أقلام الثبات
أعلنت السعودية مجدداً، رفع سقف إنتاجها النفطي بمعدَّل 600 ألف برميل يومياً، في محاولة منها لمواجهة التراجع الدراماتيكي في أسعار النفط، لإنقاذ موازنتها الضخمة البالغة 500 مليار دولار سنوياً، وهي محاولة ترقيع بسيطة، لن تُنقذها من إجراءات تقشُّف واسعة، ووقف جميع مشاريع الإستثمارات المُنتِجة للمشتقات النفطية في شركة آرامكو، أو تلك المشاريع السياحية التي شاء محمد بن سلمان من خلالها فتح المملكة على العالم استعداداً لتحقيق رؤية 2030، وتُعتبر المملكة الخاسر الأكبر ضمن منظمة "أوبيك" ومنظمة "أوبيك +" التي تضمّ الدول المُنتِجة من خارج أوبيك، لأن سعر بيع البرميل السعودي هو تجارة خاسرة متى تدنَّى عن 112.60 دولاراً أميركياً، بينما تستطيع الكويت قياساً لموازنتها تحقيق ربحٍ في حال بيعه ضمن سقف 60 دولاراً.
أما وأن أسعار برميل النفط تتهاوى إلى ما دون سقف الثلاثين دولاراً أحياناً، فإن أميركا تقطف فرصة الركود الإقتصادي العالمي الذي تسبب به انتشار وباء كورونا، وتشتري كما سواها من الدول القادرة مادياً، لزيادة احتياطها الإستراتيجي بأسعار زهيدة، مما يُغنيها لفترة طويلة عن استخراج نفطها الأحفوري (الصخري) ذي الكلفة العالية، وبهذا، استغلَّت الولايات المتحدة حرب الأسعار التي أرادتها السعودية مع روسيا، لتخزين العرض المُغري نتيجة غياب ملموس ومؤلم للطلب العالمي.
ومع الصفعة التاريخية التي وجَّهها وباء كورونا للإقتصادات العالمية، تفرملت بالتالي الصفقات الإستثمارية التي كان يبني عليها محمد بن سلمان رؤيته الوهميَّة للعام 2030، والتي بلغت في أحلامه مدى "سوريالي" بلغ مرحلة بناء مدينة نموذجية على البحر الأحمر، واجهتها منطقة شرم الشيخ المصرية، وخلفيتها المناطق "الإسرائيلية" ذات الإطلالة على هذا البحر، لكن الوباء أوقف ساعة الزمن الإقتصادية السعودية نحو 2030، تزامناً مع تسجيل المملكة أعلى رقم إصابات عربي في وباء كورونا وتسجيل الولايات المتحدة الشريكة لها أعلى رقم على مستوى العالم، وتتشارك الدولتان مصير مواجهة جرثومة غير مرئية على مرأى من عالمٍ عربيٍّ منكوب بصفقات الأسلحة الأميركية للسعودية.
يبدو وباء كورونا وكأنه اللعنة التي سَاوَت بين الظالم والمظلوم على المستوى الصحِّي والإقتصادي، لكنه جاء أكثر قساوةً على مَن ارتضوا أن تكون اليمن والعراق وسوريا حقل تجارب في استعراضات الموت بالأسلحة الأميركية، لأن مَن كانوا يتساقطون نتيجة الإجرام السعودي، ليس وباء كورونا أخطر على صحتهم وحياتهم، من كُتَل نار الحقد التي استخدمتها المملكة وخرجت منها مهزومة لا بل ذليلة، ورُمِيت الأسلحة الأميركية على مختلف أنواعها وأحجامها في مستودعات الخيبة السعودية!
وكي تكتمل فصول الهزائم التي استحقتها المملكة، جاء الإتصال المُفاجىء لنائب رئيس دولة الإمارات/ ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بالرئيس بشار الأسد، الضربة الأكثر إيلاماً لمحمد بن سلمان من انهيار أسعار النفط ومشيئة كورونا، لأن الإمارات كانت السند الفاعل الأوحد للسعودية في مجلس التعاون الخليجي الذي تفكَّك على بوابات صنعاء وبغداد ودمشق، واتصال بن زايد ظاهره مساعدة سوريا في زمن الكورونا، وباطنه عودة الى سوريا تمهيداً لعلاقات ما بعد، وما هو أبعد من زمن الكورونا، وعودة هذه العلاقات ليست سوى نموذج عن انهيار هيبة عرش مملكة الرمال ونهاية زمن غطرسة آل سعود..
السعودية.. وباء الكورونا يقضي على وباء الغطرسة ـ أمين أبوراشد
الأربعاء 01 نيسان , 2020 10:20 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة