الثبات ـ فلسطين
الأنظار تتجه الى كيان الإحتلال الإسرائيلي الذي يعيش في الوقت الحالي أسوأ أيامه وفي أعلى حالات تأهبه، بعيد قيامه بعمليتين غادرتين الأولى في ضاحية بيروت الجنوبية واغتيال القائد الكبير فؤاد شكر، والثانية في العاصمة الإيرانية طهران، واغتيال لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية.
اغتيال الأخير الذي استطاع خلق مشهدية جامعة في العاصمة الإيرانية مع التشييع المهيب له، مضافاً اليها إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثأر من الإحتلال، قابله مشهد إعلامي مغاير، دأب جاهداً على تبرئة الإحتلال من دماء هنية، وتوجيه الأنظار الى ايران ومحاولة توريطها في عملية الإغتيال الغادرة.
كان بارزاً مقالة “نيويورك تايمز” الأميركية التي سرعان ما انتشرت مضامينها على المنصات العربية والناطقة بالعربية. فقد ادعت بأن اغتيال هنية جرى بواسطة عبوة ناسفة وضعت في مضافة “الحرس الثوري” مكان إقامة هنية، قبل شهرين. مستغلة بذلك اخفاء الإحتلال لتبني عملية الإغتيال بشكل علني، ورسم اتجاهات أخرى للتشكيك بالتورط الإسرائيلي. على الرغم من إعلان “حماس” بأن هنية اغتيل بصاروخ موجه نحو جسده مباشرة.
شبكة bbc البريطانية الناطقة بالعربية، التي نشرت في 1 الشهر الحالي، مقالة تحت عنوان :”اتهامات لإسرائيل وشكوك حول إيران، وخامنئي يرفع العلم الأحمر..آراء متباينة حول اغتيال هنية”. في المضمون تركيز على آراء وسائل التواصل الإجتماعي والبناء عليها حول عملية الإغتيال. إذ أورد الموقع بأن “تساؤلات كثيرة من قبل مستخدمي التواصل الإجتماعي، حول دور ايران في اغتياله”، و”فشلها في حمايته رغم أنه مطلوب لدى اسرائيل”.
وادعت بأن ايران “متورطة في اغتياله لتقديمه قرباناً لإسرائيل من أجل وقف استهداف قيادات حزب الله في لبنان وعدم التصعيد معها”. كان لافتاً تبرئة الإحتلال من دماء هنية عبر القول بأن الإحتلال لم يعلن مسؤوليته عن عملية الإغتيال، وتبني بالتالي نظرية تورط ايران بالوقوف وراء اغتيال هنية أو “تسهيل هذه المهمة لإسرائيل او حتى الفشل في حمايته”.
وضمن منصاتها المتلفزة أيضاً، أعادت الشبكة البريطانية نشر هذه الرواية التي لم تتكأ سوى على “مصادر”، من ضمنها “مسؤول اميركي و7 مسؤولين من الشرق الأوسط واثنين من الحرس الثوري الإيراني”. توازياً أعادت الشبكة سردية الإحتلال بأنه لم يتبن عملية الإغتيال على الرغم من نشرها تصريحات لبنيامين نتنياهو وزهوه بنتائج العمليتين الغادرتين في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي طهران أيضاً.
محاولة توريط طهران حضرت بقوة، أيضاً على المنصات العربية المطبعة، سنأخذ مثالاً شبكة “العربية” السعودية، التي عنونت في 1 الحالي :”هنية قتل بعبوة ناسفة مزروعة داخل غرفته..مصادر تكشف”. في المضمون نقل الموقع عن “نيويورك تايمز” السردية التي برأت العدو عبر نقلها عن مسؤولين اميركيين وايرانيين، بأن القنبلة تم زرعها منذ شهرين وإخفاءها في دار الضيافة التي “تحميها الحرس الثوري”، وتم تفجيرها عن بعد “بعد التأكد من وجوده في غرفته”.
مقابل التلطي الإعلامي خلف اخفاء الإحتلال تورطه في جريمة اغتيال هنية، كان الإعلام الإسرائيلي حاضراً على هذه الجبهة، ويدلي بآراءه حول عملية الإغتيال. سنتكأ هنا، على شبكة “الجزيرة” التي نشرت في 2 الشهر الحالي، مقالة بعنوان :”إعلام اسرائيلي :الإغتيالات لم تقربنا من اهداف الحرب ولن تقضي على حماس”، تضمنت استعراض لأراء خبراء ومحللين اسرائيليين حول عملية الإغتيال، من ضمنها المحلل السياسي شلومي إلدار الذي أكد بأن الإحتلال لم يقض على “حماس” بشكل مطلق، ولم يتمكن من “القضاء عليها”.
فيما استعرضت رأي نوعام تيفون قائد الفيلق الشمالي بالجيش الإسرائيلي سابقاً الذي قال بأن الحروب الطويلة وحروب الإستنزاف ليست بمصلحة “اسرائيل” وأضاف بأن الإغتيالات مهما كانت ناجحة الا انها “لم تقربنا مليمتراً واحداً من اهداف الحرب الحقيقية”. معتبراً الحديث عن “انتصار مطلق مجرد كلمات” بعد أن باتت “اسرائيل منذ السابع من أكتوبر لا تمسك بزمام المبادة بسبب القيادة الفاشلة”.
اعادة النظر” في 7 أكتوبر
اغتيال هنية فتح الباب واسعاً أمام الإعلام المساند للإحتلال، بأن يخلط الأوراق ويصوب على عملية السابع من أكتوبر. نتوقف هنا عند مقالة “العربية” التي نشرت في 2 الحالي تحت عنوان :”هل أدركت حماس ان 7 اكتوبر كان خطأ في التقدير؟”. في مضمونها تبخيس بالدور الذي قام به اسماعيل هنية وتحوله الى “ساعي بريد” بعد ان تحولت القيادة الى غزة. وبات بحسب المقالة وقف إطلاق النار بيد “كتائب القسام” تبعاً لصحيفة “أيكونومست”.
واضافت المقالة أن من شأن “اغتيال هنية إشعال صراع داخل حماس يمكن ان يحدد مستقبلها ومستقبل فلسطين نفسها”. وادعت المقالة بأن “حماس” تعيد “تقييم حرب غزة”، كما أوردت استطلاعاً للرأي لم يعرف مصدره يقول بأن دعم حكم “حماس” في غزة “انخفض الى اقل من 5% في شهر حزيران الفائت!.