المستعربون الجواسيس .. أصولهم وأدوارهم ـ فارس أحمد

الإثنين 27 نيسان , 2020 12:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

فرق المستعربين الجواسيس، من أين جاؤوا ؟ وكيف تم تجنيدهم؟ و ماهو دورهم؟ أسئلة كثيرة تطرح خصوصاً في مرحلة ما قبل قيام دولة الاحتلال، وبالتحديد أولئك الذين عاشوا على هامش المجتمع الصهيوني، وكيف تم إنخراطهم في عصابة "البالماخ"، التي أنشأت بدورها ما يسمى ب"الدائرة العربية".

ولا يخفى على الكثير، أن هذه المجموعة من المهاجرين اليهود دول اوروبا الشرقية والعربية، تم إرسالها إلى بعثات تجسس، واعتبرت في حينها البنية التحتية ل"امبراطورية" المخابرات الإسرائيلية.

وهناك عدد من هؤلاء المستعربين الجواسيس، انضموا في بداية الأمر إلى جيش الإنقاذ  العربي وبعض التشكيلات العربية المسلحة الأخرى، منهم الجاسوسان "إبراهيم وعبد الكريم" وأسماؤهما الحقيقية "حبقوق كوهين وإسحق شوشان"، وهما من رواد أنشطة التجسس التي ساعدت الدولة الصهيونية في كثير من الأنشطة الإستخباراتية.

في العام 1948 مرحلة ما قبل نشوء دولة الكيان، لم يكن لدى إبراهيم وعبد الكريم  آنذاك جهاز اتصال، ولم تصل إليهما معلومات حول ما يجري إلا من الشائعات المحلية ووسائل الإعلام، لكنهما أفادا بأن كل فلسطين سقطت في أيدي الجيوش العربية وافترض العملاء أن الأمر إنتهى والدولة اليهودية أصبحت في مهب الريح، وخلال فصل الصيف من العام نفسه، وبعد الحصول على معدات الاتصال، اكتشفا أن دولة "إسرائيل" ما تزال قوية وموجودة.

ولا نستغرب إذا ما علمنا، أن أذرع المخابرات الصهيونية كانت قد وصلت إلى معظم الدول العربية ، بما فيها بيروت، حيث تم وضع البنية التحتية الأولية لأنشطة المؤسسة الاستخبارية المستقبلية، من خلال عمل الجاسوسين في "القسم العربي" داخل عصابة "البالماخ"، وحين عادا إلى القدس، وجدا نفسيهما في بيئة مشابهة لتلك التي عرفوها في المرحلة الماضية، ومغروسين في المقاهي والمساجد، حيث شرعوا في عملياتهم السرية.

بين عامي 1943-1950، قدم الجاسوسان معلومات استخبارية قيمة ساهمت بشكل كبير في إنشاء الدولة الصهيونية، لكن الأمن الإسرائيلي بعد سنوات طويلة تناساهما وألقى بهما من رفوف التاريخ، ليأتي ماتي فريدمان الكاتب في العديد من الصحف العالمية حيث أصدر مؤخرا كتابه الجديد حول التجسس الإسرائيلي في بداياته الأولى عبر هذين الجاسوسين.

وفي سراديب المستعربين، كان هناك أيضا 4 جواسيس كبار من بين 25 جاسوساً، عملوا مع الإدارة الإسرائيلية على مر السنين، بعضهم تركوا وثائق استخبارية تم جمعها في العام 1990، إذ تبين لاحقا أنهم كانوا يلبسون الثوب العربي في كل شئ، لدرجة أنهم كانوا يتلون الآيات القرآنية من الراديو، ويقومون بحركات يدوية معروفة لكل مسلم وكل هذا لتحقيق هدفهم المتمثل باختراق الجمهور العربي.

 وعلى خلاف الروايات الكثيرة عن المستعربين الجواسيس، أنهم لم يولدوا في الجيش الإسرائيلي في الثمانينيات من القرن الماضي، بل مارسوا نشاطهم السري منذ العام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، وفي العام 1943 كلف ألون يروحام كوهين، أحد أعضاء الإدارة، بإنشاء "قسم عربي" في البالماخ لجمع المعلومات الاستخبارية، بقصد استبدال العملاء الجدد بمخبرين عرب يعملون من أجل المال، كوهين تنقل في جميع أنحاء البلاد بحثا عن مرشحين مناسبين، خصوصاً من أصحاب السمات الشرقية، وسميت الوحدة انذاك "إدارة الفجر".

عند التمعن في عملهم التجسسي، نجد أن "شمعون سومخ" أصبح على مر السنين جاسوسا، وعلم إيلي كوهين الذي عمل لاحقا في سوريا أسرار مهنته وكان دليلا لهم على الثقافة العربية والإسلامية، واللافت أن هؤلاء الجواسيس لم يتلقوا أي مدفوعات مالية وكان راتبهم الوحيد معرفة أنهم يتم تسخيرهم لمصلحة الشعب اليهودي وأن العطايا والهدايا ستأتي فيما بعد.

في نهاية المطاف، لم يكن عمل هؤلاء الجواسيس يقتصر على جمع المعلومات، بل ذهبوا أبعد من ذلك بكثير، حيث وضعوا المئات من عبوات التفجير في السيارات، وقاموا باغتيال بعض القادة العرب في المدن الفلسطينية، فضلا عن المساهمة بعمليات إغتيال خارج حدود فلسطين تجاوزت الدول العربية إلى أوروبا.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل