أقلام الثبات

من المفارقات العجيبة في عملية الأخذ والرد في تشكيل الحكومة الجديدة، اعتبار حكومة ال18 وزيرا حكومة مصغرة، فيما تاريخ الحكومات ماقبل الطائف، كانت تعتبر حكومات من هذا النوع، حكومات موسعة أو فضفاضة، ذلك لأنه من المرات النادرة التي شهد فيها لبنان قبل عام 1990 مثل تلك الحكومات، فكانت اكبر الحكومات بين 1943 و1960، حكومة الرئيس صائب سلام عام 1960وكانت من 18 وزيرا، وشهدت هذه الحكومة لأول مرة استعمال المطرقة التي جاء بها الرئيس فؤاد شهاب، وكان يضعها على منضدة صغيرة يفتتح بها الجلسة ويختتمها، ولتنظيم الحوار بين الوزراء.

وبين 1961و1974، كانت الحكومة الاوسع في تاريخ لبنان حكومة الرئس تقي الدين الصلح عام 1974 في عهد الرئيس سليمان فرنجية وكانت من 22 وزيرا واطلق عليها اسم "حكومة كل لبنان".

وبعدها كانت حكومة الرئيس رشيد الصلح الأولى التي استمرت بين 30 تشرين الأول 1974 و23 أيار 1975 وكانت أيضا من 18 وزيرا، ومن الحكومات التي كانت تعتبر موسعة الحكومات المؤلفة من 16 وزيرا كحال حكومة الرئيس صائب سلام الثانية في عهد الرئيس فرنجية (1972 ـ 1973).

وكما عرف لبنان حكومات موسعة أو فضفاضة على نحو ماذكرنا أو كما هو الحال بعد الطائف حيث الحكومات الثلاثينية أو ال24، فقد عرف البلد حكومات مصغرة جدا سواء في عهد الانتداب الفرنسي أو في عهد الاستقلال، ومن أبرزها في العهد الاستقلالي الأول:

حكومة ثلاثية في الولاية الثانية في عهد الرئيس بشارة الخوري، كانت برئاسة الحاج حسين العويني عام 1951 كان مهمتها الإشراف على الانتخابات النيابية.

ومع منتصف الولاية المجددة للرئيس بشارة الخوري، وتحديدا في 18 أيلول1952، وما شهده لبنان من تطورات صاخبة أفضت إلى استقالة الرئيس الاستقلالي الأول، بعد أن كان قد شكل حكومة انتقالية من ثلاثة أعضاء برئاسة قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب وعضوية ناظم عكاري وباسيل طراد،فسلمها الحكم واستقال .

وكان سبق هذه الحكومة، حكومة ثلاثية برئاسة ناظم عكاري، استمرت 5 أيام (9أيلول1952 ـ 14 أيلول 1952 )، اعقبتها حكومة ثلاثية برئاسة صائب سلام لم تكمل أربعة أيام (14 أيلول 1952 ـ 18 أيلول 1952)، كما عرف لبنان الاستقلال حكومات رباعية، كانت كالحكومات الثلاثية لم يمثل فيها كل الطوائف وخصوصا الطائفة الإسلامية الشيعية والارثوذكس، فكانت الأولى عام 1958في عهد الرئيس فؤاد شهاب، التي ترأسها الرئيس الشهيد رشيد كرامي وخلفت حكومة كرامية شكلت فور انتخاب الرئيس شهاب، حصل خلالها نوع من التمرد على العهد الشبابي، فكانت الحكومة الرباعية التي ضمت أيضا الحاج حسين العويني، ريمون ادة، وبيار الجميل.

يذكر أن عهد الحكومات الرباعية كان قد افتتحها الرئيس كميل شمعون بأولى حكومات عهده عام 1952 وكانت برئاسة الأمير خالد شهاب وعضوية: موسى مبارك، جورج حكيم وسليم حيدر.

وآخر الحكومات الرباعية كانت في عهد الرئيس شارل الحلو التي جاءت بعد أزمة بنك انترا عام 1966، والعدوان الصهيوني على مطار بيروت الدولي في العام 1968، حيث تم تدمير 13 طائرة للميد ايست في وقت كان يشهد فيه لبنان غليانا سياسيا، فكانت هذه الحكومة برئاسة عبد الله اليافي وعضوية :حسين العويني ،ريمون إدة ،وبيار الجميل .

 اما الحكومات العسكرية ،فقد عرفها لبنان مرتان .الأولى في عهد الرئيس سليمان فرنجية في ايار 1975  وكانت برئاسة العميد المتقاعد نورالدين الرفاعي   ،حيث كانت قد اندلعت الحرب الاهلية في 13 نيسان 1975 ،لكنها لم تعمر أكثر من 96 ساعة ، وكانت الحكومة العسكرية الثانية في عهد الرئيس أمين الجميل الذي أصدر مراسيم حكومة عسكرية في الدقيقة الأخيرة من ولايته عام 1988 برئاسة قائد الجيش العماد ميشال عون وكانت من ستة أعضاء من المجلس العسكري، لكن سرعان ما استقال منها الوزراء العسكريون المسلمون.

مابعد الطائف، كانت الحكومات الفضفاضة التي دشنها الرئيس الراحل عمر كرامي عام 1991، وشكلت من 30 وزيرا، ثم كانت حكومات الرئيس الراحل رفيق الحريري علما أن عهد مابعد اتفاق الطائف، بدأ بحكومة من عشرة وزراء برئاسة سليم الحص عام 1989 كما خرق الرئيس الحص قاعدة ال 30 وزيرا  في أول عهد الرئيس إميل لحود عام 1998 وكانت من 14 وزيرا استغرق تشكيلها يومان فقط.