الثبات - إسلاميات
فوائد معرفة معاني الأسماء الحسنى
لله سبحانه وتعالى أسماء كثيرة وعظيمة أخبرنا ببعضها واستأثر بعلم الغيب عنده ما يشاء منها، وأمر العباد بمعرفة معاني هذه الأسماء ودعاءه بها سبحانه.
قال الله عز وجل: {وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، قال المفسر أبو السعود: "{وَلِله الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}: تنبيهٌ للمؤمنين على كيفية ذكره تعالى، وكيفية المعاملةِ مع المُخِلّين بذلك، والإلحادُ: الميلُ والانحرافُ إما بأن يسمّوه تعالى بما لا توقيفَ فيه، أو بما يوهم معنى فاسداً".
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ لِله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ".
وحثت نصوص كثيرة على ضرورة تعلم هذه الأسماء ومعرفة حقيقتها:
قال الله تعالى: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.
وبينت نصوص أخرى أنَّ حب هذه الأسماء والصفات كفيل بإدخال صاحبها الجنة، كما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}، - لمكان أسماء الله فيها - فَقَالَ: "إِنَّ حُبَّكَ إِيَّاهَا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ".
وإنَّ تعدد الأسماء لله تعالى، يقتضي زيادة تعظيم وتوقير للخالق، الذي تعبدنا بهذه الأسماء تعداداً، وإحصاءً، وتدبراً، وعملاً، ودعاءً. فقوله تعالى: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ}، يميَّز فيه بين الإيمان بالله مجرداً، وبين الإيمان به عظيماً.
قال الأصفهاني: "قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الله}.
- المقصود بقوله تعالى: {فَادْعُوهُ بِهَا}، سموه بتلك الأسماء الحسنة، ونادوه بها، ولا تدعو بمخلوق أو حادث، فإنه لا ينفع ولا يضر، فإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وإذا قصدت إلى أمر فاستخر الله، وإذا عزمت على أمر فتوكل على الله. ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يدعو بأسماء الله في مواطن كثيرة، فكان يقول: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ".
وكان صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ".
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا".
-و إحصاء هذه الأسماء ليس هو عدها، بكتابتها في رقعة أو ورقة ثم حفظها فقط، وإنما الإحصاء شيء زائد عن العد، فالعد معرفة العدد فقط، أي عدد هذه الأسماء، أما إحصاؤها الوارد في الحديث، فهو فهم معانيها، والتعبد لله بمقتضاها. ولذلك جزم العلماء أنَّ المقود من قوله: "مَن أحصاها"، أي: من عمل بها.
وقال ابن بطال المالكي رحمه الله: "طريق العمل بها (أي: الأسماء والصفات): أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم، فإن الله يحب أن يرى حلاها على عبده.. وما كان يختص بالله كالجبار والعظيم، فيجب على العبد الإقرار بها والخضوع لها، وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد: نقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد: نقف منه عند الخشية والرهبة".
لهذه الأهمية ولاستحضار معاني الأسماء الحسنى في حياتنا سنشرع بسلسلة لشرح أسماء الله الحسنى.