الثبات ـ دولي
أعربت الأمم المتحدة عن "قلقها البالغ" إزاء أعمال العنف في العاصمة الليبية طرابلس، حيث يسود هدوء حذر بعد 72 ساعة من القتال العنيف الذي دار داخل الأحياء السكنية بين القوات الموالية للحكومة والجماعات المسلحة المنافسة لها.
ودعت المنظمة الدولية للهجرة في بيان لها إلى "وقف فوري للقتال لضمان سلامة المدنيين ورفاههم بموجب القانون الدولي الإنساني".
وأبدت المنظمة قلقها "جرّاء التصعيد الأخير للعنف في طرابلس"، وقالت: "نحن قلقون أيضاً من حشد الجماعات المسلّحة في المناطق المحيطة".
احتمالات معركة طويلة ومدمرة
وقالت كلوديا غاتزيني من مجموعة الأزمات الدولية في تصريح لوكالة (فرانس برس)، إنّ "تعزيز هذه الاشتباكات لسلطة (عبد الحميد) الدبيبة أو تقويضها هو سؤال إجابته مفتوحة".
فيما أفاد الخبير جلال حرشاوي، بأنّ "الوضع الحالي أكثر خطورة من أعوام 2011 و2014 و2019"، وذلك بسبب "تسلل عدد متزايد من الفصائل المسلحة إلى وسط طرابلس"، بحسب حرشاوي.
وأشار إلى أنّ فشل الدبيبة وحلفائه في تحقيق "نصر سريع" ضد الردع قد يؤدي إلى "معركة طويلة ومدمرة".
في غضون ذلك، أعلنت تركيا الداعمة لحكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، أنها تستعد لإجلاء أي رعايا يرغبون في ذلك من العاصمة الليبية.
وفي حين ساد الهدوء شوارع العاصمة، يوم الأربعاء الماضي، بعد إعلان وقف إطلاق النار، أغلقت المدارس وجامعة طرابلس أبوابها، كما أغلق مطار معيتيقة، المرفق الجوي الوحيد الذي يخدم العاصمة. فيما بقيت أبواب العديد من الشركات والمؤسسات مغلقة، باستثناء عدد قليل من متاجر البقالة المحلية، بحسب ما ذكرت وكالة (فرانس برس).
وكانت الاشتباكات قد بدأت، ليل الاثنين الماضي، مع إطلاق "اللواء 444" التابع لوزارة الدفاع الحكومية، عمليات عسكرية استهدفت "جهاز دعم الاستقرار"، وأدّت الى مقتل رئيسه عبد الغني الككلي، القيادي الأبرز للمجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مهمة في طرابلس منذ العام 2011.
واستمرت المعارك حتى يوم الثلاثاء بين قوات الككلي ومجموعات موالية للدبيبة، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل، بحسب مصادر رسمية.
ورغم توقف الاشتباكات، حذّر جهاز دعم الاستقرار في بيان له، أمس الخميس، من أنّ مقتل قائده لن يزيده "إلا عزماً على ملاحقة المتورطين بلا هوادة، أينما كانوا".
وبحسب عائلته، فإنّ الككلي قُتل بالرصاص في "كمين" عندما توجه إلى ثكنة تابعة للواء (444).
الدبيبة يعلن عن قرار للقضاء على المجموعات غير النظامية
وعقب مقتل القيادي الككلي البارز وهروب حلفائه الرئيسيين، تحدث الدبيبة عن "خطوة حاسمة نحو القضاء على المجموعات غير النظامية، وترسيخ مبدأ أنه لا مجال في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة".
ويرى خبراء أنّ الدبيبة يحاول استعادة السيطرة بعد سنوات من تساهل حكومته مع الجماعات المسلحة العديدة التي تتقاسم طرابلس ومؤسساتها الرئيسية.
من جهته، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إنّ "ليبيا باتت تعترف باختصاص هيئته التي تحقّق في جرائم ضد الإنسانية يُشتبه بأنها ارتُكبت على أراضيها منذ العام 2011".
وجاء في تصريح لخان: "أرحب بشجاعة وريادة وقرار السلطات الليبية" بعد إرسالها إعلاناً رسمياً بهذا الصدد في ما يتّصل بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة منذ 2011.
وفي إشارة إلى استمرار التوترات، تعرّض مساء الأربعاء الماضي، سكان حي أبو سليم في جنوب العاصمة، والذي يُعد معقلاً لجهاز دعم الاستقرار المستهدف من الاشتباكات، لإطلاق نار كثيف لتفريقهم أثناء تحرك أمام مقر اللواء (444) للمطالبة برحيل عناصره من المنطقة.
وأثارت قرارات حل وإعادة تشكيل أجهزة أمنية مرتبطة بجهاز الردع ضجة في معقله سوق الجمعة في شرق طرابلس، حيث خرجت مظاهرة شارك فيها المئات مساء الأربعاء، رددوا خلالها شعارات تطالب برحيل الدبيبة.
وأصدر رئيس الحكومة في طرابلس قراراً بإعادة تشكيل أجهزة أمنية بما في ذلك حل "إدارة العمليات والأمن القضائي" وهو تشكيل يتبع وزارة العدل، ويُعد أحد الأذرع الموالية لجهاز الردع.
وكانت وزارة الدفاع في حكومة الدبيبة أعلنت "وقف إطلاق النار على جميع الجبهات لحماية المدنيين والحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع المزيد من التصعيد"، ونشرت قوات في العاصمة لضمان عودة الهدوء.
من جانبه، أمر المجلس الرئاسي الذي تتبع إليه قوات الردع بوقف "فوري وغير مشروط" للقتال ولـ"استخدام السلاح في المناطق المدنية".
ويتمركز جهاز الردع المصنف من أقوى التشكيلات المسلحة في قاعدة طرابلس الجوية، والتي تضم مطار معيتيقة الدولي وسجن طرابلس الذي يعد الأكبر في العاصمة. ويسيطر الجهاز على الجزء الشرقي للعاصمة كما يفرض سيطرته على عدد من المقرات الحيوية في طرابلس.