أقلام الثبات
ساعات وترسو باخرة حفر البئر الإستكشافية في البلوك رقم 4 مقابل بلدة الصفرا الكسروانية، وقد سبقتها بواخر الخدمات اللوجستية الراسية قبالة مرفأ بيروت، والأمر الواقع هذا، يفرِض نفسه على المُشكِّكين وبعض صغار النفوس من خصوم العهد، الذين لا يريدون أن يُسجَّل لفخامة الرئيس ميشال عون أن في عهده دخل لبنان نادي الدول المُنتِجَة للغاز والنفط.
تجارياً نعترف، أن مهلة الشهرين التي أعطتها شركة "توتال" لنتائج الإستكشاف، لا تعني أن لبنان بات قاب قوسين من تصدير الغاز، لأن المباحثات التي تجري مع قبرص بصفتها الجارة البحرية، مبنية أصلاً على الأنبوب القبرصي - المصري الذي لم يبدأ أنشاؤه بعد، رغم أن الإتفاقية القبرصية - المصرية تم توقيعها عام 2018 بهدف تسهيل تصدير الغاز القبرصي عبر مصر، والتقارب القبرصي - اللبناني في مسألة تصدير الغاز، الى جانب المباحثات مع اليونان، يحتاج الى أنبوب يتلقَّف الغاز اللبناني عبر المياه القبرصية، وصولاً الى مصر، أو اليونان ومنها الى أوروبا.
إنتاج الغاز في لبنان يؤمَّن على الأقل السوق المحلِّية، ليس فقط للغاز المنزلي، بل لتشغيل معامل إنتاج الطاقة الكهربائية، ولأن وزارة الطاقة "عونية" فإن تفعيل جميع خُطط معالجة الكهرباء يواجه أيضاً عراقيل من قبيل الكيدية السياسية الحاقدة، ولا حاجة لذكر الحاقدين على ميشال عون، لأن فخامته يُنقِّب في مغاور فسادهم أولاً، ولأن ميشال عون هو حليف حزب الله ثانياً وثالثاً وعاشراً وأخيراً !
خصوم العهد من الفاسدين، بلغت بهم الوقاحة أن يُطالبوا بانتخابات نيابية مُبكِرة، تسبقها إنتخابات رئاسية مُبكِرة، وهُم يعلمون أن لبنان لا يعيش تَرَف الوقت ووفرة المال لإجراء إنتخابات نيابية لن تُغيِّر 5% من النواب الحاليين، خاصة أن مَن يُسمُّون أنفسهم ثواراً، لم يتفقوا لا على هيئة قيادية ولا على تسمية وزراء، إضافة الى أن هذه "الثورة" وقُودها الدولارات والريالات، وأدوات شارِعها فتيان "يومية الثائر" منهم تتفاوت بين مئة دولار وعشرة آلاف ليرة لبنانية، لا بل خمسة آلاف مع منقوشة زعتر لِرُماة الحجارة الذين تقلّ أعمارهم عن عشر سنوات أحياناً !
نحن لا تعنينا مُعارضة الخصوم التي اتَّخذت طابع الإرتهان للخارج والعداوة للعهد، ويُجاهر بها بعض أقطاب الماضي البغيض الغارقين بالدمّ والعمالة والمال الحرام، بل يعنينا الإحباط لدى بعض الشارع الذي يُراهن على فخامة الرئيس عون وسماحة السيد نصرالله في القضاء على الفساد وبناء الدولة، وأوساط هذا الشارع الذي ينشد الدولة العادلة بدءاً من استعادة الأموال المنهوبة، بات يحكمه اليأس من "بلادة" القضاء اللبناني، لأن هذه البلادة إذا كانت مقصودة مراعاةً للصوص الكبار فهي مرفوضة، وإذا كانت من باب "البروقراطية" والإجراءات التنفيذية "السلحفاتية" فهي أيضاً مرفوضة، لأن النزاهة موجودة لدى العديد من القُضاة، لكن النتائج على الأرض ورؤية نائب أو وزير أو رئيس وزراء سابق خلف القضبان، أو إعادة جزء مِمَّا نَهَب من تحت الطاولة، ينتظرها المواطن اللبناني المسحوق على مدى ثلاثين عاماً، ولا بُدَّ من تسريع الإجراءات القضائية، تماماً كما حصل في ملف النافعة يوم أمس الثلاثاء بالإدعاء على 45 موظفاً وسمساراً.
ختاماً، مُهلة الأشهر الثلاثة التي حدَّدها الرئيس حسان دياب لِظهور إنجازات حكومته على المدى القصير، تتزامن مع انتهاء التنقيب عن الغار في البئر الأولى، والشعب اللبناني ينتظر الدخان الأبيض من تنقيب المغاور قبل أن يتصاعد من آبار الغاز، والله وليّ التوفيق..