أقلام الثبات
ما نشرته صحيفة "الجمهورية" اللبنانية من كاريكاتير يعبر بشكل سافر عن الكراهية والإساءة للفلسطينيين في لبنان . وما هو إلاّ إصرارٌ من قبل أصحاب النزعة العنصرية والانعزالية في المضي نحو الاستمرار في نكء جراح الحرب الأهلية التي أصابت الجميع . وأصحاب هذه النزعة لا زالوا يُصرون على إذكاء نار الفتنة ، من خلفية مواقفه العدائية اتجاه الفلسطينيين في لبنان .
وبالتالي هي إساءة إلى كل الغيورين والحريصين من أشقائنا اللبنانيين على إرساء أفضل العلاقات المميزة والمتميزة مع أشقائهم من أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئ في لبنان . فهولاء لا يتركون مناسبة أو فرصة إلاّ ويعبرون من خلالها عن حقدهم الدفين ، وبقائهم في خندق أعداء قضية فلسطين . وفي هذا تساوقٌ مع مساعي الإدارة الأمريكية الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين ، عبرّ ما تسمى ب" صفقة القرن " .
من الواضح أنّ كل المساعي التي بذلها الفلسطينيون ومرجعياتهم منذ العام 2007 ، وحتى يومنا هذا ، في طي الصحفة السوداء من تاريخ العلاقات الفلسطينية اللبنانية لم تشفع لهم ، على الرغم مما ارتكب ولا زال بحقهم من الإيغال في حرمانهم ، وفرض إجراءات تعسفية تتعلق في سلبهم حقوقهم المدنية والاجتماعية ، ومحاربتهم في الحصول على لقمة عيشهم ، بسبب ما تم فرضه من قيود على العمالة الفلسطينية في لبنان .
خطورة ما نشرته صحيفة الجمهورية ، ليست فقط أنها ساوت بين الفلسطينيين في لبنان وفيروس كورونا ، بل الخطورة في التأكيد أن الفلسطينيين هم وباء لبنان ، وكل ما تعرض ويتعرض له هو بسبب الوباء الفلسطيني ، المتمثل بالمخيمات ، التي طالب قائد القوات اللبنانية في تصريحات كورونية الدولة اللبنانية بمحاصرتها ، لأنها هي ومخيمات النازحين السوريين مصدر فيروس كورونا .
على الرغم من الجهود المشكورة والمثمنة عالياً ، التي بذلها سيادة اللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام لدى إدارة صحيفة الجمهورية ، التي وعدته بسحب الكاريكاتير ، وتقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني ، إلاّ أنّ إدارة الصحيفة أصرت على عدم التراجع عما ارتكبته من إساءة فاضحة وإهانة متعمدة ، من خلال ما طالعتنا به ، وتحت عنوان توضيح على ما وردها من المكتب الإعلامي لحركة حماس . بأن نشر الكاريكاتير المذكور يُعبّر عن رأي انطوان غانم ، والذي لم يكن يقصد أي إهانة أو استهداف أو تجريج . فاقتضى التوضيح . في محاولة بائسة من التذاكي بما ورد في سياق التوضيح أنها أي صحيفة الجمهورية تخلي مسؤوليتها عن الصورة الكاريكاتيرية ، متناسية أنها قد بررت وبرأت للمدعو انطوان غانم فعلته الشنيعة .
المطلوب ليس الهروب إلى الأمام ، بل المطلوب التقدم باعتذار واضح لا لبس فيه من قبل الإدارة ، التي تتحمل المسؤولية وعن سبق تصور وتصميم على إثارة الكراهية والتعمد في النيل من كرامة الفلسطينيين اللاجئين في لبنان .