الثبات - التصوف
المنهج العملي في التصوف
بعد كلامنا في المقال السابق عن أهمية التصوف ومنزلته في تكون الشخصية المسلمة المتكاملة، وأنه التطبيق العملي للإسلام، وأنه يهتم بإصلاح ظاهر العبد وعمارة باطنه، وتقويم خلقه، وتصحيح عباداته ومعاملاته.
وإنَّ السادة الصوفية لا يكتفون بأن يوضحوا للناس أحكام الشرع وآدابه بمجرد الكلام النظري، ولكنهم بالإضافة إلى ذلك يأخذون بيد تلميذهم ويسيرون به في مدارج الترقي، ويرافقونه في جميع مراحل سيره إلى الله تعالى، يحيطونه برعايتهم وعنايتهم، ويشملونه بعطفهم وحنانهم، ويوجهون بحالهم وقالهم، وينهضون به بعلو همتهم وعظيم صدقهم، يذكرونه إذا نسي، ويقومونه إذا انحرف، ويتفقدونه إذا غاب، وينشطونه إذا فتر ... وهكذا يرسمون له المنهج العملي الذي يمكنه به أن يتحقق بأركان الدين الثلاثة: الإيمان والإسلام والإحسان.
إنَّ الصوفية أرباب أعمال وأحوال لا أرباب دعاوي وأقوال، فما أسهل الكلام والتعليم، وما أصعب العمل والتطبيق.
وسنعرض بسلسلة من المقالات أهم الطرق العملية التي يطبقها رجال التصوف للوصول إلى رضاء الله تعالى ومعرفته، وهذا المنهج هو تطبيق لكتاب الله تعالى واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الكرام رضوان الله عليه.
إنَّ الصوفية لم يبتدعوا منهجاً، ولم يبتكروا أسلوباً، ولكنهم ساروا متبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً وأخلاقاً.