الثبات - اسلاميات
إحسان الزوج لزوجته
خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى ولا تكمل حياة الرجل إلا بأنثى تشاطره مافي الحياة من أفراح وأحزان ولكي تكون هذه الحياة مكللة بالسعادة والتوفيق وضع الإسلام قواعد للحياة الزوجة
لم تحظَ المرأة بقدر من المشاعر الإنسانية الفياضة، والرعاية الاجتماعية والاقتصادية الكاملة في بيت زوجها كما أحاطها الإسلام، فالزوجة في نظر هذا الدين العظيم شريكة حياته، ومصدر عفته، وسكنه النفسي، وحافظة أسراره، ومن تعينه على متاعب الحياة وهمومها.. ولذلك يجب أن يعاملها معاملة كريمة وأن يبر بها ويحسن إليها، ويعمل بوصية الخالق بها في قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، فكما تحب ذلك منها، افعل أنت مثله.. كما قال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهن، ويضاحك نساءه.
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "سابقني رسول الله فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم. ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني. فقال: هذه بتلك". وكان صلى الله عليه وسلم يجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها.
وكان صلوات الله وسلامه عليه إذا صلى العشاء يدخل منزله فيسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام، يؤانسهن بذلك. والمسلم كما ونحن مطالبون بأن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع زوجته، فالله سبحانه وتعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.
وأكد الإمام الغزالي في كتابه «الإحياء» عند حديثه عن آداب معاشرة النساء، أن "من آداب المعاشرة حسن الخلق معهن، واحتمال الأذى منهن" ثم قال: "واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عن طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن آداب المعاشرة أيضاً أن يزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال".
وقال عمر رضي الله عنه "ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي. فإذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلاً"..
وكان ابن عباس رضى الله عنهما يقول: "إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي".
والآية الكريمة {وعاشروهن بالمعروف...} توضح لنا أنه لا يصح للرجال أن يسترسلوا في كراهية النساء إن عرضت لهم أسباب الكراهية، بل عليهم أن يغلبوا النظر إلى المحاسن، ويتغاضوا عن المكاره فالله تعالى يقول: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
أي: فإن كرهتم صحبتهن وإمساكهن فلا تتعجلوا في مفارقتهن، فإنه عسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله لكم في الصبر عليه وعدم إنفاذه خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة.
يقول عليه الصلاة والسلام: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم".
وإكرام المرأة يعني البر بها، وإهانتها علامة جحود وعقوق ودليل على الخسة واللؤم.. يقول عليه الصلاة والسلام: "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"..
ومن البر بالزوجة المحافظة على شعورها، وذلك بصون اللسان عن رميها بالعيوب التي تكره أن تعاب بها، فقد نهانا خالقنا عز وجل عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب والسباب.
ولذلك قال الفقهاء: "لا يجوز للزوج رمي زوجته بالعيوب، ولا ينبغي الاشمئزاز من الزوجة وإظهار النفور منها، ولتكن النظرة إليها بعينين لا بعين واحدة، فكما أن فيها عيوباً فيها محاسن ينبغي ألا تغفل وتنسى".
كما أن الزوج مطالب شرعاً بحفظ أسرار زوجته وبخاصة ما يكون من الأمور الخاصة بها والتي لا يعرفها إلا زوجها.. قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها".
هذه أخلاق النبوة التي ينبغي على كل مسلم أن يلتزمها مع زوجته ليكون متابعاً لسنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام.