أقلام الثبات
خلال زيارته دمشق، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الرئيس السوري بشار الأسد دعوة نظيره الأمريكي دونالد ترامب لزيارة سورية، فرد الأسد ممازحا: "إذا سلك ترامب هذا الطريق سيكون كل شيء معه أيضا على ما يرام".
هنا، اعتبر بوتين أن ترامب سيقوّم سلوكه حال فعل ذلك، متوجها إلى الأسد بمقترح: "ادعه، هو سيأتي".
عندها رد الأسد على هذا المقترح بالإعراب عن استعداده لدعوة ترامب إلى دمشق، ليقول بوتين: "سأنقل إليه هذا الكلام".
بالتأكيد ان هذا المقترح الروسي يثير الاستغراب، من حيث المضمون، والتوقيت في آنٍ معاً، خصوصاً أن قوات الاحتلال الأميركي، لاتزال تحتفظ بعدد من جنودها على الأراضي السورية، لتقويض الاستقرار السوري، من خلال تقديم الدعم لبعض الفصائل المسلحة الانفصالية الخارجة على الشرعية، كذلك الإمعان في سرقة النفط السوري. ولكن هل يمكن أن تصبح رغبة بوتين واقعاً فعلياً، في حال سبقت الدعوة السورية المفترضة للرئيس الأميركي لزيارة سورية، خروج قواته المحتلة من أراضي الجمهورية العربية السورية؟ فهي منضوية في مؤسسات الشرعية الدولية، في مقدمها الأمم المتحدة، ولاتزال تحتفظ بمقعدها في هذه الجمعية الأممية، ولديها تبادلاً دبلوماسياً مع غالبية الدول، والأكثرمن ذلك، هي تشكل نافذةَ جغرافيةً برية وبحرية، نحو الشرق والغرب، وعقدة طاقة في المنطقة، حيث كانت تمر فيها خطوط نفط عدة، وقد تستعيد دورها في المرحلة المقبلة، ومن المفترض أن يمر فيها خطوط غاز طبيعي أيضاً، بالأضافة الى ذلك، فهي معبر بري استراتيجي هام، نحو ثلاث قارات، أسيا وأوروبا، وأفريقيا، هذا الى جانب أهمية موقعها على البحر المتوسط. إذا كل ذلك يحتم على دمشق إقامة علاقات متوازنة مع الشرق والغرب، وفي الطليعة الولايات المتحدة الأميركية، شرط أن تحجم الأخيرة عن إستباحة السيادة السورية، والكف من سرقة مواردها، وتقويض استقرارها.
لاريب ان سورية في نهاية المطاف، لا تشبه كوبا، تحديداً من ناحية موقعها الجغرافي، ولا يمكن أن تستمر في عزلة عن محيطها والعالم، فمن الطبيعي أن تبدأ باستعادة دورها السابق في الأثنين معاً، خصوصاً بعدما استعاد الجيش السوري سيطرته على معظم المناطق الحدودية مع تركيا والعراق، بحسب تأكيد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافرورف.
وتعليقاً على المقترح الروسي المذكور آنفاً، تعتبر مصادر في المعارضة السورية، أن ترامب سياسي غير تقليدي، وأن أداءه خارج الحدود السياسة التقليدية، وكما ذهب الى كوريا الشمالية، ليس غريباً أن يزور سورية، اذا اقتضت مصلحته ذلك، خصوصاً أن الرئيس الأميركي، يخوض مواجهة غير مسبوقة مع بعض أركان الإدارة في واشنطن، على حد قول المصادر.
وعن السبب الذي قد يحفّز ترامب الى القيام بهكذا خطوة مفترضة، في حال دعي الى زيارة سورية، ترى المصادر المذكورة، أنه في حال تم ذلك، فهذا الأمر سيسهم في تحقيق الحل السياسي في سورية والمنطقة، طبعاً اذا كان ذلك يصب في المصلحة الأميركية، خصوصاً لجهة تعزيز التفاهم مع روسيا في المنطقة، وقد يرفع ذلك من رصيد ترامب الإنتخابي، تختم المصادر. في المقابل تلفت مصادر سياسية سورية الى أن هذا المقترح الروسي المذكور، والرد السوري عليه، جاء على سبيل التندر بالسياسة الأميركية، لا أكثر، على حد تعبير المصادر. وتؤكد أن سورية فعلاً في حاجة الى تفعيل علاقاتها الطبيعية مع المجتمع الدولي، وإعادة التوازن في العلاقات الدولية، تحديداً مع الغرب. ولكن تجزم في الوقت عينه، أنه ليس من أدبيات السياسة السورية أن يصار الى دعوة رئيس دولة محتلة لزيارة البلاد السورية، وتختم المصادر بالقول: "لا الرئيس الأسد سيدعو ترامب، ولا الأخير سيأتي".