الثبات ـ قناديل الجمعة
ثمَّة تقاطع بين الخُيلاء والخَيال، وثمة جِناس ناقص بين المحتال والمختال. أما التَّقاطع فالخُيلاء قائمةٌ على خَيالٍ جامح يُعطي صاحبُه فيه نفسَه مقاماً ومكانةً أعلى بكثيرٍ مما هو عليه ويبغي من الآخرين أن يُعامِلوه بناءً على ما خيِّل إليه عن نفسه، وينظر إليهم إن هم قصَّروا في هذا الاعتبار على أنهم أشباه مجرمين، فما لكم لا تَرونَ ما أرى ؟! وما لكم في الجَهالة بقدري ومكانتي سادرون ؟! ولا يكتفي بهذا بل إنه ليفخر بالوهم ويَتيهُ، ويمنعُه ذيَّاك الفخر والتيه عن قبول النصح والإرشاد، بل دَيْدَنُه الإعراض والتَّصعير: (ولا تصعِّر خَدَّك للنَّاسِ ولا تمشِ في الأرضِ مَرَحاً إنَّ الله لا يُحبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخور)، والمختال محتال: فهو يَحتالُ عليكَ ليُخرِجك عن مسارِ الصَّواب وإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، فأعطِهِ أكثرَ من حقه وقد يقايضك على هذا – مُتابعاً طريق الاحتيال – بالمال والشَّهوات والنَّزوات كما الشيطان تماماً إذ يُوسْوِسُ ويُسَوِّلُ ويُمنِّي ويُوهِم، فالمؤمن الحقُّ يقولُ ويَصدَعُ: (مَعَاذَ اللهِ إنَّه ربِّي أحسنَ مثواي)، والمتهاوي الضَّائع: (سنُطيعكم في بعضِ الأمر)، (أَطَعنا سَادَتنا وكُبَراءنا فأضلونا السَّبيل).
وأخيراً: دَعِ الاختيالَ والفخر به، والزم المشيَ على الأرضِ هَوْناً، وارحَمْ تُرحَم، وتَواضَع تزداد قدراً، والله يحب المحسنين.