انقطاع الرواتب وتهديدات بالطرد: موظفو سوريا أسرى الغموض

الجمعة 03 كانون الثاني , 2025 09:56 توقيت بيروت عــربـي

الثبات ـ عربي

استقبل الكثير من السوريين عامهم الجديد بجيوبٍ فارغة، بعدما لم توضع مستحقاتهم المالية للشهر الأخير من العام، في حساباتهم البنكية بالتوقيت المعتاد، فيما لا يزال موعد تسلّمهم إياها غير محدد بعد، في ظاهرة تنسحب على جميع العاملين في القطاع العام، جنباً إلى جنب بعض المتقاعدين وجزء من موظفي القطاع الخاص. وفيما كانت القيادة السورية الجديدة قد أعلنت أنّ رواتب موظفي القطاع الحكومي ستشهد زيادة بنسبة 400%، فإن حوالي مليون ونصف مليون موظف هم حالياً من دون رواتب، طبقاً لآخر إحصائية نشرها "المكتب المركزي للإحصاء". إذ تم تقييد أغلب عمليات التحريك في حسابات "المصرف المركزي السوري"، لأسباب غير معلنة، علماً أنّ غالبية رواتب العاملين في الدولة يتم توطينها في المصرفين الحكوميّين (التجاري والعقاري)، واللذين يرتبطان بدورهما بنظام مصرفي مع "المركزي السوري".
وتتضارب حالياً الروايات التي يتداولها الموظفون حول التطورات الأخيرة؛ إذ يقول يوسف م. في حديث إلى "الأخبار"، إنّ "عدم صرف رواتبنا" مرتبط بـ"مشكلة تقنية"، تعرّض لها النظام المصرفي ليلة سقوط النظام، جراء سرقة "هاردات" من المشغّل الرئيسيّ لأجهزة المصرف المركزي، ولا سيما أن عمليات السحب من جميع المصارف الخاصة والعامة "توقفت لمدة أسبوع بعد ذلك اليوم". من جهتها، سمعت حنان أ. رواية مختلفة، مفادها أنّ "الحكومة المؤقتة تعمل على إعادة جمع بيانات العاملين في الدولة، وفرزهم على حسب فاعليتهم في العمل، لتحقيق العدالة في صرف المستحقات المالية"، متسائلة، في حديثها إلى «الأخبار»: "ما ذنبنا إن كانت وظائفنا تحمل فائضاً من الموظفين؟!". وقد أعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، محمد عبد الرحمن أبا زيد، أنّه "سيتم صرف رواتب العاملين في الدولة فور ورود اللوائح الاسمية المطلوبة من كل المؤسسات، مع تمديد السنة المالية لمدة شهر، لإنهاء الأمور العالقة".
على أنّه وبغض النظر عن الأسباب المحتملة، فإنّ تبعات الإجراءات المشار إليها كانت فورية وقاسية على المواطنين السوريين، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد. وفي السياق، تقول ازدهار ع. لـ"الأخبار": "لم يفكر أحد بأرملة مثلي تعيل أولادها، ولا مصدر رزق لها سوى راتبها الضئيل". وتنسحب المعاناة نفسها على المواطن توفيق ن. الذي لجأ إلى "الدَّين"، في انتظار الإفراج عن راتبه، ولا سيما أنّه خسر عمله الإضافي في مصنع للحلويات، بعدما أقفله صاحبه وغادر البلاد.
بدورها، لم تسلم فئات أخرى من العاملين في سوريا، من مثل موظفي القطاع الخاص والمتقاعدين العسكريين وجرحى الحرب وغيرهم، من تأخير الرواتب، من دون أي تبريرات مقنعة. وتشير راما أ. التي تعمل في إحدى شركات الأدوية، إلى أنها لم تحصل على راتبها، بعدما تذرعت الإدارة العامة في محافظة حماة بوجود مشاكل في الحسابات المصرفية للشركة. أما الموظف المسرّح من الخدمة الاحتياطية، شادي ح. فلا تقتصر مخاوفه على عدم حصوله على راتبه الأخير، بل تشمل كونه مهدداً بالفصل من العمل بشكل نهائي. إذ يقول لـ«الأخبار»: "تنتشر أحاديث حول إمكانية إنهاء عدد كبير من عقود الموظفين في الدولة، قد يكون ذلك السبب وراء عدم صرف رواتبنا لهذا الشهر، لكن مثل هذه القرارات يجب ألّا تصدر بين ليلة وضحاها"، نظراً إلى أنّ "الموظف قد يفقد أدنى مقومات الحياة بسبب خسارة راتبه، ولا سيما إذا كان الأخير مصدر رزقه الوحيد"، على حدّ قوله.

تؤكد مصادر أنّ الكتلة المالية لرواتب الموظفين والمتقاعدين "قليلة جداً" مقارنة بعددهم الكبير

في المقابل، يدافع مصدر في وزارة المالية بأنّ الكتلة المالية لرواتب الموظفين والمتقاعدين في الدولة "قليلة جداً مقارنة بعددهم الكبير، وخاصة أن النظام السابق كان يعتمد على طباعة أوراق نقدية من دون رصيد، أي من دون مقابل لها من الذهب في خزينة الدولة". وطبقاً للمصدر نفسه، فإنّ "الحكومة الجديدة فوجئت بمشكلة أخرى مرتبطة بعدد الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم، وهو عدد كبير جداً مقارنة مع عدد الموظفين الفعليين، الأمر الذي يرجع إلى التوظيف الوهمي في ملاكات مختلفة في وزارات الدولة". ولا ينكر المصدر سعي الإدارة الجديدة لإنهاء عقود جميع الموظفين المرتبطين بالنظام السابق، مثل موظفي وزارة الدفاع وذوي الشهداء وجرحى الحرب والمسرّحين وغيرهم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل