الثبات ـ إسلاميات
يُقال في علم الأخلاق: إن ثمة قيماً تسود سائر القيم فتُدعى بالسَّائدة، وقد يُطلق عليها السيدة، ومن هذه القيم السيدة: الوفاء، وأول وفاء يجب أن يكون للموجد، لأنه أوجدك، والوفاء له يكون بالتسليم والرضى وحسن الظن بعد التوحيد والطاعة، فهل ـ يا تُرى ـ نحن أوفياء بالقدر الذي نحقق به الحدَّ الأدنى للاتِّصاف بذلك؟
وإذ يُفقَد أو يضعُف الوفاء مع الخالق فحدِّث ـ إذاً ـ عن ضعفه بل تلاشيه مع سواه من الناس وسائر المخلوقات (جماد، نبات، حيوان ...).
فيا أيها الناس: هل من عودة إلى تبني الوفاء جدياً في مختلف علاقاتنا مع الآخر العاقل وغير العاقل، وهل تعلم يا هذا أن الأيمان وفاء، وأن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق (وفاء مع الشارع الذي تمشي به وفيه)، والحياء شعبة من الإيمان، والحياء وفاء من نوع راقٍ، لأنه حسبان من أن لا تكون على قدر المبادلة والمعاطاة.
الأزمة ـ في النهاية ـ أزمة وفاء، وما يجب قوله هنا هو أزمة الوفاء مع الوطن الذي نعمتَ بخيراته وعطاءاته، ثم أنت تقلبُ الطاولة، بل تكسرها لتقول له بحالك: ما رأيتُ منكَ خيراً قط، فتنهالُ عليه ضرباً وهتكاً وتخويفاً ودماراً، وحُجَّتك في كل ما تقوم به واهية كبيت العنكبوت، والحقيقة القابعة وراء ذلك كله: "مات الوفاء" وحلَّ محلّه الجفاء الممزوج بالخيانة.