الثبات - اسلاميات
أهم أحداث السيرة في شهر رجب
"زواج سيدنا علي والسيدة فاطمة عليهما السلام والرضوان"
في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة وفي شهر رجب على بعض الروايات، تزوج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عنه السيدة فاطمة عليهما السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبَنىَ بها، وقد ذكر البخاري أنَّ ذلك كان بعد غزوة بدرٍ بقليل، وكان الزواج في صدر الإسلام وفي هدي النبي سيد الأنام لا مغالاة فيه في المهور، ولا إرهاق في سبيل إعداد الجهاز كما هو حال الكثير من الناس اليوم، وإنما الحال سماحة وبساطة وتيسير، وتعاون في سبيل الحياة الزوجية الكريمة.
أما قصة خِطبة وزواج أمير المؤمنين علي من فاطمة عليهما السلام فقد ذُكِرَت في كتب الحديث والسِّيَر والتراجم، وقد رواها ابن كثير في السيرة النبوية والبيهقي في الدلائل عن علي رضي الله عنه قال: "خطبت فاطمة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خُطِبَت من رسول الله؟ قلت: لا، قالت: فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله فيزوجك بها؟ فقلت: أو عندي شيء أتزوج به؟ فقالت: إنك إن جئتَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوّجك، فو الله ما زالت ترجّيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أن قعدت بين يديه أُفْحِمْتُ، فوالله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما جاء بك، ألك حاجة؟ فسكتّ، فقال: لعلك جئت تخطب فاطمة؟ فقلت: نعم، فقال: وهل عندك من شيء تستحلها به؟ فقلت: لا والله يا رسول الله! فقال: ما فعلت درع سلحتكها؟ قلت: فوالذي نفس علي بيده إنها لحُطَمِيَّة ما قيمتها أربعة دراهم، فقلت عندي، فقال: قد زوجتكها فبعث إليها بها، فاستحلّها بها، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إنها فاطمة الابنة الحبيبة، الرفيقة الشفيقة، المواسية لأبيها صلى الله عليه وآله وسلم، أم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وزوج أمير المؤمنين علي ، وابنة خديجة رضي الله عنها، وهي أكثر الناس شبهاً بأبيها صلى الله عليه وآله وسلم، الذي لم يكن له عَقِب (أحفاد) إلا منها رضي الله عنها.
قال الإمام ابن حجر: "وأقوى ما يُستدل به على تقديم فاطمة علىَ غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن ما ذُكِرَ من قوله صلى الله عليه وسلم: إنها سيدة نساء العالمين إلا مريم، وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أصيبت بموته دون غيرها من بناته، فإنهن متن في حياته، فكن في صحيفته، ومات هو في حياتها، فكان في صحيفتها".
لقد كانت السيدة فاطمة تعلم أنها بنت سيد المرسلين وخاتم النبيين وسيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه، ومع ذلك رضيت بالقليل، ولم تطمع في متاع الحياة الدنيا، ولم تطمح نفسها إلى العيش الراغد، بل ضُرب بها المثل في زواجها اليسير المهر، القليل المؤنة.. ولم تكن حياتها في بيت زوجها مُترفة ولا ناعمة بل كانت أقرب إلى التقشف والخشونة؛ لأن سيدنا علياً على عِظم مكانته لم يكن صاحب حظ من مال، ومن ثم فقد عاشت السيدة فاطمة في بيتها حياة بسيطة متواضعة، فهي تطحن وتعجن خبزها بيديها مع إدارة كافة شؤون بيتها الأخرى، إضافةً إلى حقوق زوجها عليها، وحين تعبت من عمل البيت وأثَّرَ عمل الرَحَى في يديها، طلبت من أبيها خادماً يساعدها، فأرشدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما هو أفضل لها.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنَّ فاطمة أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم تسأله خادماً، وشكتِ العملَ، فقال: ما أَلفَيتِيه عندنا قال: ألا أدُلُّكِ على ما هو خيرٌ لك من خادمٍ؟ تسبِّحين ثلاثاً وثلاثين، وتحمَدين ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّرين أربعاً وثلاثين حين تأخذين مضجعَك".
قال الإمام القرطبي: "إنما أحالها على الذكْرِ ليكون عِوضاً عن الدعاء عند الحاجة، أو لكونه أحب لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر، وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيماً لأجرها".