الثبات ـ عربي
مع فشل الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً في الحد من ضربات المقاومة الإسلامية في لبنان إسناداً لغزة ومقاومتها وأهلها، فإنه يسعى لضربها بكل السبل والتأثير فيها، سواء من خلال محاولة التأثير في البيئة الحاضنة لها، ومن ذلك استهداف المدنيين ومحاولات التخويف من خلال خرق طائراته جدار الصوت، حتى في أماكن بعيدة عن الجنوب.
شكلّت الجبهة العريضة، من الناقورة بحراً إلى مزارع شبعا فالجولان السوري المحتل شرقاً، كابوساً لقادة الاحتلال، وخصوصاً مع الضغط الاجتماعي والاقتصادي الذي يترافق مع الجهد العسكري. لذا، بات يحاول بكل السبل وقف هذه الجبهة أو التخفيف منها، فلجأ إلى الوسيط الأميركي للضغط على لبنان والمقاومة، ولكن من دون جدوى.
لذلك، وبعيد المجزرة في "مجدل شمس" في الجولان السوري المحتل، حاول إلصاق المسؤولية بالمقاومة اللبنانية واستغلال ذلك من أجل التهديد بشن عداون أكبر على لبنان، برغم نفي حزب الله مسؤوليته عن الواقعة، ورفض أهالي الجولان تحميله المسؤولية، بل وقفوا مواقف شجاعة أثبتت تجذر مقاومة الاحتلال في نفوسهم، وكان خير دليل على ذلك طرد نتنياهو بالأمس، ووزرائه من قبل، حين قدموا إلى "مجدل شمس" لاستغلال الحادثة.
شهداء مجزرة "مجدل شمس"
ليست مواقف أهالي مجدل شمس بغريبة عليهم ولا على تاريخهم النضالي، فهم رفضوا كل محاولات الاحتلال لأسرلتهم، فأعلنوا "الإضراب الكبير" عام 1982، مع تصدٍ ونضال يومي في وجه قوات الاحتلال التي حاولت فرض "الهوية" الإسرائيلية على أهالي الجولان المحتل.
كما وقف أهالي الجولان ضد مشاريع الاحتلال في منطقتهم، وآخرها العام الماضي، ومحاولة الاحتلال إقامة مراوح للطاقة في أراضيهم.
ومع الفاجعة التي ألمت بالجولان بفعل سقوط صاروخ اعتراضي إسرائيلي على ملعب لكرة القدم في بلدة "مجدل شمس" واستشهاد 11 من أبنائها وجرح العشرات، حاول الاحتلال اتهام المقاومة في لبنان، ولكن أصوات أهالي الجولان وبيانهم المعلن بالأمس أكدا رفض كل تصريح أو صوت خارج عن إجماع الأهالي، وأنه "يمثل صاحبه"، "ورفض محاولة استغلال اسم مجدل شمس منبراً سياسياً على حساب دماء أطفالهم، وكذلك إراقة الدماء بذريعة الانتقام".
في الإطار أيضاً، جاءت مواقف المرجعيات الروحية والدينية والسياسية والحزبية لطائفة الموحدين الدروز الجامعة الرافضة للفتنة بمنزلة الرد القاصم على الاحتلال، وشكلت رادعاً لمن يريد الاصطياد في مياه الفتنة العكرة.
الشيخ جربوع: هذه المجزرة عززت الثقة بأن عدونا يستهدف بنيتنا الوطنية وثوابتها
الشيح جربوع: لا بد من التيقظ لأفعال العدو
شيخ عقل طائفة الموحدين في سوريا، الشيخ يوسف جربوع، قال في تصريح خاص للميادين نت: "لا شك في أن العدو الصهيوني يعمل منذ عقود خلت على التجزئة وزرع الفتن لتقسيم البلاد من خلال استخدامه آلة التدمير بدعم من الدول الراعية لإجرامه الضاربة عرض الحائط بالقرارات والشرعية الدولية والمواثيق التي تنص على المحافظة على أرواح الأطفال والمدنيين".
وإذ يؤكد أنه "لا بد التيقظ لأفعال العدو الهادفة إلى زعزعة المنطقة ووحدة أراضيها ومواقفها"، يشدد على أن "يد الغدر لن تنال بالتأكيد من عزيمة أهلنا وصبرهم ونضالهم في مجدل شمس للحفاظ على القيم والمبادئ لـبني معروف، وكلنا ثقة بأننا سنتجاوز هذه المحنة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة، لأن طائفة الموحدين الدروز ركيزة للعرب والعروبة، وفي طليعة المقاومين والمدافعين عن القضايا العربية، ولا يخفى على أحد محاولات الآخرين لزرع الفتن والتفرقة بهدف سلخنا عن محيطنا وتنفيذ مخططاتهم العدوانية".
ويشدد الشيخ جربوع على أن "الشارع في السويداء السورية، كما جميع الفعاليات الاجتماعية والدينية والثقافية، يدينون هذا العدوان الصهيوني الغاشم على أطفالٍ عزل في مجدل شمس، وهم يقفون إلى جانب إخوتهم في الجولان السوري المحتل لاسترجاع الأرض المحتلة، وهذه المجزرة عززت الثقة بأن عدونا يستهدف بنيتنا الوطنية وثوابتها".
ومن هذا المنطلق، وتحسساً بالمسؤولية وبخطورة ما يخطط، يطلقها الشيخ جربوع عبر الميادين نت: "نحن نهيب بإخوتنا أن يكونوا أكثر تماسكاً في مواجهة المخططات الصهيونية، ولن يستطيع هذا الكيان الغاصب أن يحقق مراده، إذا كنا متحدين يداً واحدة وقلباً واحداً، وأهلنا يحملون من الثقافة الوطنية والعقل الجمعي الوطني ما يجعلهم يدركون المخاطر المحدقة بهم، ولا بد من المقاومة، وهي واجب أخلاقي ووطني وديني، وخصوصاً أنها نابعة من حرصها على تعزيز ثقافة الموقف والمبدأ، ونحن أصحاب موقف ومبدأ، ولن نتخلى عن مبادئنا ومواقفنا في الدفاع عن أرضنا وعرضنا... ولهذا نهيب بإخوتنا الحذر ثم الحذر من مغبة ما يخططه العدو الصهيوني".
ويجزم الشيخ جربوع أن "أهلنا في الجولان أدركوا منذ اللحظات الأولى أهداف الجريمة النكراء التي قام بها العدو الصهيوني باستهداف أطفال مجدل شمس. وبذلك، انقلب السحر على الساحر، وكشف أهلنا في الجولان أن العدو يحاول زرع الفتن للتغطية على جرائمه في غزة وفلسطين".
ليس جديداً على أهالي الجولان طرد نتنياهو... تذكروا كيف حطموا سيارة بيريز!
وإذ يؤكد عروبة وسورية أهل الجولان عبر التاريخ، يقول الشيخ جربوع: "ليس غريباً على أهلنا في مجدل شمس أن يقولوا في وجه نتنياهو إنه مجرم هو وطاقمه الحكومي، فقد كان لأهلنا في الماضي مواقف مشابهة، وربما تفوق ذلك، فكيف ننسى موقفهم الوطني المشرف في رفضهم للهوية الإسرائيلية وتحطيم سيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني شمعون بيريز عندما حاول الدخول إلى مجدل شمس! وكي يكون موقفهم أكثر ثباتاً ونابعاً من انتمائهم الوطني لوطنهم الأم سوريا جيشاً وشعباً وقائداً، فقد تكرر موقفهم في الأزمة التي تعرضت لها البلاد قبل عقد ونيف من اليوم، إذ دعم العدو الصهيوني الإرهاب والإرهابيين من جبهة النصرة، فتصدى لهم أهلنا في مجدل شمس".
ويختم الشيخ جربوع بالتأكيد أن "ثقافة أهلنا في مجدل شمس والجولان السوري المحتل ثابتة، ماضياً وحاضراً، ولن تتزعزع، في رفضهم مخططات العدو الصهيوني ومواجهته علناً، وهم ملتزمون بالانتماء إلى وطنهم الأم سوريا بالمبدأ والعمل والإرادة".