أصول تنظيم التجمعات الشعبية الحاشدة: هل ستتحمّل الدولة «أكبر المسؤوليات»؟

الجمعة 21 شباط , 2025 08:21 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

«لقد شرّفني السادة النواب بانتخابي رئيساً للجمهورية اللبنانية، وهو أعظم الأوسمة التي أحملها وأكبر المسؤوليات»، قال الرئيس جوزف عون في خطاب القسم في مجلس النواب.

وقد يكون يوم الأحد المقبل مناسبة لتحمله، مع رئيس الحكومة نواف سلام والحكومة، «أكبر المسؤوليات». إذ يُتوقّع أن يشهد هذا اليوم التاريخي أكبر تجمع جماهيري في تاريخ لبنان. وهو يوم حزين يعبّر خلاله مئات الآلاف عن آلامهم بعد اغتيال العدو الإسرائيلي الأمينين العامين لحزب الله السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.

مسؤولية حُسن تنظيم هذا التجمّع الشعبي الحاشد لا تقتصر على حزب الله، بل تشمل الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والشرطة البلدية. وقد قام الحزب بتنظيم برنامج الحدث وتجهيز المكان (مدينة كميل شمعون الرياضية) ونشر الإرشادات للمواطنين وتأمين المواصلات. كما اتخذ إجراءات السلامة وحدد المداخل والمخارج إلى المكان، واستنفر هيئاته الصحّية والاجتماعية والثقافية والتربوية والكشفية للحفاظ على الانضباط وحسن التنظيم. أما إجراءات الأمن وحماية الحشود المشاركة، فلا بد أن تكون من مسؤولية مؤسسات الدولة.

لا شك في أن الهيئة التنظيمية لهذا الحدث الجماهيري الكبير تنسّق مع الجيش اللبناني وسائر مؤسسات الدولة. ولا شك في أن وزارة الداخلية والبلديات ومجلس الأمن المركزي يشاركان في تأمين الأمن والنظام العام للحؤول دون وقوع حوادث أو اضطرابات خلال التشييع. ولكن، لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات في إطار عرض أصول تنظيم التجمعات الشعبية الحاشدة:

أولاً، يفترض تجنيد عدد كبير من العسكريين وعناصر الشرطة والاستخبارات والمعلومات. كما يفترض تفعيل أجهزة المراقبة على أنواعها والقيام بمسح استخباري موسّع للتنبه من مخاطر محتملة أو أعمال تخريبية.

ولدى مديرية المخابرات في الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة آلاف المخبرين والمراقبين ينبغي نشر عدد كبير منهم بالتخفي في المكان المحدد وفي المناطق المحيطة به والطرقات المؤدية إليه. كما يفترض نشر عدد كبير من الآليات العسكرية وآليات قوى الأمن والدفاع المدني وفوج الإطفاء في محيط المدينة الرياضية وطريق المطار، في مساحات محددة حتى لا تعيق الحركة وكي لا تستفزّ المشيّعين.

ثانياً، يفترض التنسيق بين الوزارات المعنية والجيش وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة والشرطة البلدية وحزب الله وحركة أمل تنسيقاً دائماً ووثيقاً للحفاظ على السلامة والأمن ولمنع أي اعتداء وتجنّب التدافع والاحتكاك والشغب والفوضى. ولا بد من وجود غرفة عمليات مركزية يشرف عليها أحد كبار ضباط الجيش مجهزة بعشرات الشاشات والخرائط وأجهزة الاتصال.


ويفترض أن تكون التوجيهات لقوى الجيش وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة واضحة بتجنب استعجال استخدام وسائل القمع والعمل على معالجة أي احتكاك أو أي سلوك غير قانوني بطريقة مهنية وأخلاقية والحؤول دون تفاقم المشكلات.

ثالثاً يفترض أن تعمّم مؤسسات الدولة الإرشادات والتسهيلات للمشاركين في التشييع ولا يقتصر الأمر على حزب الله، ليس لأن إرشادات الحزب ليست كافية، بل لأن تواصل الدولة مع الناس يقرّبها إليهم ويقرّبهم إليها ويسهّل قيام المؤسسات بواجباتها.

رابعاً، يفترض أن يضع الجيش بالتعاون مع الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والدفاع المدني وفوج الإطفاء، وبالتنسيق مع البلديات وحزب الله وحركة أمل، خطط طوارئ للتعامل مع حوادث محتملة. ويستدعي ذلك تأمين مستلزمات تلك الخطط ومنها الفرق المختصة بالتدخل السريع والإسعافات وآليات الإطفاء والمستوصفات الميدانية.

ولا بد من التدقيق في خطط الطوارئ للتأكد من أنها فعّالة من جهة وقابلة للتنفيذ من جهة أخرى، كما لا بد من الأخذ في الحسبان معوّقات تنفيذ تلك الخطط وكيفية تجاوزها.


خامساً، يفترض حماية الحدث الجماهيري الكبير من أي اعتداء خارجي. ويمكن اللجوء إلى الاتصالات الديبلوماسية كما لا بد من الجهوزية العسكرية للدفاع عن البلد والناس.
ليس خافياً على أحد اليوم أن مرور تشييع يوم الأحد بخير وسلام ليس من مصلحة العدو الإسرائيلي والسفارة الأميركية. فهل سيطلب الرئيسان عون وسلام من الأميركيين عدم اللعب بالنار؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل