أقلام الثبات

السؤال الذي يشغل الأوساط السياسية والحزبية وبعض الإعلامية داخل الكيان الصهيوني ، هو:هل انتهى عهد نتنياهو ومستقبله السياسي إلى أفول ؟ .

جواب السؤال بحث عنه الكثيرون من القادة والمهتمين الصهاينة على مستويات مختلفة ، في تلك التطورات التي يشهدها الواقعين الإقليمي والدولي ، وليس بعيداً عن تلك التطورات ، ما يشهده الكيان على خلفية نتائج انتخابات " الكنيست " .

الواضح أن ما شهده الكيان في أقل من عام في إعادة انتخابات " الكنيست " مرتين ، وهي مرشحة إلى الخوض مرة ثالثة ، إذا ما فشل نتنياهو في تشكيل حكومة ، والمرجح من كل المعطيات والوقائع التي يأتي الإعلام العبري على ذكرها هو عدم تمكن نتنياهو على تشكيل حكومته العتيدة ضمن المهلة التي منحها رئيس الكيان " رؤوفين ريفلين " ، والذي على ما يبدو وحسب التسريبات الصحافية في الكيان ، أنه لا ينوي تمديد المدة لنتنياهو ، مما سيفسح في المجال أمام " بيني غانتس " لتكليفه من قبل ريفلين بتشكيل الحكومة ، وهذا مرهون بفشل نتنياهو ، وعدم قدرته على تشكيل الحكومة .

أما التطورات الإقليمية والدولية ، لا شك أنها ستمثل في تراكمها ، الأكثر رعباً لنتنياهو ، والتي تشير ربما إلى أفول نجم نتنياهو وحياته السياسية . هذه التطورات ، أيضاً بدأت تشكل كابوساً يلاحق قادة الكيان على مختلف تلاوينهم الحزبية والسياسية . وهي تمثلت بما توصل إليه قادة الكيان وفي مقدمهم نتنياهو أن الإدارة الأميركية ورئيسها ليسوا في وارد شن حرب على إيران ، كما كان يأمله وعمل لأجله نتنياهو منذ سنوات . وانسحاب ترامب من الاتفاق النووي ليس إلاّ وسيلة ابتزاز رخيصة استخدمها ترامب ، لاستدراج إيران إلى مفاوضات ثنائية أميركية – إيرانية . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، توظيف العداء لإيران من أجل ابتزاز السعودية والدول الخليجية في دفعهم مكرهين أو مختارين إلى دفع مئات المليارات من الدولارات ، التي يتباهى بها ترامب ، وبأن ما فعلته إدارته لم تتمكن أية إدارة من فعله والقيام به . وقبل أيام كشف الرئيس ترامب أن السعودية وافقت على تقديم المزيد من الأموال مقابل دفع المزيد من الجنود والمعدات العسكرية الأميركية إلى المملكة بهدف حمايتها بعد تعرض منشأتها النفطية في أرامكو إلى القصف . هذا أولاً ، أما ثانياً ، ما يشهده شمال شرق سورية من عملية عسكرية تركية مدانة في الشكل والمضمون ، وما سبق تلك العملية من إعلان الرئيس ترامب عن سحب القوات الأميركية المتواجدة في تلك المنطقة بصفة المحتل . مما فهم وبوضوح من قبل الكيان ، أنه غسل لليدين الأميركية في الدفاع عما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية " قسد " ، مما شكل ضربة لنتنياهو الذي كان يأمل وكيانه أن تُبقي الولايات المتحدة على التزاماتها نحو الأكراد أملاً في كيان كردي يمتد من شمال شرق سوريا إلى كردستان العراق ، وصولاً حتى إيران .

وذلك من خلفية أن يبرر الكيان الصهيوني وجوده من خلال وجود هذا الكيان الكردي . وقد وصف العديد من النخب داخل الكيان خطوة الانسحاب والتخلي الأميركي بالخيانة ، وبأنها استدارة أميركية تمهد إلى مغادرة المنطقة . وبين هلالين ، لا أعتقد أن الإستراتيجية الأميركية قد وضعت في سياستها مغادرة المنطقة وترك الكيان الصهيوني لمصيره ، والتخلي عن نتنياهو لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الكيان وحمايته .