الثبات ـ دولي
أكدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية انحسار السردية القائلة إنّ العلامات التجارية الغربية هي العلامات التجارية المتميزة، بينما السلع المحلية أقل جودة وأرخص.
وكشفت الصحيفة أنّ المقاطعة واسعة النطاق في الدول الإسلامية، والتي جاءت على خلفية التضامن الجماهيري في العالم مع غزّة، ورفضاً لمواصلة الشركات تعاملها مع كيان الاحتلال الذي يواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ضربت العلامات التجارية الغربية.
وأوضحت الصحيفة أنّ مقاطعة العلامات التجارية الغربية للأغذية والمشروبات في الدول الإسلامية أثرت سلباً في إيرادات الشركات متعددة الجنسيات ومشغلي امتيازاتها، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم تأثير تباطؤ الاستهلاك العالمي على نتائجها المالية.
ترويج المقاطعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي
من مصر إلى إندونيسيا ومن السعودية إلى باكستان، يتجنب المستهلكون السلع التي تنتجها شركات، مثل "كوكا كولا"، و"كنتاكي"، و"ستاربكس"، احتجاجاً على دعم هذه الشركات لـ "إسرائيل" في الحرب على غزة، بحسب "فايننشال تايمز".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ المقاطعة هي الأكثر انتشاراً في الذاكرة الحديثة، بحيث يتمّ ترويجها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتحفزها الحكومات وحركات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، الأمر الذي يؤكد كيف يمكن للحملات الاجتماعية أن تشتعل فجأة وتؤلم شركات عملاقة.
وبشأن حجم الخسائر التي تتكبّدها الشركات بسبب المقاطعة، قال المدير المالي لشركة "مونديليز" لصناعة الوجبات الخفيفة، لوكا زاراميلا، إن "المقاطعة لا تزال تشكل رياحاً معاكسة"، الأمر الذي أثر في نمو المبيعات في الشرق الأوسط بنسبة 2% في الربع الثاني من العام.
وقالت مجموعة "لوريال" للتجميل إن المقاطعة أثرت بنسبة 2% في النمو في النصف الأول من العام.
وقال المحلل في شركة "بيرنشتاين" (شركة لإدارة الثروات الخاصة)، دانيلو غارجيولو، إنّ "الاستراتيجية الشاملة، التي اتبعتها مجموعة من هذه الشركات، تتمثل بكبح الضجيج بشأن المقاطعة. وآخر شيء تريد القيام به هو كشف التأثير، واتخاذ مزيد من الإجراءات ضد علاماتها التجارية".
انخفاض مبيعات الشركات
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن مشغلي الامتيازات في البلدان، التي تنتشر فيها المقاطعات، يتلقون كثيراً من الضرر.
وأعلنت شركة "أمريكانا" للمطاعم، التي يملكها صندوق الثروة السيادي السعودي والمستثمر المقيم بدبي، محمد العبار، أن أرباحها في الربع الثاني من العام الجاري انخفضت بنسبة 40% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، على الرغم من افتتاح 81 مطعماً في النصف الأول من العام الجاري.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة مطاعم "أمريكانا"، التي تدير علامات تجارية، مثل "كنتاكي" و"بيتزا هت" و"كريسبي كريم" في الشرق الأوسط وكازاخستان، أماربال ساندو، إن "التأثير يتباين بحسب المناطق الجغرافية، لكننا نقول إن المقاطعة لا تزال قائمة".
وفي باكستان، التي تضم ثاني أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، بعد إندونيسيا، وعدت الحكومة، في تموز/يوليو الماضي، بتشكيل لجنة لتحديد منتوجات الشركات التي تدعم "إسرائيل" أو "جيشها"، بصورة مباشر أو غير مباشرة، ومقاطعتها، وفق ما نقلت الصحيفة.
وأعلنت شركة "كوكا كولا إيتشيك"، وهي شركة تعبئة "كوكاكولا" في باكستان، انخفاض حجم مبيعاتها في البلاد بمقدار الربع تقريباً على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، وأرجعت ذلك إلى "الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي"، من دون ذكر تداعيات الحرب في غزة.
وقال شخص مطّلع على قرارات شركة "كوكا كولا" في باكستان: "كان لدينا تعتيم إعلاني كامل لمدة خمسة أشهر. إنها أزمة، لذا أردنا التواري عن الأنظار".
وفي ماليزيا، أعلنت شركة "برجايا فود" المحلية، والتابعة لشركة "ستاربكس"، خسارة فصلية ثانية على التوالي في أيار/مايو الماضي، بسبب المقاطعة. وسجلت خسارة مقدارها 30 مليون رينجيت ماليزي (6.7 ملايين دولار أميركي) في الربع المنتهي في 31 آذار/مارس الماضي، بينما تراجعت الإيرادات بنسبة 48%.
وصرّحت "ستاربكس" في إندونيسيا مراراً بأنها لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بالحرب في الشرق الأوسط. وفي العاصمة جاكارتا، تحمل مجموعة من متاجر "ستاربكس" لافتات على الأبواب والطاولات "توضح موقف الشركة بشأن الصراع".
وفي القاهرة، قال مدير سوبر ماركت في حي الزمالك الراقي، حازم التميمي، إن مبيعاته من منتوجات "كوكا كولا" و"بيبسي" و"أرييل" و"بيرسيل" و"كادبوري" و"نستله" انخفضت إلى النصف.
وأضاف أنه حتى سكان المنطقة الميسورين "قد يتصلون لطلب المياه المعدنية، لكنهم يحددون أنهم يريدون علامة تجارية مصرية بدلاً من نستله أو داساني (المملوكة لشركة كوكاكولا)".
وذكرت "فايننشال تايمز" أنّ هذه المقاطعة تأتي في الوقت الذي تتعرض العلامات التجارية الغربية لضغوط خارج الغرب، وتواجه التكتلات منافسة أشد من المجموعات المحلية، وتخسر حصتها نتيجة لذلك.
وقال غارجيولو من "بيرنشتاين": "على مدى الأعوام العشرة الماضية رأينا تحول السرد نحو مزيد من الحمائية والتقاليد والأبطال الوطنيين والعلامات التجارية المحلية، لقد انحسرت السردية القائلة إن العلامات التجارية الغربية هي العلامات التجارية المتميزة، بينما السلع المحلية أقل جودة وأرخص".