الثبات ـ اقتصاد
تهديدات محتملة تواجهها قناة السويس المصرية، مع مضي “نيكاراغوا” في إنشاء مشروعها الملاحي الموازي لقناة بنما، ويربط المحيطين الأطلسي والهادئ، والذي قد يؤثر على إيرادات النقد الأجنبي لمصر وبنما.
ومع ظهور لاعب جديد بساحة النقل البحري، ستزيد التنافسية بين القنوات الملاحية حول العالم، لا سيما مع إحياء مشروع طريق الحرير الجديد الذي يربط الصين بأوروبا مرورا بالخليج.
وسيستدعي الأمر تدخل الدول المالكة لتلك القنوات من خلال تحسين المعايير الأساسية للمنافسة، التي تتضمن على سبيل المثال سرعة العبور وأسعار الخدمات ومرور الحاويات العملاقة.
وتمثل الإيرادات الأجنبية من رسوم الخدمات البحرية مصدراً هاماً للنقد الأجنبي سواء في مصر أو بنما حاليا، ونيكاراغوا مستقبلا.
وكانت إيرادات قناة السويس ارتفعت بنسبة 5.4 في المئة على أساس سنوي في العام المالي 2018-2019 المنتهي في يونيو/حزيران الماضي، إلى 5.9 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي.
فيما بلغت إيرادات قناة بنما نحو 2.513 مليار دولار العام الماضي، مقابل 2.316 مليار دولار للعام 2017، بارتفاع قدره 197 مليون دولار أو 8.5 في المئة، بحسب بيانات المؤسسة الوطنية للإحصاءات في بنما.
ومع تزايد حركة الشحن البحري العالمي واتساع رقعة التجارة العالمية، أصبح حلم نيكاراغوا أقرب إلى التحقيق، وستكون القناة المرتقبة التي ستربط المحيط الأطلسي بالهادئ، أكبر ثلاث مرات من مثيلتها في بنما، التي تخترق أضيق نقطة في أمريكا الوسطى.
ويعود مقترح قناة نيكاراغوا لأوائل القرن التاسع عشر، وفكرت الولايات المتحدة بإنشاء هذه القناة إلا أن شراءها قناة بنما من فرنسا في بداية القرن العشرين دفعها للتراجع عن الأمر.
لكن القرار الجاد بتنفيذ المشروع، لم يتخذ إلا في 13 حزيران 2013 بعد موافقة برلمان نيكاراغوا، وفي 2014، فازت شركة صينية بوضع تصميم قناة تربط بين المحيطين بطول يبلغ 276 كيلومترا، وبنائها وتولي إدارتها طوال قرن.
وفي تطور مفاجئ، أعلن رئيس نيكاراغوا، دانييل أورتيغا، منتصف آب الحالي، أن حكومة بلاده تتجه إلى شق قناة بحرية بين المحيطين الأطلسي شرق البلاد والهادئ غربها.
وذكر “أورتيغا” أن تكلفة القناة ستبلغ 50 مليار دولار أمريكي، وستكون أوسع وأعمق من قناة بنما، التي تعد الرابط الوحيد حاليا بين المحيطين.
وفي حال نجاح نيكاراغوا في شق القناة، فإن تأثيرات سلبية ستطال الحركة التجارية على قناة بنما، وكذلك قناة السويس المصرية.
وزاد أورتيغا: “نحن لن نتخلى عن شق القناة العظيمة بين المحيطين، بل على العكس من ذلك، نحن مصرون على الوفاء بالالتزام الذي اتخذه شعبنا”.
وذكر أن بلاده منفتحة أمام أية عروض من شركات عالمية لتولي مهام الدراسات الفنية والبيئية، والتنفيذ الفعلي للقناة، بعد اكتمال المخططات والدراسات.
وأشار إلى أن بلاده ليست بصدد منافسة قناة بنما، بل “القناة الجديدة سترفد طرق التجارة العالمية، وتعطينا مصدرا للدخل”.
ومنحت نيكاراغوا امتيازا لشركة يملكها رجل أعمال صيني، قبل 72 شهرا، للقيام بالدراسات الفنية والبيئية قبيل البدء الفعلي بتنفيذ شق القناة، وانتهى الامتياز الشهر الماضي، من دون أن تحقق الشركة أية نتائج.
وتقع نيكاراغوا في أمريكا الوسطى، ويحدها من الشمال غواتيمالا ومن الجنوب كوستاريكا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 6.2 ملايين نسمة.
تستخدم سفن وناقلات ضخمة القناة المصرية لأغراض التجارة بين شرق آسيا والأمريكيتين، بسبب عدم قدرة قناة بنما على استقبال ذلك الحجم من السفن.
وقناة السويس ممر مائي اصطناعي يربط بين البحرين المتوسط والأحمر، ويبلغ طولها 193 كيلومترا بدءاً من ميناء بورسعيد وصولا إلى مدينة السويس، مما يجعلها أطول ممر مائي بالعالم.
وتختصر القناة المسار التجاري بين كل من أوروبا وآسيا بنحو 15 يوما في المتوسط، من دون الحاجة للدوران بطول القارة الإفريقية، أي عبر رأس الرجاء الصالح.
وخلال السنوات الماضية، أعلنت هيئة قناة السويس عن عروض وخصومات للسفن والناقلات العابرة من القناة، في محاولة لتحسين عائدات القناة، ولتشجيع العبور من خلالها.
وتتوقع مصر ارتفاع إيرادات القناة من مرور السفن إلى 13.2 مليار دولار سنويا بحلول 2023، بعد افتتاح قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس/ آب 2015.
ويهدد الركود الاقتصادي العالمي حركة التجارة العالمية، وبالتالي يخفض حركة الشحن البحري، ما يقلص عوائد الممرات الملاحية.
وحذر تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من أن تداعيات الحروب التجارية العالمية وتصاعد وتيرة الرسوم الجمركية الانتقامية قد يعطل نظام التجارة العالمي الذي يدعم الطلب على النقل البحري.
وأوضح التقرير أن المخاوف من التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، إضافة إلى عدم اليقين في العلاقات التجارية بين كندا والمكسيك والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد تعطل انتعاش التجارة البحرية العالمية.