الثبات ـ فلسطين
مع انقضاء 200 يوم على عملية «طوفان الأقصى»، واندلاع الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، انشغل المراقبون والمحلّلون في الكيان بإجراء «جردة حساب» للحكومة والجيش، وما أنجزاه في الحرب وما أخفقا فيه. وفي المقابل، خرج الناطق باسم «كتائب القسّام»، أبو عبيدة، ليقدّم جردة مماثلة لما أنجزته المقاومة، ومعها جبهات المساندة من قوى «محور المقاومة»، مفتتحاً فصلاً جديداً من المواجهة، عنوانه أن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة «حماس»، قد يتحوّلون جميعاً إلى «رون أراد». وأكّد أبو عبيدة، في كلمته التي تأتي بعد غياب دام نحو 45 يوماً، أن «العدو لن يحصد سوى الخزي والهزيمة»، مضيفاً أن «المقاومة ستظلّ راسخة (...) وأن ضرباتها للعدو ستستمرّ وتتّخذ أشكالاً متجدّدة وتكتيكات متنوّعة ومتناسبة طالما استمر العدوان».
وبشأن ربط الانتصار في الحرب بعملية عسكرية في رفح، قال أبو عبيدة إن هذا من «أكاذيب حكومة العدو المتواصلة لمحاولة إيهام العالم بأنها قضت على أغلبية الكتائب في قطاع غزة ولم تتبقّ (أمامها) سوى كتائب رفح، للهروب من حقيقة الفشل الكبير». وجزم أن «المقاومة لن تتنازل بأي حال عن الحقوق الأساسية (...) وعلى رأسها وقف العدوان وانسحاب العدو وعودة النازحين وإعادة الإعمار ورفع الحصار»، معتبراً أن «تعنّت الاحتلال في هذه القضايا يؤكد أن حربه ليست سوى حرب إبادة». وذكّر بالأسيرين هدار غولدن وشاؤول آرون، اللذين هما لدى المقاومة منذ 10 سنوات، متوجّهاً إلى الجمهور الإسرائيلي بالقول: «أين الأسير الإسرائيلي من أصل إثيوبي أبراهام منغستو؟ وأين هشام السيد؟ (...) لقد طواهما النسيان». ونبّه إلى أن «سيناريو رون آراد ربما يكون السيناريو الأوفر حظّاً تكراره مع أبنائكم في غزة»، مشدّداً على أن «الكرة في ملعب من يعنيه الأمر من جمهور العدو، لكن في وقت حرج وضيّق وخطير». ولفت إلى أن «من أهمّ آثار طوفان الأقصى استنهاض الأمة وتوحيد ساحاتها وجمع جبهاتها حول هدف واحد هو فلسطين والأقصى»، مؤكداً «(أننا) نقدّر كل جهد عسكري وشعبي انضم إلى طوفان الأقصى، ونخصّ جبهات القتال في لبنان واليمن والعراق وتضحياتها الأبية»، معتبراً أن «ردّة الفعل الهستيرية تجاه الفعل المقاوم من مختلف الجبهات تدل على أهمية ذلك العمل». ورأى أبو عبيدة أن «أولى الجبهات وأهمها هي جبهة الضفة المحتلة»، مضيفاً أن أهمّ الساحات العربية وأكثرها إشغالاً لبال العدو «الجماهير الأردنية التي ندعوها إلى رفع صوتها أكثر».
كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «ضباطاً كباراً في الجيش الإسرائيلي يعتزمون الاستقالة» لفشلهم في منع هجوم 7 أكتوبر
في المقابل، أشار رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، إلى أنه «بعد 200 يوم من اندلاع الحرب، تم إطلاق 5 صواريخ على سديروت، وصاروخين على زيكيم، ويوم معركة حقيقي في الشمال مع إطلاق نار من دون توقّف، بما في ذلك إنذارات في عكا وكريوت، إضافة إلى 133 من الأسرى الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، إنه ليس عيد الحرية (الفصح اليهودي)، إنه الفوضى». أما الصحافي الإسرائيلي، ألموغ بوكير، من «القناة 13»، فقال إنه «بعد ستة أشهر: 4 صواريخ صباح عيد الفصح في اتجاه سديروت، والردّ؟ قصف مدفعي، وفي وقت لاحق أيضاً طائرات سلاح الجو ستهاجم مكان الإطلاق. بمعنى آخر: شخص ما هنا لم يدرك أن شيئاً ما قد تغيّر». وأضاف في تعليق آخر، أن «القصة الحقيقية لقطاع غزة هذه الأيام: نحن لسنا على بعد خطوة واحدة من النصر، كما يحاول نتنياهو أن يبيعنا». أما «القناة 14»، فرأت أنه «إذا كان بإمكان قائد شعبة الاستخبارات العسكرية أن يستقيل الآن، فلا يوجد سبب يمنع رئيس الأركان ورئيس الشاباك ورئيس وحدة العمليات وقائد القيادة الجنوبية وقائد الوحدة 8200 من الاستقالة». مضيفة أن «قائد فرقة غزة، على أقلّ تقدير، يجب أن يغادر اليوم»، وأن «هؤلاء هم أصحاب الأدوار الرئيسية الذين كانوا في الظلام في تلك الليلة، لقد انتهت 200 يوم من الأعذار». وبدورها، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «ضباطاً كباراً في الجيش الإسرائيلي يعتزمون الاستقالة» لفشلهم في منع هجوم 7 أكتوبر، متوقّعةً «استقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي وضباط كبار آخرين - بينهم ما لا يقل عن 4 برتبة عميد على مستوى قادة الوحدات الميدانية - ضمن تأثير الدومينو لاستقالة أهارون حاليفا»، فيما اعتبر موقع «واللا» أن «تحدياً كبيراً يواجه رئيس الأركان، هو تثبيت القيادات العليا في الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد استقالة رئيس شعبة "أمان"».
على خط موازٍ، أكّد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أمس، أن «هناك حالة إحباط لدى الوسطاء بسبب عدم التوصل إلى اتفاق في شهر رمضان»، مشيراً إلى حاجة قطر إلى «إعادة تقييم جهود الوساطة في هذه المرحلة». ولفت إلى أن «وزراء في حكومة نتنياهو أدلوا بتصريحات تتحدث بشكل سلبي عن الدور القطري»، مؤكداً أن بلاده لن تقبل «استخدامها من أجل التموضع السياسي أو لأغراض انتخابية من أي طرف كان». وتعليقاً على زيارة وفد «حماس» بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، إلى تركيا، ولقائه هناك الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، والحديث الذي رافق الزيارة عن دور تركي محتمل في الوساطة، قال المتحدث القطري إن «تركيا من أهم الدول الداعمة لجهود الوساطة التي تقودها قطر (...) والتنسيق مستمرّ مع شركائنا في تركيا بشأن سبل وقف الحرب على غزة». وحول الحديث عن «رحيل» قادة «حماس» من قطر، وربما انتقالهم إلى تركيا ودول أخرى، قال الأنصاري: «طالما أن وجود قادة حماس هنا في الدوحة مفيد وإيجابي لجهود الوساطة، فإنهم سيبقون هنا». وبهذا، تكون الدوحة قد ربطت بين دورها كوسيط، ووجود قادة «حماس» على أراضيها، وإذا ما انتفى أحد الأمرين، انتفى الآخر، في ما يمثل وسيلة ضغط على جميع الأطراف، وتحديداً الأميركيين والإسرائيليين، وأيضاً على «حماس»، عبر القول إن وجودها هناك رهن بما تقدّمه لإنجاح الوساطة القطرية.