الثبات - إسلاميات
القرآن الكريم بحاجة إلى التدبر والنظر في إعجازه، هذا ما حرص عليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه.
.. {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ} سورة العلق الآية 2، هنا خص الإنسان بالذكر؟؛ لأن الإنسان هو المخاطب في هذه الآية، وهو أول من خوطب، ولكن التكليف لا يقع فقط على الإنسان، إنما يقع على الإنسان والجان، لكن الذي يستمع لهذا القرآن هو الإنسان، وكأن لفظ الإنسان واللَّه أعلم من خلال الأنس؛ ولأنه أنيس يأنس بالآخرين ويأنس بهم، فالإنسان يأنس بذكر اللَّه ليرتقي به بأخلاقه وأعماله وتصوراته وأفكاره، لذلك خص الإنسان بالذكر ها هنا ولم يذكر معه الجان لأنه أول من خوطب.
لماذا خص اللَّه سبحانه وتعالى العلق هنا؟ خص كلمة العلق لأن الإنسان بدأ يعلق، وذلك عندما كان نطفة، فالنطفة في البداية لا يشترط بها أن تثبت، ولكن عندما تثبت تتحول إلى العلق، فمن هنا جاء لفظ العلق؛ لأن فيه تعلق بهذه الدنيا وبهذا الوجود وبهذه الكيفية التي يمر بها الإنسان، ثم بعدها ينتقل إلى المضغة والتي تكون في مرحلة متقدمة، فالعلق هنا عندما يأخذ الحيوان المنوي مكانه في هذا الوجود، عندما يكون في رحم أمه، لذلك خص العلق بالذكر والله أعلم.
عندما نستمع إلى هذا القرآن الكريم نجد كل كلمة فيه وملله لدى الكثيرين من موقعها الذي وقعت به، فمن هنا لو أردنا أن نضع كلمة عربية مكانها لما أعطت نفس المعنى، ولما أدت نفس الدور، وهذه دلالة على الإعجاز في هذا القرآن الكريم، لأن الإعجاز أول ما يتناول من اللغة العربية، والتي تحدى اللَّه سبحانه وتعالى العرب أن يأتوا بمثل هذا القرآن في البداية من خلال المنطوق، قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} سورة الإسراء – الآية 88.