الثبات ـ فلسطين
تحدثت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" عن الضربات التي وجهتها "إسرائيل" لنفسها منذ الـ 7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى الآن، على جميع الجبهات.
وبدأت الصحيفة بضربة إخلاء الشمال، حيث تم الإخلاء العاجل لعشرات الآلاف من سكان المستوطنات على طول الحدود مع لبنان دون التفكير بشكل صحيح في مصيرهم والهدف العسكري في إفراغ شريط منطقة من سكانها.
وبدلاً من محاولة تهدئة السكان، شجعت الحكومة الخوف وأمرت بعد أيام بالإخلاء،ولم تضع حتى الآن خطة منظمة لإنهاء الحرب في الشمال وإعادة السكان.
وعن ضربة غزة، قالت الصحيفة إنّ الهدف من التوغل البري في القطاع كان القضاء على حماس، لكن "إسرائيل" دمرت مدينة غزة، ولم تدمر حماس التي لا زالت تعمل بقوة.
والضربة الثالثة وفق الصحيفة، كانت ضربة غياب الاستراتيجية، حيث لا تملك "إسرائيل" بعد مرور 6 أشهر على الحرب أي خطة في غزة، فقد أرسل "الجيش "الإسرائيلي كامل القوة النظامية والاحتياطية تقريباً، وقضى أشهراً من القتال، وضحى بمئات الجنود وآلاف الجرحى، لكن المردود العملي صفر، وحماس لا تزال فاعلة.
وبشأن ضربة التخلي عن الأسرى، فقد كانت الأهداف الرسمية للحرب في بدايتها هي تدمير قوة حماس العسكرية والحكومية في غزة، وتمت إضافة عودة الأسرى الـ 250 الذين تم أسرهم في 7 أكتوبر، وظلت أولوية ثانوية منذ ذلك الحين، وهذا ما تبينه محادثات القاهرة والدوحة.
اقرأ أيضاً: "نيوزويك": حماس انتصرت وتملي شروطها لوقف إطلاق النار
وتابعت الصحيفة متحدثةً عن ضربة الأزمة الإنسانية قائلةً إنّ الحرب الشاملة في غزة سببت نقصاً حاداً في الغذاء والماء والدواء في القطاع، مشيرة إلى أنّ العالم، بما في ذلك حلفاء "إسرائيل" ألقوا بمسؤولية ذلك عليها.
وعن ضربة الوحدة الكاذبة، أشارت الصحيفة إلى اتهام حركة الاحتجاج قبل الحرب بإنتاج "خطاب مثير للانقسام" و "إضعاف الجيش الإسرائيلي" وإخفاء حقيقة أن حكومة الإخفاق هي التي خلقت الانقسام في محاولتها إضعاف القضاء وتقويض القانون.
وتابعت أنّه حتى بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، ظلت "إسرائيل" مجتمعاً منقسماً ومستقطباً، وإن محاولة التستر على ذلك من خلال حمل اسم "الوحدة" عبثاً (بينما يستمر نتنياهو في تحريض أبواقه ضد منتقديه) تخدم جانباً واحداً - الجانب الذي يتهرب من مسؤوليته عن الواقع الرهيب الذي سببه، وفق الصحيفة.
ضربة ميزانية النهب، قالت الصحيفة إنّ عمليات التحويل الخفية إلى المجتمعات التي تدعمها الأحزاب الحاكمة مستمرة، بل وتتزايد، مع تأخير ميزانيات جنود الاحتياط والمخلين وعائلات الأسرى، وذلك في شكل عجز تضاعف بالفعل، وتمثل في زيادات ضريبية وتخفيض في التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل"، والضرر التراكمي للاقتصاد، الذي ستستمر في دفعه لسنوات طويلة.
ولفتت الصحيفة إلى ضربة عدم الانضباط، في إشارة إلى سيل مقاطع الفيديو التي صورها الجنود أنفسهم، وهم يتباهون بالتخريب والنهب، والتنكيل بالمعتقلين، وقصف المباني المدنية، وكل ذلك تسبب في إلحاق ضرر أكبر بصورة "الجيش" و"إسرائيل".
وسوء الانضباط هو أيضاً سبب مباشر لعدم الحرص على الإجراءات العملياتية، كما اضطر "الجيش" نفسه إلى الاعتراف عندما كشف تحقيقه في مقتل موظفي منظمة المطبخ العالمي الذين دخلوا غزة بالتنسيق مع "الجيش" الإسرائيلي.
أما عن ضربة النصر المطلق، قالت الصحيفة إنّه منذ اللحظة الأولى التي صاغ فيها نتنياهو المصطلح الأجوف "النصر المطلق"، كان من الواضح أنها كانت محاولة يائسة لإعادة ترميم مكانته كزعيم وحيد قادر على تأمين النصر كجزء من هروبه الشامل من المسؤولية.
وتابعت أنّ المصطلح لم يحقق غايته بل وأصبح موضوعاً للازدراء، وأثّر سلباً على الخطاب، فقد خشي خصوم نتنياهو السياسيون، وكذلك جنرالات "الجيش" الإسرائيلي، أن يُنظر إليهم على أنهم "انهزاميون" وامتنعوا عن إخبار الجمهور بالحقيقة المؤلمة والمعقدة.
واختتمت الصحيفة بضربة دمشق، التي راح ضحيتها 7 مستشارين في حرس الثورة الإيراني، قائلةً إنّها كانت خطأً جسيماً يتقاسمه مجتمع الاستخبارات، وخاصة شعبة الاستخبارات في "الجيش" الإسرائيلي، والمستوى السياسي، الذي يرأسه شخص قدم نفسه منذ سنوات على أنه أكبر خبير في الشؤون الإيرانية ووافق على الضربة، التي لم تكن تستحق بالتأكيد فتح جبهة أخرى بالنسبة له، بينما كان "الجيش" الإسرائيلي يراوح في قطاع غزة والشمال.