الثبات ـ دولي
أفاد استطلاع "غالوب" للرأي، اليوم الأربعاء، بأنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تُبدي دعماً قوياً لبروكسل البلجيكية، ولا تفضل أن تتولى أي دولة أخرى غير بروكسل قيادة الاتحاد، حتى لو كانت الولايات المتحدة الأميركية.
وأظهر الاستطلاع أنه "لا تزال صورة الاتحاد الأوروبي قوية بين الدول الأعضاء، حيث يُقيّم سكان الاتحاد قيادته بأعلى من قيادات ألمانيا والولايات المتحدة، بل وحتى بلدانهم".
وأشارت أحدث بيانات "غالوب" إلى أنّه في العام 2024، لم تُفضّل أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي قيادتها أو قيادة واشنطن على بروكسل، بينما فضّلت دولة واحدة فقط قيادة برلين.
وحظيت قيادة الاتحاد الأوروبي بنسبة تأييد متوسطة بلغت 62%، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة 53% لألمانيا، و35% للولايات المتحدة، و46% لبلدانهم.
وقد يُعطي التأييد القوي للاتحاد الأوروبي بين سكانه، بروكسل الثقة في القيام بدور أكثر حزماً في الشؤون العالمية، وتنسيق الاستجابات للصراعات مثل أوكرانيا، وتعزيز دفاعات أوروبا في عام 2025 وما بعده.
وفي السابق، لم تتمتع قيادة الاتحاد الأوروبي دائماً بهذا المستوى من الشعبية النسبية. ففي عام 2010، عبّر الناس في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي عن موافقة مماثلة تجاه الاتحاد 47%، والولايات المتحدة 49%، وألمانيا 53%.
ولكن بدءاً من عام 2012 (عندما كان متوسط الموافقة على الاتحاد الأوروبي 40%)، ارتفعت نسبة الموافقة على بروكسل بشكلٍ مطرد، وظلّت عند 60% أو أعلى منذ عام 2019.
تذبذب في الآراء حول القيادة الأميركية لبروكسل
على مدى العقد ونصف العقد الماضيين، تراوحت صورة القيادة الألمانية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي بشكلٍ ضيّق بين 50% و61%، بما في ذلك في العام الأخير من ولاية المستشارة أنجيلا ميركل. وقد شهدت تقييماتها انخفاضاً منذ مغادرة ميركل لمنصبها.
ولفت التقييم إلى وجود تذبذب في الآراء حول القيادة الأميركية بشكلٍ كبير من إدارة إلى أخرى. ففي عهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، كان متوسط تأييد واشنطن في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي قريباً من تأييد بروكسل، قبل أن يتباعد خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى.
وبينما انتعشت نسبة تأييد الولايات المتحدة إلى حدٍ ما في عهد الرئيس جو بايدن، ظلّت فجوة التأييد بين بروكسل وواشنطن عند 27 نقطة مئوية في العام الماضي (قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض هذا العام).
كما ارتفعت نسبة تأييد القيادة الوطنية في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تدريجياً، على مدى السنوات الـ15 الماضية. وهي الآن تبلغ 46%، أي أعلى بعشر نقاط من المتوسط في عام 2010، وأعلى بشكل ملحوظ من متوسط تأييد القيادة الأميركية.
ومع ذلك، فقد تخلف هذا المعدل باستمرار عن موافقة السكان على قيادة ألمانيا وبروكسل، ولم يرتفع بالقدر نفسه الذي ارتفع به الأخير منذ عام 2010، وفق "غالوب".
وعلى مدار معظم العقد الماضي، حظيت قيادة الاتحاد الأوروبي بتأييد أغلبية الدول الأعضاء باستمرار. ولكن في عام 2024، بلغ هذا الدعم مرحلةً حاسمةً: لم تُبدِ أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي تأييداً أكبر لقيادتها الوطنية، أو لواشنطن، مما عبّرت عنه لبروكسل.
تغييرات ملحوظة في نسبة تأييد الاتحاد الأوروبي
في العقد الذي سبق جائحة "كورونا"، صنفت دول مثل الدنمارك والسويد وهولندا قيادتها عادةً على أنها أعلى من قيادة بروكسل بست نقاط على الأقل.
ومع ذلك، في العام الماضي، فضّلت 22 دولة من أصل 26 دولة في الاتحاد الأوروبي، بروكسل على قيادتها الوطنية، بينما أظهرت الدول الأربع المتبقية - أيرلندا وألمانيا والدنمارك وسلوفاكيا - موافقة متساوية على كلتيهما.
ومن بين هذه المجموعة الأخيرة، اتخذت سلوفاكيا موقفاً حازماً بشأن حرب أوكرانيا. فبعد اجتماع متوتر بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض، تعهد رئيس الوزراء روبرت فيكو بعدم تقديم أي مساعدات عسكرية أو مالية أخرى لأوكرانيا.
ومع ذلك، في قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، أيد فيكو قراراً بشأن دفاع أوكرانيا، ولم يبق سوى فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، معارضاً. في العام الماضي، وافق 35% من المجريين على قيادتهم، بينما فضل 44% بروكسل.
وخلال العامين الماضيين، فضّلت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي - باستثناء بولندا، التي كانت الموافقة فيها متعادلة - بروكسل على واشنطن.
وشهدت شعبية القيادة الأميركية داخل الاتحاد الأوروبي تحولاً خلال السنة الأولى من ولاية ترامب عام 2017.
أما في عام 2016، فكانت تقييمات القيادة متقاربة، حيث أيّدت 10 دول من الاتحاد الاتحاد الأوروبي، و9 دول أيّدت الولايات المتحدة (و8 دول متعادلة).
ولكن، منذ ذلك الحين، لم تكن هناك سوى دولة واحدة من دول الاتحاد الأوروبي تنظر إلى واشنطن بإيجابية أكثر من بروكسل، بحسب "غالوب".
وفي الآونة الأخيرة، صرّحت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس بأنّ "العالم الحر بحاجةٍ إلى قائدٍ جديد"، وأن الأمر متروكٌ للأوروبيين لتولي زمام الأمور.