الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102.
أما بعد عباد الله: يقول الله تبارك وتعالى بعد قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ* فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا* يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}سورة المجادلة-الآية 11، في هذه الآية الكريمة يبين الله تبارك وتعالى لنا أحكام الأدب والأخلاق والتعامل الاجتماعي في مجتمعاتنا وفي مجالسنا، وكذلك بعد هذا يبين لنا أهمية العلم، وكم أعطى الله تبارك وتعالى للذين أوتوا العلم مكانة ورفعة. هذه الآية الكريمة هي تأكيد لثلاثة نفر جاؤوا مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يعطي ويقدم لأمته العلم، أمّا أحدهم فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها دون أن يزاحم أحداً، وبدون أن يفشخ رقاب الناس، وأمّا الثاني فلم يجد مكاناً واستحيا أن يذهب فجلس خلفهم، وأمّا الثالث ولعل في نفسه شيء من الكبر والعجرفة فذهب ولم يعقب، وبعدما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا، وانتهى من مجلسه الكريم قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاث، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أمّا أحدهم آوى إلى الله فآواه الله-مجلس العلم هو اللجوء ليتعرف الإنسان ويقرأ في هذا الكون ما يدل على عظمة الله، يحلل ما أحل الله ويحرم ما حرم الله، ويسر على شرعه ونهج نبيه، حتى تأتي الرفعة كما قال ربنا تبارك وتعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} سورة المجادلة-الآية 11- وأما الآخر فاستحيى-استحى من جماعة المؤمنين- قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فاستحيى الله منه، ربنا تبارك وتعالى استحى أن يعذب هذا الإنسان، وهنا الحياء الرباني من باب المقابلة، من أجل أن يفهم الإنسان معاني الكلمات التي يوجهها بيننا، وأما الآخر أعرض فأعرض الله عنه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذنا برحمته وألا يعطنا الجفاء منه ولا الإعراض، وأن يجعلنا من المقبلين عليه، عسى بإقبالنا عليه أن يقبلنا وهو الغفور الرحيم، مجالس العلم لها منزلة كبيرة في دين الله تبارك وتعالى.