الثبات - إسلاميات
شهيد المحراب
العلامة محمد سعيد رمضان البوطي رضوان الله عليه
ولد العلامة عام 1929 في قرية تقع على ضفاف نهر دجلة وتدعى جيلَكَا .
أبوه العلامة ملا رمضان البوُطي رحمه الله تعالى، الذي هاجر إلى دمشق إثر الإجراءات التي اتخذها اتاتورك في سبيل محاربته للدين .
توفيت والدته وله من العمر ثلاثة عشر عاماً.
تقدم للخطابة وصعد المنبر ولم يكن قد تجاوز بعد السابع عشرة من عمره، وذلك في أحد مساجد الميدان القريبة من جامع منجك..
وكان لإكثاره من تلاوة القرآن الكريم في تلك الفترة الدور البارز في اهتماماته الأدبية وتمتعه بالسليقة العربية، والبلاغة التي تتجلى في أحاديثه وكتاباته.
تزوج وهو في الثامنة عشر .. وله من الأولاد ستة ذكور وبنت واحدة.
في هذه الفترة أصبح مولعاً بقراءة الكتب الأدبية لأدباء معاصرين وغابرين مثل: مصطفى صادق الرافعي، والجاحظ والعقاد والمازن.
وفي عام 1953 أتم دراسته في معهد التوجيه الإسلامي، الذي كان قد تحول حينئذ إلى معهد شرعي نظامي. وبذلك قضى ست سنوات في جامع منجك عند الشيخ حسن حبنكة.
وفي عام 1954 ذهب إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية في الأزهر..
عاد لدمشق بعد حصوله على الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة بالأزهر عام 1955.
أصبح معيداً في كلية الشريعة بجامعة دمشق، فموفداً إلى القاهرة لنيل درجة الأستاذية (الدكتوراه) في الفقه وأصوله، وكانت اطروحته كتاب (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) نال عليها مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالتبادل ..
وفي عام 1965م عين مدرساً في كلية الشريعة جامعة دمشق فأستاذاً مساعداً، فأستاذاً.
وعُين في عام 1975م وكيلاً للكلية، ثم في عام 1977م عيّن عميداً لها، ثم رئيساً لقسم العقائد والأديان. وقد بقي محاضراً حتى آخر لحظة من حياته بوصفه متقاعداً ومتعاقداً مع الجامعة.
خلال هذه الفترة وحتى عام 1981 كان بعيداً عن المحافل العامة، ومكتفياً بالحقل الأكاديمي بالإضافة إلى درسين أسبوعيين في مسجد السنجقدار يستقطب الكثير من شباب دمشق وما حولها، ثم انتقل بسبب ضيق المكان إلى مسجد تنكز فمسجد الإيمان.
ومن أبرز الأفكار التي تميز بها في مسيرته العلمية والدعوية:
- يعتب على بعض المفكرين الإسلاميين انصرافهم عن العبادات والأذكار والأوراد التي هي الزاد الأول في طريق الدعوة إلى الله.
- يناقش العمل على ترويج كلمة "الفكر الإسلامي" و"المفكرين الإسلاميين" وله في ذلك وجهة نظر معروفة.
- يتمتع بروح شفافة ... ويلاحظ هذا في كثير من دروسه ومحاضراته.
- لم يتوقف عن نصح الحاكم .. وكان له وقفات مع الحكام في سورية سراً وجهراً .. لا سيما فيما يتعلق بالصلاة في الجيش والوقوف بوجه بعض المسلسلات، وموقفه من طرد المنقبات من بعض الدوائر الحكومية معروف .. ومناهج التربية الإسلامية واللغة العربية..
من أبرز مؤلفاته:
وهي كثيرة جدا ناهزت الخمسين .. الإنسان مسير أم مخير/ منهج الحضارة الإنسانية في القرآن/ السلفية مرحلة زمنية مباركة وليست مذهب إسلامي / عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها/ منهج الحضارة الإنسانية في الإسلام/ نقض أوهام المادية الجدلية شرح وتحليل الحكم العطائية 4 مجلدات/ فقه السيرة النبوية/ كبرى اليقينيات الكونية، والعديد من مؤلفاته ترجم إلى لغات عدة.
وفيما يتعلق بالفتنة التي وقعت في سوريا
مع بداية عام 2011 اتخذ الشيخ رحمه الله تعالى ذات الموقف الذي اتخذه من أحداث الجزائر والذي كان سبباً في إيقافها، فقد كان له موقفاً واضحاً وصريحاً تفرد به عن غيره.
ابتعد فيه عن أسلوب التحريض ودأب فيه على معالجة أسباب سفك الدماء مستنداً في كل ما ذهب إليه إلى الدليل الشرعي، ووجه النصح لكلا الطرفين، فكانت فرصة لخصومه للنيل منه، وللقيام بمحاولات حثيثة لتشويه صورته، لكن الله سبحانه وتعالى أنزله المنزلة اللائقة به.
عندما اختاره شهيداً مساء يوم الخميس 21/ آذار/ 2013، في خاتمة يتمناها كل مسلم عاقل، في مجلس وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده).
عندما كان يلقي درسه في تفسير القرآن الكريم في محراب مسجد الإيمان بدمشق حيث طالته يد الغدر التكفيرية بارهابها، فاستحق لقب شهيد المحراب بعد سيدنا عمر رضي الله عنه، ودفن إلى جوار سيدنا الناصر صلاح الدين الأيوبي.