أقلام الثبات
بالرغم من كل الضغوط الأميركية والغربية، صدرت مذكرات توقيف من المحكمة الجنائيّة الدوليّة ضد بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، لاتهامهما بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في غزة، بما في ذلك استخدام التجويع كأداة حرب.
وبعد صدور هذه المذكرات، وبعد تضييق الخناق عليه بقضايا قضائية في الداخل "الاسرائيلي" خرج نتنياهو بفيديو مدته تسع دقائق، بدا فيه مصدوماً ومحبطاً ومرتبكاً بحسب الصحافة "الاسرائيلية"، وبرأي العديد من المعلقين "الاسرائيليين".
وبالإضافة الى قضية المذكرات من المحكمة الجنائية الدولية، أمام نتنياهو العديد من القضايا الداخلية التي يحاول أن التملص منها، أبرزها ما يلي:
أ- قضايا الرشوة والفساد
عام 2021، تم توجيه اتهام رسمي لبنيامين نتنياهو بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة من قبله ومن قبل حلفائه السياسيين خلال ولايتيه الرابعة والخامسة كرئيس وزراء "لإسرائيل". بدأت شرطة "إسرائيل" التحقيق مع نتنياهو في كانون الأول/ ديسمبر 2016، وأوصت لاحقًا بتوجيه اتهامات ضده.
وهذه القضايا هي عبارة عن 3 قضايا منفصلة:
1) القضية 1000، التي تم فتحها في كانون الأول / ديسمبر 2016، تتعلق بهدايا وعطايا ثمينة تلقاها نتنياهو وزوجته من رجال أعمال أثرياء على مر السنين.
2) القضية 2000 (المعروفة أيضًا باسم قضية نتنياهو-موزيس) هي تحقيق جنائي يتعلق بالعلاقة بين نتنياهو والناشر والمالك المسيطر لصحيفة يديعوت أحرونوت، أرنون موزيس. عرض موزيس على نتنياهو تغييرًا كبيرًا للأفضل في الطريقة التي يتم بها تغطية نتنياهو وأفراد عائلته في يديعوت أحرونوت، وتغييرًا للأسوأ في الطريقة التي يتم بها تغطية خصومه السياسيين. في المقابل، يجب على نتنياهو استخدام نفوذه لإقرار تشريع من شأنه أن يفرض قيودًا على صحيفة "إسرائيل اليوم" ويجلب فوائد مالية كبيرة لموزيس وأعماله.
3) القضية 4000 تتعلق بشركة الاتصالات العملاقة بيزك، حيث اتُهم نتنياهو بالاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة في هذه القضية، كونه استخدم نفوذه كوزير للاتصالات.
وفي 21 تشرين الثاني 2019، اتُهم نتنياهو رسميًا بالاحتيال وخيانة الأمانة في القضيتين 1000 و2000، والاحتيال وخيانة الأمانة وتلقي الرشاوى في القضية 4000.
في 5 كانون الأول 2023، وافق قضاة المحكمة على تقليص عدد جلسات المحكمة إلى يومين في الأسبوع بسبب المخاوف الأمنية المتعلقة بالحرب في غزة، وكان من المقرر أن تعاود الجلسات في 2 كانون الأول 2024، قدم دفاع نتنياهو التماساً للتأجيل بسبب الحرب لغاية شباط 2025، لكن المحكمة رفضت، وطلب مكتب نتنياهو من الشاباك اعطائه تقريراً يشير الى عدم قدرته على المثول أمام المحكمة بسبب المخاطر الأمنية لكن الشاباك رفض ذلك.
ب- قضايا خلال حرب غزة:
1- تسريب وثائق سرية بعد التلاعب بها: تم القبض على إيلي فيلدشتاين؛ المتحدث باسم مكتب نتنياهو، بتهمة تسريب وثائق سرية من الجيش الإسرائيلي إلى الصحافة الأجنبية. قالت القناة 12 "الإسرائيلية" إن المحققين يعتقدون أن سرقة الملفات السرية من قواعد بيانات الجيش، والتي تم تسريبها لاحقًا إلى أفراد في مكتب رئيس الوزراء، كانت "منهجية"، وأن فيلدشتاين، وبناءً على تعليمات من نتنياهو قام بهذه التسريبات بهدف التأثير على الرأي العام لمنع صفقة تبادل مع حماس في غزة.
2- تزوير محاضر أمنية، حيث تم ابتزاز أحد الضباط وتهديده بصور مخلة للآداب، لتبديل بروتوكولات أمنية لتبرئة نتنياهو من اخفاقات أحداث السابع من تشرين الاول / اكتوبر.
وبعد كل هذه الملفات الداخلية والخارجية، وبعد اتهام الرئيس جو بايدن مباشرة لنتنياهو بأنه يستغل الحرب لمصالح شخصية، تكون "اسرائيل" أمام مفترق طرق:
- فإما أن تقوم الدولة العميقة في "اسرائيل" بالتضحية بنتنياهو وتستخدمه ككبش محرقة لمحاولة التملص من كل العار والعزلة التي تسببت بها الإبادة في غزة ومحاولة ترميم صورة "اسرائيل" في العالم والخروج من الحرب وإنهائها..
- أو ينتصر نتنياهو على الدولة العميقة ويقود "اسرائيل" الى مزيد من الحروب التي لا طائل منها، والى مزيد العزلة الدولية والانهيار والتفتت الداخلي.