الثبات - إسلاميات
علامة قبول العمل في رمضان
من الحقائق التي يجب أن يدركها كل مسلم أن الطاعة مطلوبة في كل يوم وفي كل شهر وليست مختصة بشهر رمضان فقط، فأحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه، من أجل ذلك كان الثبات على طاعة الله بعد رمضان دليل قبول الصوم.
قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّ”.
قال النووي الإمام رحمه الله: فيه الحث على المداومة على العمل وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع وإنما كان القليل الدائم خيراً من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة.
للأسف الشديد هناك من يتعامل مع شهر رمضان على أنه الشهر الوحيد بين شهور العام التي يُعبد فيها الله تعالى، وبمجرد انتهائه يعود إلى المعاصي والذنوب، لذا فعلى المسلم بعد شهر رمضان أن يستمر على طاعة الله، وأن يثبت على شرعه، وأن يستقيم دينه، وعليه أن يعلم أن رب رمضان هو رب الأشهر والأيام الأخر، وبالتالي فإذا انتهى صيام رمضان؛ فهناك صيام النوافل، كالست من شوال والاثنين والخميس من كل أسبوع وعاشوراء وعرفة وغيرها.
وإذا انتهى قيام ليل رمضان فإن قيام الليل مشروع في الليالي الأخرى، وإذا انتهت صدقة وزكاة الفطر فهناك الزكاة المفروضة وهناك أبواب أخرى كالصدقة والتطوع والجهاد، كما أن قراءة القرآن ليست خاصة برمضان بل هي في كل وقت. إذا كان الصائم قد جاهد نفسه خلال شهر الصوم فعليه بنفس الأمر بعد انتهاء هذا الشهر باعتبار أن مجاهدة النفس تلجم الشهوات وتكبح جماحها وتملك زمامها.
على المسلم بعد شهر رمضان أن يحافظ قدر استطاعته على أداء الصلوات الخمس جماعة، ولاسيما في صلاة الفجر، مثلما كان يفعل في الشهر الكريم، فالصلاة نور للمسلم في حياته وفي مماته وعند الصراط وهي بركة له في المال والأولاد.
على المسلم أن يداوم على المشاركة في أعمال البر والنفع العام، فشهر رمضان تكثر فيه أعمال الخير، ومن ذاق حلاوة عمل الخير والإحسان حري به أن يواصل مسيرته بعد رمضان، خاصة أن مثل هذه الأعمال الحسنة قد تعود بالنفع على المسلم حيث تملأ أوقات فراغه وتنتشله من الملل، كما أنها تحل كثيراً من المشكلات النفسية والاجتماعية، هذا فضلاً عن ثواب الله عز وجل.
ثبات المسلم ومثابرته على العمل الصالح بعد رمضان علامة قبول عند ربه على صيامه خلال الشهر.
من علامات القبول لرمضان أن يتبع الإنسان الحسنة بالحسنة، وبالتالي فإذا قبل الله من المسلم رمضان واستقام على طاعة الله بعد انقضاء هذا الشهر فإنه يكون في ركاب الذين استقاموا واستجابوا لله لقوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
فلنحذر من الذين يصومون رمضان ويجتهدون خلاله في عبادة الله ليعودوا بعد انقضاء هذا الشهر للمعاصي والذنوب، حيث ينطبق عليهم قول الله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون}.
لنجعل كل شهور العام رمضان، بالطاعة والبر والإحسان.