الثبات ـ لبنان
بعد سنوات من التأجيل والتسويف أُعلن أخيراً عن دعوة الهيئات الناخبة للمشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية والتي من المقرّر أن يتم إجراؤها في مواعيدها المحدّدة في شهر أيار المقبل.
وبحسب أرقام حديثة لـ«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» (UNDP)، يوجد في لبنان1059 بلدية تضم 12,744عضواً. وبعد الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2016، أصبحت 108 بلديات منها منحلّة، بحكم فقدان نصف أعضائها، بالوفاة أو بالاستقالة، ويقوم بإدارتها القائمقام أو المحافظ، وهي تشكل ما نسبته 10% من عموم البلديات.
انتهت الولاية الممدّدة للمجالس البلدية في لبنان في 31 أيار 2023، ونتيجة الظروف التي مر فيها لبنان في المدة الماضية، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية لإنجاز هذا الاستحقاق، مدّدت ولاية هذه المجالس إلى عام 2025.
سنتتطرق بإسهاب في ما يأتي إلى لمحة سريعة عن البلديات.
نشأة البلديات:
تعود فكرة إنشاء البلديات إلى العهد العثماني، إذ كانت أول بلدية في دير القمر عام 1864، وطُوّرت هذه المجالس في عهد المفوض السامي الفرنسي عند إنشاء «دولة لبنان الكبير» عام 1920. ثم صدرت أنظمة بلدية عام 1922 تحدد أصول إنشاء البلديات.
تُدار البلديّات بموجب قانون أُقرّ عام 1977 وعُدّل عام 1997. عام 2001، طُرح مشروع قانون، لكنّه لا يزال قيد الدرس في مجلس النواب حتّى الآن.
ينصّ البند الأوّل من المرسوم التشريعي رقم 118 الصادر في 30 حزيران عام 1977 على أن البلدية هي إدارة محلية تمارس صلاحياتها ضمن نطاقها الجغرافي المحدد قانوناً، وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، وتتبع جميع البلديات لسلطة وزارة الداخلية والبلديات.
تكوينها:
يتراوح عدد أعضاء المجلس البلدي، بحسب نص المادة 9 من القانون البلدي والاختياري، بين 9 أعضاء و24 عضواً، بحسب عدد السكان الموجودين في كل بلدة.
- عدد البلدات والمدن والقرى اللبنانية: 1,436 مدينة وبلدة وقرية.
- عدد البلديات: 1,059 بلدية.
- عدد أعضاء المجالس البلدية: 12,744 عضواً.
- عدد المخاتير: 3,080 مختاراً.
- عدد أعضاء المجالس الاختيارية: 4,101 عضو.
- عدد البلديات المؤلفة من 9 أعضاء: 442 بلدية.
- عدد البلديات المؤلفة من 12 عضواً: 260 بلدية.
- عدد البلديات المؤلفة من 15 عضواً: 284 بلدية.
- عدد البلديات المؤلفة من 18 عضواً: 51 بلدية.
- عدد البلديات المؤلفة من 21 عضواً: 20 بلدية.
- بلديتا بيروت وطرابلس تضم كل منهما 24 عضواً.
تتألف البلدية من سلطة تنفيذية ممثلة برئيس البلدية، وسلطة تقريرية ممثلة بالأعضاء، ولكل منهم مهماته. أما في ما يخص الرقابة، فإنهم يخضعون لرقابة القائمقام والمحافظ ووزير الداخلية.
ولايتها:
تعد الانتخابات البلدية والاختيارية الاستحقاق الديموقراطي الثاني بعد الانتخابات النيابية. تبلغ ولاية هذه المجالس 6 سنوات، خلافاً لولاية البرلمان التي تبلغ 4 سنوات.
شهد لبنان في تاريخه الحديث حتى الآن 6 انتخابات للمجالس البلدية في الأعوام 1952 و1963 و1998 و2004 و2010 و2016، والآن 2025.
وللمفارقة، لم يتم الالتزام بولاية الست سنوات إلا في انتخابات 2004 و2010 و2016، في حين كانت المجالس الأخرى تشهد تمديداً لولاياتها، وفقاً لظروف كل مرحلة،
وأطول تمديد عرفته البلديات كان بين مجلسَي 1963 و1998 بسبب أحداث الحرب الأهلية، إذ صدر حينها نحو 21 قانوناً يقضي بالتمديد للبلديات والمخاتير، وبعضها بمفعول رجعي، كان آخرها عام 2022، حين انتهت ولاية المجالس البلدية والاختيارية المنتخبة عام 2016، ومدّدت حتى 31 أيار 2023، ثم إلى أيار 2025، بحجة الأوضاع المالية والسياسية.
مواردها:
تؤمّن البلديات مواردها المالية من استيفاء الرسوم البلدية مباشرة من سكانها، ومن رسوم الدولة والمساعدات والقروض وحاصلات الأملاك العامة البلدية وغيرها. لكن البلديات عموماً، وتحديداً بعد الانهيار الذي عصف بلبنان منذ عام 2019، تعاني من شح مالي كبير، وبعضها يشكو من العجز، ما أعاق تأدية دورها الإنمائي وغيّب المشاريع نتيجة تراجع الإقبال على المناقصات التي تعلنها.
تختلف البلديات في تقييم وضعها المالي ومدى كفاية مواردها المالية للقيام بالمهمات البلدية، وكثير منها تعتقد أن مواردها المالية كافية، بينما ترى بلديات أخرى أن العائق الأساسي أمام عملها ماليّ.
قد يفسر هذا الاختلاف في تقييم الواقع المالي للبلديات بحجم البلدية، إذ إن البلديات الكبيرة قد تعاني أكثر من البلديات الصغيرة بسبب حجم الخدمات والمشاريع التي تنفذها إلى جانب عدد موظفيها. قد يرتبط أيضاً بنوع المشاريع التي تقوم أو تنوي القيام بها. يشير أحد رؤساء البلديات إلى أن موارد بلديته كافية لتنفيذ أعمال الصيانة والبنى التحتية، ولكنها لا تكفي لتنفيذ خطة مستقبلية أو مشاريع إنمائية.
بين عجز الدولة ولزوم استمرارية البلديات ومجالسها، تجب إعادة دور هذه المجالس لتؤدي مهماتها في إعادة إحياء المناطق من جديد، خاصة بعد العدوان الأخير على لبنان والتبعات الكبيرة التي خلفها، إضافة إلى مهمات كثيرة على البلديات الإشراف عليها من إعادة الإعمار إلى أزمة النازحين السوريين، وما يترتب على ذلك من ضغط إضافي تتعرض له تلك المناطق وسياسة احتواء الأعداد الكبيرة النازحة.
هذه المعوقات كلها ترتب مجهوداً إضافياً وتمويلاً يجب توافره. لذا يجب إتمام هذا الاستحقاق المهم والأساسي وتأمين التمويل الكافي من أجل تفعيل العمل البلدي وفقاً للأصول. فهل ستشهد البلاد تكاملاً في المشهد السياسي من انتخاب رئيس للجمهورية إلى تشكيل الحكومة، ثم إتمام الاستحقاق البلدي ولاحقاً النيابي؟
أماني المقهور