علماء إيرانيون يرصدون إشارات كونية عمرها 12 مليار سنة

الأربعاء 06 آب , 2025 10:28 توقيت بيروت منــوّعــــات

الثبات ـ منوعات

رصد فريق بحثي دولي بقيادة علماء إيرانيين إشارات كونية تعود إلى أكثر من 12 مليار سنة، تعد من أقدم الآثار المعروفة للكون.

وتظهر نتائج الدراسة أن المجرات النجمية الأولى، التي تشكلت فيما يعرف بـ"الظهيرة الكونية"، كانت محاطة بهالات من الأشعة الكونية عالية الطاقة، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم بدايات تشكل الكون وتطوّر المجرات.

وبحسب وكالة مهر الايرانية نقلًا عن مركز أبحاث العلوم الأساسية، قام فريق من علماء الفلك بقيادة هذا المركز، وبمشاركة علماء من "المعهد بين الجامعي لعلم الفلك القائم على البيانات" وجامعة أكسفورد، بدراسة عينة من المجرات البعيدة التي تم رصد إشعاعها الراديوي باستخدام تلسكوب "ميركات" الراديوي. يُعد "ميركات" النموذج الأولي لأكبر مرصد راديوي في العالم، وهو "مصفوفة الكيلومتر المربع" (SKA). وتتيح هذه الدراسة لأول مرة إمكانية مقارنة الطيف الراديوي، وشدة المجال المغناطيسي، ومعدل تشكل النجوم في المجرات، خلال فترة كان فيها عمر الكون أقل بـ9 إلى 12 مليار سنة من اليوم.

ومن أبرز الأسئلة الجوهرية في علم الفلك: كيف تشكلت المجرات في الكون وتطورت؟ للإجابة على هذا السؤال، ينبغي للعلماء الحصول على معلومات من المجرات التي تبعد عنا مليارات السنين الضوئية. معظم معرفتنا بالمجرات تأتي من إشعاعاتها التي تتراوح من الراديوية إلى أشعة غاما. وتُظهر المشاهدات في الضوء المرئي أنه بعد فترة تُعرف بـ"الظهيرة الكونية" (قبل 10 إلى 11 مليار سنة)، بدأ معدل تشكل النجوم في المجرات بالتراجع التدريجي. ومع ذلك، فإن الاعتماد فقط على الإشعاع البصري قد يؤدي إلى تحيّز في فهمنا. فالإشعاع الراديوي، نظرًا لطوله الموجي الكبير وعدم تأثره بالغبار بين النجوم، يوفّر معلومات دقيقة عن الكون البعيد.

وقال البروفيسور روس تايلور، الباحث الرئيسي في مشروع MIGHTEE (الاستكشاف الراديوي الطبقي للمجرات خارج مجرة درب التبانة): "هذا ما دفعنا إلى رصد عدة مناطق من السماء بعمق باستخدام تلسكوب MeerKAT في جنوب إفريقيا". يقع هذا التلسكوب على بعد 90 كيلومترًا من بلدة كارنارفون في إقليم كيب الشمالي، ويعد من النماذج الأولية لمصفوفة SKA.

وقالت الدكتورة فاطمة طباطبائي، من مركز أبحاث العلوم الأساسية، ورئيسة الفريق البحثي: "سابقًا، أظهرت رصداتنا الراديوية للمجرات القريبة عند أطوال موجية مختلفة أن الإشعاع الراديوي بين 1 و10 غيغاهرتز يمثل أداة قوية لقياس معدل تشكل النجوم. أما الآن، فإن مسح MIGHTEE، بالتكامل مع المسوحات الراديوية الأخرى، أتاح لنا توسيع نطاق دراستنا ليشمل 160 مجرة بدائية تعود لفترة الظهيرة الكونية وما بعدها".

وقالت الباحثة مريم خادمي من المركز نفسه: "تحليلاتنا الدقيقة أظهرت أن الطيف الراديوي لهذه المجرات يتغير مع معدل تشكل النجوم، وهذا قد يحمل دلالات مهمة لفهمنا للمجرات النجمية الأولى".

ويُعزى الإشعاع الراديوي في نطاق 1 إلى 10 غيغاهرتز أساسًا إلى إشعاع السينكروترون، الذي تنتجه الإلكترونات عالية الطاقة (الأشعة الكونية) أثناء حركتها الحلزونية في المجالات المغناطيسية بين النجوم. تفقد هذه الأشعة طاقتها بشكل أسرع عند وجودها في مجالات مغناطيسية أقوى. لكن الطيف الرصدي للمجرات البدائية يظهر أن الأشعة الكونية في المجرات ذات معدلات تشكل نجوم أعلى ومجالات مغناطيسية أقوى، قد اكتسبت طاقة أكبر. هذا اللغز يمكن تفسيره فقط إذا كانت هذه الأشعة الكونية تكتسب الطاقة من خلال آلية تُعرف بـ"المرايا المغناطيسية"، أو تنفصل عن المجال المغناطيسي وتخرج مع الرياح والجريانات الخارجية إلى البيئة المحيطة.

وقالت الأستاذة طباطبائي: "يمكن أن يحدث هذا فقط في حال كانت المجالات المغناطيسية في هذه الأنظمة شديدة التشابك والاضطراب، إذ تؤدي هذه الفوضى إلى تسريع الأشعة الكونية إلى مستويات طاقة أعلى، ثم تنتشر وتنفصل عن المجال المغناطيسي. لذلك من المتوقع أن تكون المجرات في عصر الظهيرة الكونية محاطة بهالات من الأشعة الكونية عالية الطاقة. وهذا النمط أيضًا يفسّر الفائض في الإشعاع الراديوي مقارنةً بالإشعاع تحت الأحمر، والذي لوحظ في هذه العينة".

وقد نُشرت نتائج هذا البحث في مجلة Astrophysical Journal تحت الرقم:
DOI: 10.3847/1538-4357/ade233


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل