مشكلة استعجال القمع

الثلاثاء 18 شباط , 2025 08:21 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

دعا حزب الله إلى اعتصام سلمي على طريق المطار، يوم الجمعة الفائت، احتجاجاً على قرار اتخذته الحكومة اللبنانية بمنع رحلة للطيران المدني الإيراني من طهران إلى بيروت، على متنها مواطنون لبنانيون عائدون إلى بلدهم.

قرار الحكومة صدر بعد توجيه الجيش الإسرائيلي تهديدات باستهداف المطار إذا هبطت الطائرة الإيرانية على مدرجه، بزعم أن الطائرة المدنية الإيرانية تنقل أموالاً لحزب الله.

الاعتصام الحاشد رفضاً لرضوخ السلطات اللبنانية للتهديدات الإسرائيلية كان سلمياً، وكان يفترض ألا يطول أكثر من ساعة لتجنّب إزعاج المواطنين. لكن المنظمين فوجئوا باستخدام قوة من الجيش اللبناني قنابل الغاز المسيل للدموع على كل المتظاهرين السلميين بعد حصول احتكاك بين عناصر من الجيش وشبّان مشاغبين كانوا على هامش الاعتصام، ما أدى إلى اندلاع مواجهات بين المعتصمين والجيش.

وهنا، لا بد من تسجيل بعض الملاحظات الأولية:
- أولاً، بحسب المعايير المهنية والأخلاقية والوطنية يفترض أن ينطلق التنسيق بين منظمي التظاهرة وقوى الجيش والأمن المكلفة بحمايتها من غرفة عمليات مشتركة، ولا بد من تكليف مجموعة من المنظمين للتعامل مع أي سلوك يخرج عن مسار التظاهر السلمي.

- ثانياً، الطريقة المهنية والقانونية في التعامل مع أي نوع من أنوع الشغب أثناء التظاهرات الاحتجاجية تستدعي التمييز بين المتظاهرين السلميين ومثيري الشغب، وتجنب العقاب الجماعي. فلا يفترض رمي القنابل المسيلة للدموع على معتصمين سلميين لم يعلموا سبب تعرضهم للأذى من قبل جنود مكلفين حمايتهم.

-ثالثاً، يفترض أن يحترم الجيش أو أي قوة أمنية رسمية مكلفة بالتعامل مع التظاهرات الشعبية مبدأ التسلسل في استخدام القوة. فلا يفترض أن يستخدم العناصر القوة حيث لا تدعو الحاجة، ولا رمي قنابل الغاز المسيل للدموع قبل استنفاد كل السبل الأخرى. إذ يفترض أن يبدأ الجيش بإنذار المتظاهرين المشاغبين عبر مكبرات الصوت ثم استخدام مدافع المياه، ثم الغاز والرصاص المطاطي إذا لزم الأمر.

الاستعجال في استخدام القوة يدلّ على توجّه وسلوك قمعيّين ضد الناس الذين يمارسون حقهم الدستوري بالتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي.

ولا يفترض أن يكون الجيش الوطني عدائياً تجاه شعبه أو جزء من شعبه، لأن ذلك يضعف الوحدة الوطنية ويوسّع الهوة بين المواطنين ومؤسسات الدولة من جهة، ويُفشل سعي الجيش إلى الحفاظ على النظام، ويظهر فاقداً للحد الأدنى من الكفاءة المهنية والاحتراف. كما لا يُفترض أن يسمح الجيش لبعض الضباط والعناصر الذين تعاملوا بشدة مع المتظاهرين أن يشوّهوا سمعته ويخرّبوا علاقاته الطيبة والمتينة بالناس بشكل عام وبجمهور المقاومة بشكل خاص.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل