بعد مرور مئة يوم الأولى.. قراءة تحليلية لجزائر تبون ـ فادي عيد وهيب

الخميس 09 نيسان , 2020 09:55 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعد تولي عبد المجيد تبون الرئاسة الجزائرية في منافسة سهلة، بحكم أن تبون كان أقل المرشحين للرئاسة علاقة بفساد نظام عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه سعيد، ولشعور قطاع كبير من الشعب بإنحياز المؤسسة العسكرية بقيادة رئيس الأركان الراحل الفريق قايد صالح لتبون وقتها، مما أعطى انطباعاً إيجابياً لدى الشعب الجزائري تجاه تبون، وهو يسعى بكل قوة لتغيير صورة الجزائر المعتكفة على ذاتها التى لم يكن لها أي تأثير أقليمي بعهد بوتفليقة، وأعلنها تبون صراحة بأنه غير مقبول أن لا يكون للجزائر دور في ملفي ليبيا ومالي، حتى أنه وضع ملف الدولتين أولى أولوياته وقبل جملة التحديات الداخلية.

وبالفعل أنطلق تبون سريعا نحو ليبيا فكان حضوره فى الملف الليبي عبر البوابة التركية، ومع مرور الوقت أستشعر تبون أن البوابة التركية قد تكون نهايتها في طريق مسدود، وأن سعي أردوغان نحو الجزائر لم يكن من أجل الالتفاف حول ليبيا فقط بل والجزائر نفسها أيضاً، وأن تكلفة التحالف مع تركيا ستكون باهظة وقد تجعله يخسر دولاً بحجم مصر والإمارات والسعودية، وكذلك سوريا التى يحرص تبون على عودتها لجامعة الدول العربية، بعد توطيد العلاقة بين بنغازي ودمشق، وهو ما ترجم في لقاء وزير الخارجية الليبي بنظيره السوري في العاصمة السورية، وعلى أثره تم إعادة فتح السفارة الليبية في دمشق، والاتفاق على تنسيق التعاون الأمني والسياسي بين البلدين لمواجهة أطماع أردوغان في سوريا وليبيا.

كما أنه في حال تحالفه مع تركيا ضد ليبيا سيزيد ذلك من حدة صراع الجزائر مع المستعمر القديم (فرنسا)، بحكم أن باريس تنحاز إلى عدو تركيا في ليبيا وهو المشير خليفة حفتر، فالصراع بين فرنسا والجزائر مشتعل بالأصل منذ سقوط "عملاء فرنسا" بالجزائر بعد سقوط بوتفليقة، وتداعيات ذلك لم تنته بعد، فما بالكم لو كان دخل تبون في تحالف مع أردوغان ضد المشير حفتر.

كما أن الأمر لم يعد مقتصرا على فرنسا فقط، بل وبدول الإتحاد الأوروبي بعد أن أطلق الإتحاد العملية العسكرية الجديدة "إيرين" (كلمة يونانية تعني السلام) لمنع دخول السلاح التركي لسواحل ليبيا، كي تستلم "إيرين" اليونانية" مهمة تأمين السواحل الليبية من العملية "صوفيا" الايطالية، التى فشلت كحال فشل أيطاليا فى السيطرة على وباء كورونا، نتيجة التخبط الأوروبي بسبب أختلاف المصالح بينهم في ليبيا، ولدور برلين وروما القذر هناك، فالعملية العسكرية الجديدة "إيرين" تعني أن أوروبا فاض بها الكيل من حماقات أردوغان في ليبيا، وهي الحماقات التى دفعت ثمنها أوروبا بإستقبال المزيد من اللاجئين القادمين لها من أفريقيا عبر غرب ليبيا، وهي العملية العسكرية التى أقدمت عليها أوروبا قبل أن يلوي أردوغان ذراعها الثاني بكارت ليبيا، بعد أن لوي ذراعها الأول بكارت اللاجئين السوريين.

ومن هنا أستغل خليفة حفتر كل تلك التغيرات التى لعبت لصالحه، وتقدم في غرب ليبيا بسرعة حتى سيطر على منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس، وتحرير العديد من المواقع في الغرب الليبي، مما جعل جيرانه على حدود ليبيا الغربية الرافضين له في حيرة، ومن هنا كان سر أتصال الرئيس التونسي بنظيره المصري، ففي عرف سياسة قصر المرادية (القصر الحاكم بالجزائر) كان تقدم حفتر نحو غرب ليبيا خط أحمر ممنوع أن يتخطاه، ولا يخفي على أحد أن تبون كان يرغب في إحراج فرنسا في ليبيا ومالي، بعد أن تلقت باريس الفشل تلو الأخر في مالي منذ أن أطلقت عملية "سرفال" 2013 بمالي.

والأخطر مما سبق من عواصف سياسية جاءت ليس كما تشتهي سفن عبد المجيد تبون، ففي ظل دخول البلاد حرب شرسة ضد وباء كورونا كسائر دول العالم، كانت هناك حرب جديدة انفجرت في سوق النفط بين موسكو والرياض وواشنطن، ومن هنا كان سر زيارة عبد المجيد تبون للرياض كأول زيارة خارجية له، فهنا أصبحت الجزائر ودول مثل إيران وفنزويلا (الدول التى يمثل النفط عصب أقتصادها) في وجه المدفع، حتى باتت الجزائر محاصرة بجملة من التحديات، ولذلك فإن بوصلة تبون السياسية التى كانت بعد فوزه بالرئاسة تغيرت تماما، بعد تغير عقارب الساعة فى العالم كله، فالجزائر اليوم أمام أختبار حقيقي على جميع الأصعدة والمستويات، على أمل أن نرى الجزائر قوية ومعافاة لتشكل، قوة مضافة لامتها العربية وقارتها الافريقية، جزائر العزة والعروبة.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل