الثبات ـ منوعات
تظهر الأهمية الاستثنائية لبصمة الأصابع تاريخيا في العهدة النبوية المختومة بيد النبي الكريم محمد في دير سانت كاترين بشبه جزيرة سيناء.
نبي الإسلام محمد كان ضمن في عام 620 ميلادية لسانت كاترين، وهو دير أرثوذكسي شرقي، يوجد عند سفح جبل كاترين بسيناء، الحماية وحرية العبادة في وثيقة ختمت بأصابع كف النبي.
طبق هذا الأسلوب في عهود مختلفة وجرى ختم المعاملات التجارية والاقتصادية والبيانات السياسية وغيرها من الوثائق الهامة ببصمات الأصابع.
ومن ذلك أيضا، أن قراء الكف اليابانيين في القديم كانوا يحددون مدة نجاح وسعادة الشخص من خلال خطوط بصمات الأصابع الفريدة التي تسمى "الخطوط الحلمية"، كانوا يعتقدون أن نمط البصمة كلما كان سلسا ومستديرا، كان صاحبها أكثر حظا.
التطور الهام لاستعمال البصمة بدأ بوصول مسؤول بريطاني يدعى ويليام هيرشل إلى الهند في عام 1858. وبما أن الرجل كان مسؤولا عن السجلات المالية، ادخل استعمال البصمة في توقيع الهنود الذين يجهلون القراءة والكتابة على الوثائق.
الفكرة أتت من ملاحظته أن الهندوس يعلقون أهمية خاصة على اشكال بصمة أطراف الأصابع، وكانوا يعدونها بمثابة انعكاس للروح واتصال بالعالم الآخر، ولذلك رأى أيضا أن إضافة بصمة الأصابع إلى التوقيع ستكون ضمانا للوفاء بالالتزامات، وهذا ما حدث بالفعل.
ويليام هيرشل اضيف إليه عمل آخر يتمثل في دفع رواتب الجنود. كان يوجد الكثير من الجنود المحليين، وقد استغلوا أن الإنجليز يعتبرونهم متشابهين تماما مثل شخص واحد وتمكن البعض في بعض الأحيان من الحصول على المرتب عدة مرات من خلال إرسال أشخاص آخرين مكانهم.
رصد المسؤول البريطاني هذا النوع من الاحتيال وقرر إدخال نظام بصمات الأصابع في التعاملات مع الجنود أيضا، ثم اكتشف عدم وجود بصمات أصابع متشابهة، وقرر إعداد سجلات لبصمات بعض المجرمين.
هيرشل بعد سنوات طويلة من الخبرة في هذا المجال، بعث في عام 1877 برسالة إلى المفتش العام للسجون في لندن، وصف فيها منظومته لبصمات الأصابع بالتفصيل واقترح بالمثل حفظ بصمات المجرمين الذين تم القبض عليهم حتى يسهل في المستقبل تحديد هوية المجرمين المتكررين. لم يؤخذ هذا الاقتراح على محمل الجد وعُد صاحبه مجنونا.
الدراسة الهامة في هذا الطريق كانت من نصيب العالم الإنجليزي فرانسيس غالتون وهو ابن عم تشارلز داروين. ظهر إسهامه بكتاب نشر في عام 1892 بعنوان "بصمات الأصابع"، درس من خلاله 500 شخص، وتوصل على نتيجة مفادها أن الخطوط الحلمية في بصمة الأصابع لدى الشخص لا تتغير بمرور الزمن وهي دوما تعود إلى أصلها إذا تعرضت للتلف أو الضرر.
أما الممارسة العملية لبصمات الأصابع في المجال الجنائي، فقد بدأت الشرطة في تطبيق هذا الأسلوب فقط في عام 1900.
الجدير بالذكر أن بصمات الأصابع تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسة هي القوسية والمستديرة والحلزونية. اللافت أن البصمة ذات التكوين الحلزوني تعد من أندر الأنواع. يمكنك بسهولة أن تعرف نوع بصمتك. دقق في بصمة أحد الأصابع وستعرف على الاقل، هل أنت من أصحاب البصمات النادرة أم لا.