن يحضر السوق "يبيع ويشتري" ومَن يُغيِّب نفسه من "جماعة 14 الشهر" فقد غاب عن كل الحسابات الوطنية خلال ما تبقى من ولاية الرئيس عون...
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل