قال الإمامُ ابن عطاءِ الله السَكندري رحمه الله :
" إرادتكُ التجريدَ مع إقامة الله إيَّاك في الأسباب من الشَهوة الخفية ، وإرادتك الأسبابَ مع إقامة الله إيّاك في التجريد انحطاطُ عن الهمةِ العلية "
هذه الحكمة تدور على قطبين اثنين : أحدُهما ما يُسمونه التجريد ، والآخر ما يسمونه الأسباب ..فما معنى هاتين الكلمتين ؟
يتعرضُ الإنسان لحالتين اثنتين : الأولى أن يجدَ نفسه متقلبًا تحت سلطانٍ من عالم الأسباب ، فأينما تحرك وجدَ نفسه أمام أسبابٍ لا مناصَ له من التعامل معها ، فهذه التي تسمى حالة الأسباب .
والثانية : أن يجدَ نفسه معزولاً عن سلطان الأسباب ، ليس له سبيلُ إليها ، إذ تكون بعيدةً عن متناوله وعن المناخ الذي أقامه الله فيه ، وتسمى حالة التجريد .
فالمطلوبُ من المؤمن بالله السَّاعي إلى تنفيذ أوامره أن ينظر إلى الحالة التي أقامه الله فيها فيتعامل معها طبقَ تلك الحالة . أي ينبغي أن يسرعَ فيستجيب لمزاجه في التعامل مع نظام الأسباب آنًا ، والإعراض عنها آنًا آخر ، مع الرضا التَّام بالحال التي وضعه الله فيها .