الثبات ـ لبنان
باستثناء همجية الاحتلال في ارتكاب المجازر وتدمير البشر والحجر، وإيهام الرأي العام بتحقيق إنجازات، بحيث ينجلي للقاصي والداني الدعم الأميركي اللامتناهي له، بات هذا المحتل يدرك، وفق إعلامه: أنه لن يحصد من العدوان البريّ سوى أذيال الخيبة.
ورقة التوغّل في قرى وبلدات الجنوب الهامة تُسحب رويداً رويداً من يده بفعل التصدّي البطولي لرجال المقاومة، بحيث يعمل الاحتلال على المراوغة، كما يشرح لـ الميادين نت وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية محمد وسام المرتضى، القريب من مطبخ القرار اللبناني للتفاوض مع المبعوث الأميركي.
لا تفاوض تحت النار
يكشف المرتضى لـ الميادين نت أننا "بتنا متمرّسين في مقاربة موضوع المفاوضات الذي يتلخّص بالغوص في تفاصيل التسوية فوق الطاولة وفي استمرار العدوان بقرار تحت الطاولة وهو ما يُطلق عليه مفاوضات تحت النار".
وإذ يشدد "أن لا إيجابيات سوى بالتصاريح والهدف منها الإيحاء بأن العدو قبلَ بهذا البند أو ذاك حتى إذا ما رفض لبنان الإذعان إلى بنود تمسّ بسيادته قيل إن الرفض أتى من لبنان فيستفحل العدوان ويتمّ تحميل المفاوض اللبناني مسؤولية استمراره"، يؤكد في الوقت نفسه أن "موقف لبنان واضح ولا يحتمل التأويل أو الاجتهاد وهو وقف إطلاق النار ومن ثم تطبيق القرار الأممي 1701 دون تعديل، فهل هناك أوضح من هذا الموقف"؟
مشروعهم لن يمرّ .. وسيعودون لـ 1701
ويخلص في هذا الملف إلى التأكيد "عاجلاً أم آجلاً سيعود الاحتلال إلى المفاوضات مكتشفاً أن "الشرق الأوسط الجديد" لن يمرّ من الجنوب والمؤشرات على ذلك كثيرة وقد بدأ يروّج بحكم عجزه عن تحقيق أهداف كبرى للعودة إلى مندرجات الـ 1701.
فشل العدو سيعيده إلى القرار 1701
هو يعرف أن لا تسوية من دون تطبيقه، يكمل المرتضى، "لكنه يكابر لإنقاذ رئيس حكومته الذي سيلاقي مصيراً أسود بعد انتهاء الحرب. ستكون القوة هي الفيصل لإعادة العدو إلى الحلول الممكنة بعد أن اعتمد سياسة الحلول السّوريالية" (الخيالية).
"العملية البرية" استنفدت أهدافها
الوزير يؤكد أن "الحرب على لبنان لم تعد في مصلحة من شنّها والقيادة العسكرية في "إسرائيل" صرّحت أكثر من مرة في الآونة الأخيرة أن " العملية البرية" استنفدت أهدافها وأنه آن أوان الانتقال إلى ما يزعم العدو أنها "مكاسب سياسية"، لكن القيادة السياسية الرعناء هناك مستمرة في اعتماد حرب التدمير والتهجير كتعويض عن خسارتها حرب المواجهة مع المقاومة".
انتظروا مرحلة التنازلات المؤلمة للاحتلال
وهذا ما يفسّر مقولة أن "إيلام العدو يتطلب الصبر والصمود" (التي أشار اليها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة)، أي أنهما، وفق المرتضى"الركنان الضروريان للفوز في معركة الاستنزاف. الصّبر لسماع صوت وجع العدو والصمود لِتيئيسه من تحقيق انتصار في الميدان وبعدها تأتي مرحلة التنازلات المؤلمة للعدو".
وفي مطلق الأحوال، تبقى دعوة الوزير القاضي قائمة، "فما على المراقب إلا أن يتابع الميدان ليكتشف كيف أن العدو يقف عاجزاً أمام القرى الحدودية التي ما أن اجتاز خَراجها من الجانب الفلسطيني المحتل حتى وقف عاجزاً عن دخولها بالرغم من المقدّرات الضخمة التي سخّرها من أجل ذلك، وما البطولات الأسطورية في بلدة الخيام (وغيرها) سوى إحدى المؤشرات التي يمكن الاستناد عليها لتوقّع الوضع المأزوم للعدو في جنوب لبنان".
الإيقاع مفاجئ لـ"جيش" الاحتلال
وبثقة المسؤول المطلع على ما يجري على أرض الواقع ، يطمئن اللبنانيين والحلفاء إلى أن "الميدان بخير برغم جراح التدمير والتهجير والبيئة اللبنانية، أساساً نحن بيئة متضامنة راكمت على مدى عقود تراثاً وثقافةً من العيش معاً جعل عصيّاً على العدو اختراقها بالأحقاد الطائفية وبمحاولات التأليب والتحريض المذهبي".
هذا هو الوضع العسكري
عسكرياً، يجزم الوزير الذي يصل الليل بالنهار للمتابعة مع أولي القرار اللبنانيين أن "الجبهة تفاجئ العدو كل يوم بما لا يتوقّعه، ففي حين يعتقد أنه يتقدّم فإذا به يتقهقر وذلك على إيقاع يفاجئه، فتارة أسلحة جديدة وتارة أخرى مستوطنات جديدة تُضاف إلى تلك التي تمّ استهدافها وطوراً الكشف عن (عماد 5) وعن أسماء صواريخ بالستية جديدة وما إلى هنالك من مفاجآت".
المرتضى: ما على المراقب إلا متابعة الميدان ليكتشف عجز جنود الاحتلال
" يبدو لي أن العدو هو الذي يعاني للتأقلُم لا العكس، وأن التدرّج والتناسب والدقة والمواكبة الحثيثة للإعلام الحربي التابع للمقاومة، كل ذلك يدل أن الجعب لم تفرغ والعديد لم يتناقص والعتاد يتجدّد بحسب المتطلبات والمستلزمات والضرورات"، يعقّب المرتضى.
سماحة السيّد يُلهِم المقاومين في الجبهات
وفي الذكرى الأربعين لاستشهاد "سيد شهداء الأمة"، يحاول المرتضى القاضي والإنسان قبل كل شيء الابتعاد عن عاطفة جيّاشة تعصف بمحبي السيد حسن نصر الله من المحيط إلى الخليج، وفي العالم الإسلامي وحتى أحرار وحرائر العالم.
ينبري الوزير اللبناني ليردّ على سؤال الميادين نت: "هو حاضرٌ في غيابه ولم يُنقِصْ منه احتجابُه عن الأنظار قيد أنملة من ذكراه في الوجدان. هكذا اختصرُ سماحته الذي باتَ أرزةً لبنانيةً نتّكئ عليها لِنستلهم سيادةً وكرامةً".
المرتضى: سماحة سيد شهداء الأمة باتَ أرزةً لبنانيةً نتّكئ عليها
ويكمل، "ولأنه كذلك، سيبقى لبنان على عهد هذا الشهيد الكبير وما علينا سوى أن ننظر إلى الميدان لِنتيقّن أن سماحة السيّد يُلهِم المقاومين، لا المقاومين الذين يضغطون على الزناد فحسب بل الذين يضغطون على الأقلام أيضاً، لأن الإرثَ فكريٌ بامتياز وما دَخَلَ إلى الفكر لا يمكن لأي احتلالٍ أو عدوانٍ استهدافُه.
استشهاد السيد نصر الله سيؤتي ثماره عاجلاً أم آجلًا"
ويختم الحديث بوجد عن "سيد الشهداء" بقوله "حسبي أن ذكرى سماحة السيد نصر الله ستبقى ماثلةً لعقودٍ طويلة وسيتحوّل إلى رمزٍ وقدوةٍ لأنه قائدٌ بكل ما تعنيه القيادةُ وزعيمٌ بكل ما تعنيه الزعامةُ، والقدرةُ التي كانت لديه على استقطابِ أحرارِ العالم من كل الجنسيات والأديان والطوائف يجعلُني أكثرَ إيماناً من أيِّ وقتٍ مضى بأن الحريةَ لا طائفةَ لها ولا دينَ بل أنها ديانةُ المظلومين والمقهورين والمشرّدين والمضطهدين، وهم أولئك الذين عاش واستشهد من أجلهم سماحة السيد ولا شك أن استشهاده سيؤتي ثماره عاجلاً أم آجلاً".
لهذا السبب يسعى الاحتلال إلى تدمير معالمنا التاريخية
يبقى السؤال الذي لا بدّ من طرحه على وزير الثقافة حول استهداف الاحتلال للمعالم التاريخية الأثرية فيجيب أنه "يريد تدمير تاريخ وحضارة لبنان، الذي ورد اسمه في الكتاب المقدّس أكثر من 70 مرة، لبنان التنوّع الثقافي والتآخي بين الأديان لبنان الرسالة".
ويردف ليقول "كلّ هذه القيم تشكّل نقيضاً لكيان أحادي عنصري حاقد استئثاري ظالم بوليسي. ولذلك يقول الكيان إنه في حرب وجودية. نعم وجوده على المحك لأنه مرفوض كغدّة سرطانية وهذه أزمته الحقيقية.
ومن هنا يجب أن نفهم لماذا يهدف إلى تدمير معالمنا التاريخية والأثرية من مساجد ومزارات وقلاع ومحميات وكنائس. إنه بكل بساطة لا يستطيع تحمّل فكرة أن لا تاريخ له في فلسطين، ولذلك يحاول أن يمحي تاريخها بتهويدها ويمحي تاريخ المنطقة لتصبح مثله.. ويمحي لبنان لأنه النقيض له على كل مستوى والمسقط له أخلاقياً في أعين كل حرّ في هذه الدنيا "!