هل كورونا عذاب أم ابتلاء؟

الإثنين 30 آذار , 2020 12:17 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات ـ إسلاميات

يعتقد البعض أن وباء فيروس كورونا عقاب من الله سبحانه وتعالى على ما يقترفه البشر من آثام، ويؤكد آخرون أن الزلازل والبراكين والجفاف والأمراض والأوبئة سنن كونيــة لا علاقة لها بإيمان أو كفر أو توحيد أو شرك.

والسؤال هل كورونا عقاب من الله سبحانه أم مرض من الأمراض؟  وما الذي يجب على المسلم أن يفعله في مواجهة هذا الوباء؟

نقول وبالله تعالى التوفيق: أسباب نزول مرض كورونا، بقوله سبحانه وتعالى: { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رادّ لفضله} سورة يونس؛ و ظهور الأمراض والأوبئة والبراكين من سنن الله تعالى يحدث النفع والضرر .

ففي عهد الخليفة عمر بن الخطاب كان وباء طاعون عمواس الذي توفي فيه عدد من الصحابة والتابعين، والذي كان قد حدث في الشام، وكان من أبرز من مات فيه سيدنا أبو عبيدة بن الجراح، وسيدنا معاذ بن جبل وسيدنا يزيد بن أبي سفيان وسيدنا شرحبيل بن حسنة وغيرهم؛ و قد اعتبرهم حضرة سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم شهداء.

وحول أهمية الحجر الصحي فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تقدموا عليه، و إذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه. رواه الإمامان البخاري و مسلم.

وبهذا أرسى حضرة النبي صلى الله عليه و سلم مبادئ الحجر الصحي قبل أكثر من ١٤٠٠ سنة في وقت لم يكن هناك فيه من يعلم بالحجر الصحي.

ونشدد على أهمية أخذ كل التدابير عند انتشار أي وباء في المجتمع، و التي يحددها أهل الخبرة والاختصاص في مواجهته .

حسن الظن بالله عز وجل

سألت السيدة عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري عن الطاعون فأخبرها: أنه كان عذاباً يبعثه الله تعالى على من يشاء، فجعله الله تعالى رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع في الطاعون، فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد.

وحول ما يجب على المسلم القيام به ... أنه يجب أن يُحسن الظن بربه، و يأخذ بالأسباب الشرعية والحسية؛  لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } سورة النساء و هذا لا يتنافى مع التوكل بل هو التوكل .

وهناك من يتساءل: هل مرض الكورونا عقاب أم مرض من الأمراض ؟

ونقول: إن الأمراض والأسقام والبلايا وجميع المصائب التي نراها في هذه الأرض لا تخلو عن كونها أحد ثلاثة أمور .

١ - هي عقاب وعذاب للعاصين من عباده، كما أرسل الله الطوفان والجراد والقمل والضفادع بلاءً و ذاباً على من كفر من آل فرعون .

٢ - وكما ينزل الله تعالى الرياح والمحن والزلازل على العصاة، وفي الوقت نفسه هي بلاء ورحمة للمؤمنين الصابرين المحتسبين، و تطهير لهم لمن أصيب بهذا الداء، و نحتسب على الله تعالى أن يحصل أجر عظيم .

٣ - و قد يحصل على أجر الشهيد إذا كان صابراً واحتسب قال حضرة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المؤمن من همّ و لا نصب و لا وصب حتى الشوكة يُشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه. 

وفي الوقت نفسه هو عبرة للمعتبرين حتى الذي لم يصب بالمرض يعرف قدرة الله سبحانه وأنه تعالى قادرعلى كل شيء فهو عبرة للمعتبرين ولا يخرج عن أحد الثلاثة أبداً .

التوكّل على الله سبحانه و تعالى

ما يصيب الناس من أمراض وأسقام وأوبئة هو من قدر الله تعالى فيسلم المؤمن لقضاء الله عز وجل و يرضى قال الله تعالى: { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله و من يؤمن بالله يهدِ قلبه و الله بكل شيء عليم } سورة التغابن،  وقال الله تعالى : { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون } سورة التوبة  .

والصبر على قضاء الله تعالى المؤلم من مكملات الإيمان، وعلى المرء في مثل هذه الأحوال أن يتوكل على الله حق توكله، و أن تتعلق قلوبنا بالله أعظم من تعلقنا بالماديات ونحوها ؛ فالله عز و جل هو مسبب الأسباب سبحانه .

ومن تمام التوكل بذل الأسباب المشروعة والمباحة لاتقاء الأمراض قبل وقوعها والتداوي منها بعد وقوعها؛ ومن ذلك استعمال الأسباب الواقية من الأمراض، و من ذلك تناول الأطعمة والفيتامينات التي ترفع المناعة، و الاهتمام بالنظافة، و تنقية الهواء، وعدم المخالطة الزائدة،  والابتعاد عن الأماكن الموبوءة ؛ كما قال حضرة سيدنا النبي صلى الله عليه و سلم في الإبل : لا يوردن ممرض على مُصح . رواه الإمام البخاري ؛ ففي بني آدم أولى و أحرى .

 وننصح بتجنب الأماكن المزدحمة والحذر عند الذهاب للمستشفى و وضع الكمامة إن تطلب الأمر، ولينظر للصالح العام ولا ينظر بنظرة الأنانية أو السخرية أو الاستهزاء، فالأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود لوأد المرض بأمر الله تعالى و التحرز منه قدر الإمكان .

وقبل ذلك علينا بدوام الذكر لله تعالى و الحرص على الأوراد و الدعاء و التوبة و الاستغفار ؛ حيث ما نزل داء إلا بذنب و لا يرفع إلا بتوبة و أن ندعو بالدعاء النبوي العظيم : اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأعمال و الأخلاق و الأهواء و الأدواء .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل