«طلاق الواتس أب» استهانة بالزواج وإهانة للزوجة

الثلاثاء 25 شباط , 2020 04:56 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات ـ اسلاميات

يمتد التأثير الذي أحدثه انتشار وسائل الاتصال الحديثة وتطبيقاتها المتنوعة في حياتنا، ليطال كل ما يتعلق بتفاصيلنا اليومية، بدءاً من إجراء المعاملات الحكومية، ووصولاً لاستخدامها في الطلاق، فقد أصبح هناك اليوم ما يعرف بـ«الطلاق الإلكتروني»، وهو الإجراء الذي يلجأ إليه بعض الأزواج لإعلان انفصالهم الشرعي عن زوجاتهم، وإعلامهن بذلك، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك» أو «واتس أب» أو غيرهما من التطبيقات، أو برسالة نصية أو بريد إلكتروني.

ويؤكد كثيرون أن هذا السلوك يمثل استهانة فعلية بالزواج، لأنه يتعدى حدود الرغبة في الانفصال عن شريك الحياة وبدء حياة جديدة، إلى الرغبة في توجيه الإهانة له، وتعمد الاستخفاف به، وتحذر زوجات من اللجوء إلى هذه الأساليب، على سبيل المزاح أو المداعبة، بدافع اختبار رد فعل الزوجة، مؤكدات أنهن لن يتوانين، لو تلقين رسائل من هذا النوع، عن الذهاب للمحكمة، والمطالبة بإثبات وقوع الطلاق. وفي المقابل نُشرت، خلال الفترات الماضية، قضايا نظرتها المحاكم، حول محاولات زوجات تطليق أنفسهن من أزواجهن، عبر إرسال رسالة أو بريد إلكتروني، من هواتفهم إلى هواتفهن من دون علم منهم.

وبهذا المعنى، يمثل «الطلاق الإلكتروني» الوجه السلبي للتكنولوجيا، بسبب تبعاته الخطيرة، الأمر الذي أثار خلافاً حول ثبوت وقوع الطلاق من عدمه، في حال ادّعى الزوج فقدان هاتفه، أو نفى مسؤوليته عن الرسالة التي وصلت إلى الزوجة، متضمنة إعلان الطلاق، المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف أكد أن هذا النوع من السلوكيات يكشف عن مدى استهانة البعض بالعلاقة الزوجية، وما تحمله من مودة ورحمة، لافتاً إلى تكرار حالات «الطلاق الإلكتروني» عبر منصات التواصل بدافع إهانة الطرف الآخر.

وشرح الشريف صعوبة التيقن من هوية مستخدم الجهاز، الذي أرسلت منه عبارة «أنتِ طالق»، إذ «لا يستبعد استعماله من قبل الغير، أو حتى الدخول إليه بطرق غير مشروعة، ولهذا يجب التأكد من نية الرجل قبل قبول مثل هذه الحالات بالتطليق، وأكد أن النكاح قائم على يقين، واليقين يتطلب وجود شاهدين وولي ومأذون شرعي وعقد للزواج، مطالباً بوجود هذه العناصر عند إثبات الطلاق، وهو رأي اجتهادي قال به بعض الفقهاء.

وحتى نحمي أسرنا ومجتمعاتنا، علينا الشك في نية الزوجين الطلاق، حتى نتأكد بشكل قاطع من ثباتها، وذكر الشريف أن كثيراً من الرجال لا يراعي مشاعر المرأة، فيهدد بالطلاق عند أقل صغيرة: «بطلقك إذا عملت كذا». وطالب بإيجاد آلية تحد من كثرة وقوع الطلاق، والاستهانة بكلمة الطلاق، إذ يمكن للمشرع أن يوجد لها ضوابط، بحيث تفرض على الزوج الذي يكثر القسم بالطلاق والتهديد به، عقوبة رادعة، تجعله يفكر ألف مرة قبل الإقدام على هذه الأمور، فالأصل في الزواج احترام الآخر، وتقدير مشاعره، والمحافظة على هذا الكيان، لا أن نستهين به، ونجعله عرضة للهدم في أي وقت وتحت أي ظرف.

ويؤكد الشريف أن احترام مشاعر الآخر حق له علينا، وليس تفضلاً منا، فكيف لو كان الآخر هو الزوجة؟ أي الشخص الذي نسميه شريك حياتنا .

إن الإسلام جاء بقوامة الرجل لقدرته على السيطرة على غضبه، لا لكي يتلفظ بكلمات قد تكون سبباً في دمار الأسرة، أو إحداث شرخ فيها، فالكلمات تشق الصخر أحياناً، والبعض يستخدم التهديد بالطلاق لدى كل كبيرة وصغيرة، حتى يأتي اليوم الذي يتلفظ به بالطلاق. وكم من أسرة دُمرت بسبب لحظة غضب لم يستطع الرجل، القوّام على تصرفاته، أن يتمالك فيها نفسه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل