السعودية - الإمارات: عودة «حرب الأشقّاء» في اليمن

الإثنين 15 أيلول , 2025 08:23 توقيت بيروت عــربـي

الثبات ـ عربي

لم يكن قرار رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» في اليمن، عيدروس الزبيدي، تعيين وكلاء للوزارات والمحافظين، إضافة إلى التهديد بإعلان حال الطوارئ، قراراً ارتجالياً، بل جاء استجابة للحاجة الإماراتية في الوقت الراهن، إلى إحداث هزّة في وجه السعودية، بعد أن تمكّنت الأخيرة من محاصرة نفوذ أبو ظبي أمنياً وعسكرياً وحتى اقتصادياً، خلال الأشهر الماضية.

خطوة الزبيدي، التي اعتبر أنصاره ومعارضوه على حدّ سواء، أنها جعلت منه رئيساً لـ»المجلس الرئاسي»، وهمّشت حضور رئيس المجلس، رشاد العليمي، ونوابه الستة، لم تسبقها أو تعقبها خطوات إضافية تتعلّق بفضّ الشراكة بين «الانتقالي» و»الرئاسي»، من مثل إعلان الطوارئ أو حتى قرارات أخرى تتعلّق بتعيينات جديدة تشمل مناصب قيادية حسّاسة، الأمر الذي يكشف عن أنها تندرج في إطار الابتزاز الإماراتي للرياض فقط، من أجل إعادة رسم خارطة النفوذ بين الدولتين مجدّداً.

وكانت أبدت السعودية امتعاضاً من قرارات الزبيدي، وسارعت إلى الدفع بقيادات «المجلس الرئاسي» إلى عدن، بالتوازي مع زيارة رئيس أركان القوات الموالية للتحالف، صغير بن عزيز، إلى حضرموت، لتفقّد قوات «درع الوطن» المدعومة سعودياً، في ما بدا تلويحاً باستخدام القوة العسكرية ممثّلة بالقوات المُشار إليها، إلى جانب ما يُسمى «الجيش الوطني». في المقابل، وفي محاولة لتجنّب الصدام، استدعت الإمارات على وجه السرعة، الزبيدي، إلى أبو ظبي، وتولّت التخاطب مع الرياض مباشرة، من أجل خروج بصيغة جديدة لتقاسم النفوذ في المحافظات الجنوبية.

ويأتي ذلك في وقت تغيّرت فيه خارطة النفوذ بشكل متسارع منذ ما بعد تشكيل «المجلس الرئاسي» في نيسان 2022، حيث كانت المناطق الجغرافية مقسّمة بين الرياض وأبو ظبي، (المناطق الشرقية من الجنوب للأولى، وتلك الغربية بالإضافة إلى الجزر للثانية).

لكنّ مواجهات آب من العام نفسه، بين الدولتين، مكّنت الإمارات عبر قوات «المجلس الانتقالي» و»العمالقة» السلفية، من تغيير الخارطة والوصول إلى آخر معاقل النفوذ السعودي في وادي حضرموت، وعلى تخوم محافظة المهرة المحاذية للسعودية وسلطنة عمان، الأمر الذي وضع المملكة بين خيارين: إما التدخّل عسكرياً مباشرة، وإمّا إعادة تشكيل القوات المحلية الموالية لها مجدّداً والدفع بها إلى مناطق النفوذ الإماراتي، وهذا ما تمّ فعلياً بعد عام تقريباً من سيطرة الإمارات على ما يقارب 90% من مساحة الجنوب، إذ شكّلت السعودية قوات «درع الوطن»، وهي قوة سلفية عقائدية، تضم 14 لواء تمّ توزيعها على أهم المناطق العسكرية في الجنوب، بدءاً من قاعدة العند في لحج مروراً بالضالع وعدن وأبين وشبوة، ووصولاً حتى حضرموت والمهرة. وتمّ ربط تلك القوات التي يقودها الشيخ السلفي، بشير المضربي، بالعليمي مباشرة، حتى يُعطي لها الشرعية في مواجهة قوات «الانتقالي» أو «أنصار الله».

وأدّى التوغّل السعودي السريع في أهم المعاقل التي كانت اعتقدت الإمارات أنها تحوّلت إلى مناطق نفوذ خاصة بها، إلى إرباك الأخيرة التي اعتبرت أن الحروب التي خاضتها عامي 2019 و2022، ضد حلفاء الرياض، وحقّقت فيها نتائج ميدانية لصالحها، بدأت تتبخّر لصالح الحضور العسكري السعودي الجديد.

غير أن الاحتكاك الأخير السعودي - الإماراتي، لم يكن فقط عسكرياً وأمنياً، بل شمل السيطرة على المؤسسات الإيرادية أيضاً، فضلاً عن خلاف حول «البرامج الإصلاحية» التي تقودها الرياض عبر رئيس حكومة عدن، سالم بن بريك، خصوصاً أن «برنامج الإصلاح» شمل قرارات تتعلّق بوقف شبكات الصرافة التي تديرها الإمارات، إضافة إلى إلزام المؤسسات الإيرادية بالإيداع في البنك المركزي في عدن، بدلاً من الإيداع في البنوك الخاصة. وجاءت تلك الخطوات على حساب شبكات النفوذ التي تديرها أبو ظبي عبر «المجلس الانتقالي»، الأمر الذي فجّر «أزمة القرارات»، في محاولة لتسجيل حضور لحلفاء أبو ظبي في وجه التغوّل السعودي.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل