13 نيسان.. و"اوربوروس" لبنان ـ أحمد زين الدين

الخميس 09 نيسان , 2020 11:52 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في 13 نيسان 2020، يبدأ اليوم الأول من 45 عاماً على ذكرى اندلاع شرارة الحرب الأهلية في لبنان.

بعيد ظهر يوم الأحد آنئذ، هزت لبنان، وربما العالم، تلك المذبحة التي حلت في بوسطة تحمل فلسطينيين عائدين من احتفال، كانت تمر في عين الرمانة.

من يومها انطلقت حرب ((البسوس)) و ((داحس والغبراء)).

سمعنا وشاهدنا وعشنا الوجه الدموي لتلك الصيحات والصرخات، التي يطل منها الآن، بعض من تلك الجاهلية العمياء، رغم مرارة "كورونا"، ورغم اخطبوطية المصارف، ومجموعة من رأسمالية طفيلية لا تتجاوز الواحد بالمئة من اللبنانيين.

بعد 44 عاماً، كأن لا شيء تغير، 44 عاماً مضت على شرارة الشيطان، ليندلع اللهيب الواسع الذي ما نزال نعيش آثاره وحريقه باشكال مختلفة، جراء عدم تطوير النظام السياسي المولد للأزمات والفتن المتنوعة والمتعددة الاشكال والشعارات، وكأنه كتب على اللبنانيين أن يعيشوا الويلات كل 15 عاماً.

لاحظوا التواريخ:

1943 ـ 1958

1960 ـ 1975

1990 ـ 2005

2005 ـ 2020.

حروب وفتن وازمات، تمنع أي تطوير أو تقدم، فيبدو نظامنا السياسي وكأنه "اوربوروس"؛ ذاك الثعبان الأسطوري العملاق، الذي يبقى ملتفاً حول نفسه بالعاً رأسه لذنبه، لكن ما أن يقترب احد منه، حتى يبصق ذيله، ويبتلع هذا الأحد، ليعود من جديد إلى شكله الدائري.

هذا النظام الذي جمد عند حدود الطائف "السيء الذكر"، وخربط كل المقاييس والمعايير, وجعل البلد أكثر طائفية ومذهبية وشعوذة، ليبقى الثابت الوحيد فيه ما كنا نسميه قبل الحرب الأهلية "الطغمة المالية" التي كانت لا تتجاوز ال 4 بالمئة من الشعب اللبناني.. لكن "الطائف" كرس "طغمة مالية" جديدة، من بقايا أثرياء الحرب، وفلول الميلشيات، ودائماً وابداً موجودة المصارف، التي وهبت، حاكماً لمصرف لبنان، تميز بنيله العديد من الجوائز كافضل حاكم مصرف مركزي في العالم، ياسبحان الله، كيف كرت الجوائز على هذا الرجل، فهل أن من منحه الجوائز وصكوك الغفران المالية، سيسحبها منه، بعد ثبوت سوء هندساته المالية، وتعييناته الادارية وتصرفاته...ووو...، وأبرزها انه الآن، الحاكم المطلق الذي لا شريك له.

هذا النظام، الذي لم يتحمل وزراء نوعيين مروا في تاريخ البلد، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، إميل جرجس لحود في اربعينييات ومطلع خمسينيات القرن الماضي، جميل جرجس لحود في ستينيات القرن العشرين وإميل البيطار، وهنري إده في سبعينياته، هذا النظام الذي اسقط الرجل الأدمي والنظيف والاكاديمي، الذي أطلق عليه "ضمير لبنان" البروفيسور سليم الحص، في بداية الألفية الثالثة، ولم يستطع تحمل وزراء من أمثال : جورج قرم، وجان لوي قرداحي، وحسن شلق، ودميانوس قطار وشربل نحاس، وتغنى بعض أقطابه ب "الدفترين" والبقرة الحلوب ، وتقاسم الوظائف والغنائم .

هذا النظام الذي تغذي جيداً، بأصول التبعية، والمذهبية والطائفية، لم ترتح طغمته الرأسمالية الطفيلية للإنتصارات المذهلة التي حققتها مقاومته على العدو الاسرائيلي في سابقة لم يعهدها التاريخ العربي والاسلامي منذ سقوط غرناطة في الاندلس عام 1492 م، حيث كان النصر العظيم في أيار 2000 وفي حرب تموز 2006، وفرضت مقاومته توازن رعب مع العدو لم يألفه العرب مجتمعين منذ اغتصاب فلسطين.

هذا النظام الذي تتحكم به المصارف الذي قال عنه الوزير هنري إده أن "المصارف" تعرف بمقررات مجلس الوزراء قبل الوزراء أنفسهم، لم يحتمل أحد ابرز وأشرف رؤسائه إميل لحود الذي لو كان معه بعض قليل جداً من صلاحيات، ما قبل الطائف لكن غير وجه البلد.

وها هو الآن بكل أطيافه من موالاة ومعارضين، وبين بين، من المستفيدين، يتحالفون سراً وعلناً ضد د. حسان دياب، قبل أن يعرفوا خيره من شره، فلم يوفروه من ضغوطهم وشرورهم رغم ضراوة هجوم وباء الرأسمالية العالمية المتمثلة بكورونا. هذا النظام الذي تغذى في مرحلة الطائف، جيداً، مذهبياً وطائفيا وفساداً، صار كيفما تطلعت لا تجد إلّا الفساد والنهب، من المال العام، إلى الاملاك البحرية والنهرية، إلى المشاعات والفضلات العقارية، حتى إلى مكبات الزبالة، وتلوث نهر الليطاني.. وواقع البلديات وما ادراك ما البلديات، سواء على مستوى حقوق هذه البلديات من الصندوق البلدي المستقل، أو على مستوى واقعها كإدارات محلية لم ترتق لأن تكون أداة تنمية محلية حقيقية... وهلم جرا من وقائع مذهلة من الفساد وشفط الرمال.

3ا نيسان 1975 ـ 13 نيسان 2020... وما بعدها، "اوربوروس" لبنان مازال يبتلعنا، فهل سنقدر يوماً على قطع رأسه عن ذيله.. حمى الله لبنان وشعبه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل