الثبات ـ لبنان
تقرير المصير ومقاومة المحتل في القانون الدولي :
حق تقرير المصير هو حق اساسي من الحقوق التي كفلها القانون الدولي العام وتكفل بحمايتها. وفقا للاليات المعتمدة في القانون الدولي العام وتحديدا الامم المتحدة بما لها من سلطة للحفاظ على الامن و السلم الدولي من خلال اجهزة منظمة الامم المتحدة مثل (الجمعية العامة ومجلس الامن وغيرها .
وقد نص ميثاق منظمة الامم المتحدة على هذا الحق كما ان توصيات الجمعية العامة وقرارات مجلس الامن قد تضمن العديد منها حماية هذا الحق
وفي ديباجة الميثاق نصت الفقرة الثانية على الايمان بالحقوق الاساسية للانسان. وياتي في مقدمة هذه الحقوق حق تقرير المصير للشعوب ونصت الفقرة الاخيرة من الديباجة على ان تستخدم الاداة الدولية في ترقية الشوون الاقتصاديية والاجتماعية للشعوب جميعها .
.....
والفقرة الثانية من المادة الاولى من الميثاق الدولي نصت على انشاء العلاقات الودية بين الأمم على اساس احترام المبدا الذي يقضي بالتسوية بين الشعوب وبان يكون لكل منها تقرير مصيرها كما ان الفقرة الرابعه من المادة 2 من الميثاق نصت على ان يمتنع اعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاستقلال السياسي لاية دولة او على اي وجه اخر لا يتفق و مقاصد الامم المتحدة
عرف فقهاء القانون الدولي حق تقرير المصير بانه حق اي شعب في ان يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش من خلاله والسيادة التي يريد الانتماء اليها . باعتبار السيادة ركن اساسي من اركان تقرير المصير. هذا المبدأ عرف تطبيقه الفعلي في بيان الاستقلال الاميريكي المعلن في 4 تموز
1776
وبعدها اقرت به الثورة الفرنسية عام 1789م. ثم ورد في مبادئ الريئس ويلسون في النقاط الاربعة عشر التي اعلنها بعد الحرب العالمية الأولى وقد ورد هذا المبدأ في
المادة الثالثة
- 1 - منظمة حمورابي لحقوق الانسان صفحة رقم 1
1945
ميثاق الاطلسي عام 1941 بين الانكليز و الأمريكيين (روزفلت وتشرشل والذي انضم اليه بعد ذلك الاتحاد السوفياتي في ايلول 1941 تم التاكيد على هذا المبدا في تصريح يالطا 11 شباط وقد تضمن الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 وان يكون جميع الناس احرارا كما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية والاجتماعية الصادر عام 1966 وقد نص على المبدأ في توصيات عديدة للجمعية العامة للامم المتحدة منها التوصية رقم 421 الصادرة في 4-11-1950 وبموجبها طلبت الجمعية العامة من لجنة حقوق الانسان ان توصي حول الطرق والوسائل التي تضمن حق تقرير المصير للشعوب وكذلك الامر في التوصية رقم 545 تاريخ 25-1952 طلبت الجمعية العامة صورة الحقوق الاجتماعية والثقافية و المدنية والسياسية مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير المصير
تستند الى الميثاق ولا سيما المادة 55 منه
والاعلان العالمي الذي اعتمده الموتمر العالمي لحقوق الانسان في فيينا في حزيران 1993 وخاصة الفقرتين الثانية والثالثة من الجزء الاول من الاعلان المتعلقتين بحق الشعوب في تقرير المصير وخصوصا الشعوب التي تخضع
للاحتلال الاجنبي . تكرس هذا المبدأ تقرير المصير ) ومقاومة الاحتلال بجميع الوسائل المتاحة ومنها المقاومة المسلحة كحق قانوني مع تزايد الدول المستقلة وتشكيل كتلة دولية ضاغطة كما ورد في ميثاق باندونغ الصادر في 1955424 وقد جاء فيه الاعتراف بحق تقرير المصير وتأييد قضية الحرية والاستقلال بالنسبة للشعوب المستعمرة----
الخاص ثم جاءت التوصية قرار الجمعية العامة رقم 1514 تاريخ 119601214
بمنح الاستقلال للشعوب والاقاليم المستعمرة ثم صدرت التوصية رقم 2625 تااريخ 1970-11-24 - الذي اقرّ بوضوح حق تقرير المصير تحت عنوان اعلان مبادئ القانون الدولي الخاص بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول وفق ميثاق للامم المتحدة
كما صدرت التوصية رقم 3105 عام 1973 بشان المبادئ المتعلقة بالوضع القانوني للمقاتلين الذين يقاتلون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الاجنبي ومنح
الشرعية لعمل هولاء المقاتلين من خلال شمولهم بقواعد القانون الدولي الانساني الواجب تطبيق في النزاعات المسلحة ومعاملتهم معاملة القوى والجيوش النظامية وهو ما نصت عليه اتفاقيات جنيف للعام 1949 والملحقين بهذه المعاهدات الصادرين عام 1977
وخلال العام 1974 توصلت الامم المتحدة بعد جهود مضنية استغرقت سنين طوال الى تعريف جريمة العدوان بانها استخدام القوة المسلحة من جانب دولة ضد سلامة ووحدة الاراضي الاقليمية او الاستقلال السياسي لدولة اخرى او باي طريقة لا تتماشى مع ميثاق الامم المتحدة كما هو محدد في هذا التعريف وبذلت الامم المتحدة جهود كبيرة في سبيل وضع تحديد لظاهرة العنف في العالم والارهاب . وفرقت هذه الجهود ما بين الارهاب والمقاومة المشروعه للاحتلال وصدر في هذا المجال توصية تحت رقم 3034 تاريخ 8-2-1972 وكانت واضحة لجهة تأكيد قانونية النضال من اجل التحرير الوطني والتمييز بين هذا النضال ومشكلة الارهاب الدولي وجاء في هذا القرار بايجاز تودي الى اعمال العنف. تحث الدول على بذل عنايتها الفورية لايجاد حلول عادلة للاسباب الاساسية التي - تعيد الامم المتحدة تاكيد الحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب تحت الاستعمار والتمييز العنصري وانواع السيطرة الاجنبية الاخرى وتدعم شرعية
نضالها خصوصا نضال حركات التحرر وذلك وفقا للاغراض والمبادئ وسواها من قرارت اجهزتها ذات الصلة بالموضوع اجهزة الامم المتحدة) تدين- استمرار انکار حق الشعوب الشرعي في تقرير المصير
تدعو الدول الى الانضمام الى الاتفاقيات الدولية - - تدعم شرعية نضال التحركات التحررية بل اعتبرت ان انكار حق الشعوب الشرعي في تقرير المصير والاستقلال عمل ارهابي بحد ذاته
ثم كررت الامم المتحدة في القرار 3246 تاريخ 19741214 شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية بما في ذلك الكفاح
المسلح . وهي توكد حق جميع الشعوب الخاضعه للسيطرة غير قابل للتصرف وتقدم المساعدات المعنوية والمادية في سبيل ممارسة هنا الحق واكد القراران اية محاولة لقمع الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية والانظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وفي مؤتمر تطوير القانون الدولي الانساني المنعقد في جنيف عام 1976 اقر المؤتمر ان حروب التحرير هي حروب دولية بمعنى انها كيانات محاربة ذات صفة دولية تطبق جميع القواعد والمبادى الدولية السارية بين الدول وان حركات التحرير هي
وقد عرف القانون الدولي الاحتلال بأنه مرحلة من مراحل الحرب تلي الغزو مباشرة وبالتالي هو جريمة عدوان وعمل غير مشروع وان مبادئ القانون الدولي تؤكد : ان الخطأ لا يرتب حقا فالحرب خطأ جسيم ولا يرتب حق احتلال اقليم دولة اخرى
لان الحرب عمل باطل "قانونا وما بنى على باطل فهو باطل
ان الاحتلال حالة واقعية وليست حالة قانونية وهي تنتهي حتما بانسحاب قوات الاحتلال سواء بالحرب او المقاومة او بعقد معاهدة سلام
ان النصر لا يوجد حقوقا وانه لا ثمار للعدوان .
ان الاحتلال يعتبر انتهاكا لسيادة وسلامة اراضي الدولة المحتلة ومخالف للميثاق ويتعارض مع نص المادة 2 الفقرة رقم 4 ليتضح ان الاحتلال أصبح غير مشروعا في القانون الدولي ليترتب عليه ثبوت الحق المشروع في مقاومة هذا الاحتلال
مع توافر بعض الشروط :
ان يكون هناك احتلال
2 ان يقوم باعمال المقاومة افراد من الشعب المحتلة ارضه 3 ان تتم اعمال المقاومة ضد قوات الاحتلال
4 ان تكون اعمال المقاومة داخل الاراضي المحتلة
ويعطي علماء القانون الدولي كأمثلة على ذلك حركة المقاومة التي اعلنها الجنرال ديغول, كما تشكلت حركات مقاومة لتحرير اوروبا بأسرها هذا الاحتلال النازي الحلفاء باقامة قيادة عليا في لندن امدها الحلفاء وخاصة الرئيس الاميركي
وسمح
الجنرال ايزنهاور ورئيس حكومة بريطانيا بشتى انواع الدعم . هذه التجربة كانت اقرار من الدول الكبرى بمشروعية المقاومة وتكريسا" لقواعد القانون الدولي التي تعترف بمشروعية عمل المقاومة ضد الاحتلال ولكل نزاع او احتلال ظروفه ومعطياته التي قد لا تتطابق مع احتلال آخر مثلا على ذلك فأن الاحتجاجات السلمية حررت الهند الا هناك صراعات لا يمكن حلها الا بالكفاح المسلح مثل قضية فلسطين والاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان حيث اثبتت الطرق السلمية والمفاوضات فشلها في حل هذه المسألة وانسحاب العدو من الأراضي التي يحتلها وعندما يكون الخيار بين الاستسلام او المقاومة ولما كان الاستسلام ليس خيارا" بقدر ما هو خضوع واذعان يبقى الخيار هو التعبير عن ارادة حرة وهذه الارادة لا تتجسد الا بالمقاومة
ولما كانت للمقاومة انواع كثيرة يبقى خيار المقاومة المسلحة هو الانسب وهو ما يحصل في فلسطين ولبنان فاذا كانت الدولة المحتلة تمارس ارهاب الدولة بجميع فئاته من قتل وتدمير وقصف وقتل المدنيين ورفض تطبيق الفانون الدولي الانساني على الناس الذين فرض هذا القانون حمايتهم فور نشوء النزاع المسلح تصبح المقاومة المسلحة الخيار الانسب لمواجهة هذا العدو المجرد من الانسانية ويقوم باعمال تخالف جميع الشرائع الدينية والانسانية والدولية ان ما تقوم به اسرائيل هو ارهاب الدولة التي تنفذه اجهزة مختصة او تحاول تبريره بشتى الظروف والوسائل ولما كان القانون الدولي لم يضع تعريفا موحدا" للارهاب فان دولة العدو تنفد من هذه الثغرة لتنفيذ شتى انواع الارهاب منذ الجرائم التي ارتكبتها منظمة الهاجاناه ومنظمة شتيرن وتحولت فيما بعد الهاجاناه الى جيش نظامي, منذ ثلاثنيات القرن الماضي وان تعداد جرائم اسرائيل منذ ما قبل قيامها في العام 1948 يلزمه صفحات كثيرة
لايرادها جميعا بحق السكان الأصليين للبلاد او البلاد المجاورة لفلسطين
وقد اكدت قرارات وفتاوى واجتهادات المحاكم الدولية وخاصة محكمة العدل الدولية التابعة لمنظمة الامم المتحدة والتي يعتبر نظامها الاساسي جزءا من ميثاق الامم المتحدة ان الاعمال التي تقوم بها اسرائيل في فلسطين المحتلة اعمالا غير قانونية يتوجب على الدولة ازالتها والامتناع عنها من تهجير وتدمير وقتل وبناء وغيرها من الاعمال وقد اصدرت هذه المحكمة عدد من الفتاوى والقرارات منها ما يتعلق بتغيير الأوضاع في الاراضي المحتلة المدنية المقدسة : القدس والجدار العازل الذي بني على اراضي فلسطنية واعمال الابادة المنظمة التي ترتكب بحق الفلسطنيين. وآخر هذه القرارات القرار الصادر يوم الجمعة الموافق 19 حزيران 2024 واقرت المحكمة بالاجماع ان القضية المعروضة امامها تشكل مسألة قانونية " نظرت بها وبالطعون التي قدمتها دولة الاحتلال, وانتهت الى اعتبار ان اعمال الاحتلال اعمال باطلة يجب ايقافها والتعويض عنها للشعوب المحتلة
واعتبرت المحكمة ان اسرائيل تنتهك قواعد القانون الدولي وجميع اتفاقيات جنيف
واتفاقيات لاهاي واما لجهة المحكمة الدولية الجنائية (نظام روما) فأنها قبلت الاستدعاء المقدم من عدة دول بخصوص الجرائم الدولية التي تنظر بها المحكمة وفقا لنظامها الاساس وهي اربع جرائم: جريمة الابادة والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان فأنها قبلت الدعاوى المقدمة لكنها بحاجة الى تعاون الدولة المعتدية لاجراء التحقيقات اللازمة كما ان الالية الدولية الموضوعية لهذه المحكمة
وتحكم قرارات مجلس الامن في ادعائها و ارتهان قرارات مجلس الامن للدول العظمى يجعل عملها بطيئا وغير فعال علما انها تحاكم عن الجرائم الدولية بناءا على المسؤولية الجنائية الفردية .
والفقه الدولي يرى ان الغطاء الذي توفره الدول الكبرى لدولة الاحتلال ادى الى امتناعها عن تنفيذ جميع قرارات الشرعية الدولية وهذا الوضع الدخل الوهن الى عمل المنظمة الدولية وجعلها في كثير من الاحيان تكيل في قضية واحدة بمكيالين وهذا جعلها رهينة الدول العظمى بدل ان تكون السلطة الاساسية المعنية بالسلام والامن الدولي وفقا لميثاقها ايفاء للجهود الكبيرة التي بذلت في سبيل قيامها كما ان الفقه الدولي اعتبر ان النزاع المسلح بين دولة احتلال وحركة تحرر اعتبره نزاعا دوليا" (1)
وفيما يتعلق بالسلاح يعتبر سلاح حركات التحرر حركات المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الاجنبي مثل حزب الله في لبنان تعتبر بمثابة الجيوش للدول المحتلة اراضيها . هذا يعني أن سلاح المقاومة هو سلاح رسمي مثل سلاح الجيش فهل تقوم دولة بنزع سلاح جيشها ارضاء لرغبة دولية او محلية ؟؟؟؟؟؟(
انه صراع ما بين قوة الحق وحق القوة ومهما بلغ التفوق التقني والتكنولوجي وضراوة الاسلحة الذي يمتلكها العدو لا بد من وجود نقاط ضعف يمكن من خلال تحييد بعض أو كل اسلحته ومهما بلغ هذ الفارق بالتسلح الا ان المقاوم المؤمن بقضيته والواثق بنفسه قادر ان يحدث فرقا وان يحرز نصرا" وخير دليل تلك المعارك التي استمرت ستة وستين يوما استعملت جميع اصناف الاسلحة فيمواجهة مئات من المقاومة لم يستطع خلالها العدو ان يسيطر على شبر من الاراضي جاءت جميع اعماله واحتلاله بعد اعلان وقف اطلاق النار الذي التزمت به المقاومة اللبنانية سيطرة فعلية الا ان العدو وكعادته لا يلتزم بوعود او قرارات وانه مجرد من الصفات الانسانية ومن يتحدث عن ضمانات وغيرها كمن يتحدث عن سراب, وان قتال المقاومة في الجنوب ودفاعها عن الحدود غير مصنف عسكريا ولن يجد له تصنيفا" في الاجل القريب الى ان يضع له الخبراء تعريفا خاصا به لا بل انه من الاعمال الخارقة التي لم يحصل لها مثيل من قبل
بعلبك في 2025/8/5
الدكتور محمد سامي عبد الحميد, قانون الحرب, دار المطبوعات الجامعية, الاسكندرية و الطبعة الثانية عام 2004 ص 26 وما
بعدها
2 المرجع السابق ص 81 وما بعدها
د . أحمد مصطفى سيف الدين