الثبات ـ بانوراما
ساعات تفصلنا عن نهاية العام 2023 بكل ما فيه من أزمات وكوارث وحروب على الصعيدين المحلي والإقليمي والدولي، ولعل أبرز حدث في هذا العام هو "طوفان الأقصى"، والعدوان الصهيوني المدمّر على قطاع غزة والصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية، وردود محور المقاومة من لبنان إلى اليمن والعراق، ويحلّ العام المقبل بنكسة صهيونية غير مسبوقة في تاريخ هذا الكيان، حيث دُقّ في نعشه أسافين تنذر بتراجعه وبداية زواله.
وفي لبنان تأجلت الأزمات إلى عام 2024 وعلى رأسها عدم انتخاب رئيس للجمهورية، إضافة إلى المشاكل القتصادية والاجتماعية المتنوعة التي تبدأ بالكهرباء والمياه وهبوط العملة ولا تنتهي بأزمة النازحين السوريين والتعليم والقطاع العام وغيرها من الأمور التي تؤرق يوميات اللبنانيين.. هذا ولا نستطيع الفصل بين ما يعيشه لبنان وبين أزمات المنطقة بشكل عام، والتي يعتبر فيها بلدنا تفصيلًا صغيرًا فيها.
"الأخبار": إسرائيل تهيّئ جمهورها للتنازل: بداية تحوّل
تستعد إسرائيل للانتقال إلى المرحلة الثالثة من حربها على قطاع غزة، أي من العمليات العالية الكثافة إلى الأقل منها وتيرةً وحدّةً، الأمر الذي ينقلها والمقاومة إلى حرب عصابات قد تطول أو تقصر، وفقاً لاستجابة العدو نفسه للمتغيّر الميداني، في ما سيكون شبيهاً بواقع الحزام الأمني في جنوب لبنان في القرن الماضي، والذي انتهى بعد عناد الجيش الإسرائيلي طويلاً إلى الانسحاب وتعزيز قوة «حزب الله» بما لا يقاس بما كانت عليه سابقاً. على أن اللافت في الأيام الماضية، كان تهيئة الجمهور الإسرائيلي للاستعداد للانتقال إلى هذه المرحلة، عبر خفض سقف توقّعاته بما يتلاءم مع ما تحقّق إلى الآن، بينما معظم هذا الأخير يندرج في إطار إنجازات تكتيكية لم يرقَ أيّ منها، تقريباً، إلى مستوى الإنجاز الإستراتيجي، فضلاً عن الغايات التي وُضعت ابتداءً للحرب، وتبيّن أنها خيالية وغير قابلة للتحقّق.وفي حين يضغط الرأي العام في العادة على صانع القرار في تل أبيب، في اتجاه مزيد من التعمّق في الحرب لتحقيق أهدافها، يبدو أن القيادة اليوم هي من تحاول توجيه الرأي العام وإعادة بلورة توقّعاته، وهو ما بدأت بالفعل العمل عليه عبر الإعلام - الأداة الطيّعة لديها -، لتهيئة الرأي العام للنزول عن شجرة التوقّعات العالية جداً، الأمر الذي أشارت استطلاعات الرأي، على اختلافها، إلى نجاحه. وإن كان لا يزال التغيّر بطيئاً في هذا السياق، فمن المُقدَّر له أن يصل إلى الحد الذي يسمح بإجراء تغييرات ميدانية.
ولعل خطاب رئيس الأركان، هرتسي هليفي، كان واضحاً في دلالاته في هذا الإطار؛ إذ قال: «ستستمر الحرب أشهراً أخرى، وإن كنا سنعمل بأساليب مختلفة. لا توجد حلول سحرية، ولا توجد طرق مختصرة، في التفكيك الشامل لمنظمة إرهابية»، في إشارة منه إلى حركة «حماس». ويحمل كلام هليفي إقراراً متعدّد الاتجاهات والمستويات، ويشكّل دلالة على توجهات الجيش الجديدة، وعنوانها: لن يُعلن وقف إطلاق النار، بل ستستمر الحرب لأشهر إضافية، بأساليب وتكتيكات مختلفة. كما أن الأهم في حديث رئيس الأركان، هو الاعتراف بأن العمليات الحالية، كما هي منذ أسابيع طويلة، عاجزة عن تحقيق الأهداف، وتحديداً تفكيك حركة «حماس». وفيما يُعد هليفي أحد أهم المؤثّرين على توقّعات الجمهور، تبيّن استطلاعات الرأي وكتابات المعلّقين المدفوعين من الجيش، والتي جاءت في أعقاب تصريحاته، خفض سقف التوقّعات العالية جداً، بالفعل.
مع ذلك، يبدو أن الانتقال من مرحلة إلى أخرى، تشمل انسحابات وإعادة تموضع دفاعي لتقليل الخسائر، سيكون طويلاً، كونه يتطلّب من الجيش تحقيق «إنجازات» تبرّر هذا الانتقال. هنا، تتكاثر الأسئلة والتحديات: ماذا عن الأسرى الإسرائيليين؟ وماذا عن مطالب «حماس» بأن تشمل أي صفقة تبادل مقبلة، وقفاً نهائياً لإطلاق النار؟ وماذا عن قادة حركة «حماس» الثلاثة: يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى؟ هل يمكن الانتقال من الحرب العالية الكثافة إلى الأدنى منها، من دون تصفية هؤلاء القادة أو أحدهم على الأقل؟ وفي المحصّلة، هل يمكن «بيع» صورة النجاح للجمهور الإسرائيلي من دون الإجابة عن هذه الأسئلة ميدانياً؟
يبدو لافتاً خروج كتابات في الإعلام العبري، عن السياق العام الذي يحكم الرواية العبرية شبه الموحّدة للحرب
على أن انتظار تحقيق إنجازات قبل الانتقال إلى المرحلة اللاحقة، لا يعني الانتظار إلى الأبد، خصوصاً أن «المزيد من الشيء نفسه» ليس وصفة سحرية من شأنها تغيير واقع الأمور وتبديل النتائج، بل هو يتحوّل مع الإنكار والمعاندة إلى عنصر إضرار تصعب معه أيّ معالجة لاحقة. وعلى هذه الخلفية، تسعى إسرائيل، وإن مع إنكار علني، لإبرام صفقة تبادل أسرى، من دون وقف دائم لإطلاق النار، وفي الحدّ الأقصى الممكن، مع هدنة طويلة نسبياً قياساً بما رافق صفقة التبادل الأولى، تحت إغواء إطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، والسماح بإدخال مزيد من المساعدة الإنسانية إلى قطاع غزة. وهذه الصفقة المأمولة هي التي تملي على الجيش الإسرائيلي الاستمرار في ضغطه الميداني، وليس فقط البحث عن إنجاز ما. إلا أن إسرائيل تواجه إصراراً فلسطينياً على أن يكون الاتفاق شاملاً، وأن يفضي إلى إنهاء كامل للحرب، مع حصانات وإعادة إعمار وغيرهما من المطالب، التي لا يجد الإسرائيلي قدرة على تلبيتها، شكلاً أو مضموناً.
إلا أن الوقت يضيق على الجيش الإسرائيلي، فيما إنهاء المرحلة الثانية، والذي يبدو أن توقيته ثابت إلى الآن في منتصف الشهر المقبل، لا يستقيم بلا صورة انتصار مطلوبة، بات مفتاحها، في الحد الأدنى من ناحية الأسرى، في يد «حماس»، بعد شبه اليأس من إمكانية الوصول إليهم عسكرياً، ما يدفع الحركة إلى التصلب في موقفها التفاوضي. كذلك، يثقل على إسرائيل «الدولة»، أن رأس الهرم السياسي معنيّ باستمرار الحرب، بمستوى ووتيرة عاليَين يمنعان تفكّك ائتلافه الحكومي، وبالنتيجة يضمنان استمرار حياته السياسية، المهدّدة في حال تحوّل الحرب إلى وتيرة منخفضة، تسمح بالمساءلات السياسية، بالانتهاء. أيضاً، ثمة تجاذب إسرائيلي - فلسطيني، وإسرائيلي - إسرائيلي، ومن وراء الكل واشنطن التي تضغط على تل أبيب لإنجاز المهمة ميدانياً، وفي الوقت نفسه بلورة أو القبول بمخارج سياسية لا يريدها بنيامين نتنياهو.
في خضمّ ذلك، يبدو لافتاً خروج كتابات في الإعلام العبري، عن السياق العام الذي يحكم الرواية العبرية شبه الموحّدة للحرب. وفي هذا الإطار، كتبت صحيفة «معاريف» الآتي: «رغبة الجيش الإسرائيلي في التأثير على صورة الإنجازات التي يحققها، أمام الجمهور في الداخل، مهمة للغاية، لكنّ هناك خطاً رفيعاً بين ذلك، والغطرسة»، فيما اعتبرت «هآرتس» أنّ «من الأفضل أن نأخذ بحذر شديد إحصاء جثث الإرهابيين، وهو ما تصرّ إسرائيل عليه لوصف نجاحاتها العسكرية. كل يوم، في تصريحات وتصريحات القادة الميدانيين، ترتفع تقديرات خسائر حماس. تتحدث التقديرات بالفعل عن حوالي 8000 إرهابي، ولكن في خلفية التقارير الاستخباراتية، يُذكر أن هذه التقديرات مبنية على مستوى متوسط من الثقة». بعبارة أخرى، من المحتمل أن يقع الجيش الإسرائيلي في فخّ المبالغة في التقدير، والذي عانى منه الجيش الأميركي في حرب «فيتنام». ولعل ما أشارت إليه الصحيفتان، ينبئ بما سيواجه صانع القرار في تل أبيب، في حال قرّر الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب.
"البناء": جنوب أفريقيا تتقدم بدعوى ضد كيان الاحتلال بتهمة جرائم إبادة… أين العرب؟
تتصاعد جبهة مساندة فلسطين وغزة عالمياً، وتسجل كل يوم المزيد من الخطوات التصاعدية، سواء عبر زخم عمليات المقاطعة للمؤسسات والشركات الداعمة لكيان الاحتلال، أو عبر حشود المتظاهرين الذين يملأون شوارع عواصم العالم ومدنه، خصوصاً في دول الغرب الداعمة للكيان وفي مقدمتها العاصمة الأميركية واشنطن والعاصمة البريطانية لندن، وسائر مدن أميركا وبريطانيا. وبينما سجلت عدد من دول أميركا اللاتينية خطوات بحجم قطع العلاقة مع كيان الاحتلال وإغلاق سفاراته، خطت حكومة جنوب أفريقيا خطوة نوعية بالتقدم بدعوى بحق كيان الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني. وفي كل هذه العناوين كان السؤال المتكرّر أين العرب، لماذا لا يتشاركون إغلاق السفارات الإسرائيلية وقطع العلاقات مع دول مثل بوليفيا وتشيلي وكولومبيا؟ ولماذا يغيبون عن المشاركة بمساندة الدعوى الجنائيّة التي تقدمت بها جنوب أفريقيا؟
في المواجهات التي تخوضها المقاومة في غزة، وتضع لها سقفاً واضحاً، لا تسوية تقوم على معادلة تكرار الهدنة المؤقتة والتبادل الجزئي، ولا لأي تفاوض على تبادل الأسرى إلا بعد إعلان انتهاء الحرب بصورة كاملة وفك الحصار عن قطاع غزة. وتثبت المقاومة قدرتها على الإمساك بزمام المبادرة عسكرياً في ميادين القتال، وتلحق بجيش الاحتلال خسائر تتزايد نسبتها وأهميّتها كل يوم، بصورة منعت جيش الاحتلال من التقاط أنفاسه والتفكير بالبدء بما أسماه المرحلة الثالثة من الحرب عبر سحب وحداته المنتشرة على جبهات القتال، ويضطر لإرسال المزيد من قواته إلى هذه الجبهات، وبعدما أُنهكت وحدات النخبة لديه بحجم إصاباتها بدأ يزجّ بـ ألوية الاحتياط التي تنقصها الكفاءة القتاليّة ما رفع نسبة خسائره بصورة مضاعفة، بينما غياب أيّ تصوّر لحل قضية الأسرى عن مشروع المرحلة الثالثة للحرب جعل المجاهرة بالبدء بتطبيقها مخاطرة تحمل في طياتها احتمال مواجهة انفجار في الشارع تحت شعار وقف الحرب وتبادل الأسرى وفق شروط المقاومة التي تقول بتبادل الكل مقابل الكل.
على جبهات لبنان وسورية والعراق مزيد من التصعيد يحاكي صمود اليمن وثباته عند معادلة منع سفن الكيان والسفن المتجهة إليه من عبور البحر الأحمر، متحدياً التهديدات الأميركية، بينما في العراق وسورية مزيد من الهجمات الصاروخية على القواعد الأميركية توزّعت بين مقر الاستخبارات الأميركية في أربيل وقاعدة الشدادي في سورية، فيما أعلن جيش الاحتلال تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من الجبهة السورية متحدثاً عن إطلاق ثلاثة صواريخ على مواقع الاحتلال في الجولان المحتل ليل أمس، بينما نشرت مواقع قريبة من جيش الاحتلال أن حزب الله قام بتوسيع مدى استهدافاته وعمقها إلى العشرة كيلومترات مع إدخال طراز مطوّر من صاروخ كورنيت يصل إلى ضعف المدى التقليديّ للنسخة الأصليّة لصاروخ كورنيت.
فيما تُرخي عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة برودة على الجبهة السياسية على أن يعود النشاط السياسي صباح الأربعاء المقبل، بقيت الجبهة الجنوبية على سخونتها بوتيرة أقل من أمس الأول، في ظل استمرار القصف المتبادل بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله وسط ارتفاع احتمالات توسّع العمليات العسكرية بحال قررت حكومة الحرب القيام بعدوان واسع على لبنان، بموازاة تلقي لبنان المزيد من الرسائل الأميركية والأوروبية تحذر من تطور الوضع الى الأسوأ على الحدود بحال استمرّ حزب الله بالعمليات العسكرية، وفق ما علمت «البناء».
على الصعيد الميدانيّ، استهدف حزب الله «رافعة تحمل تجهيزات ومعدّات تجسّس في مزارع دوفيف بالأسلحة المناسبة وتمّت إصابتها إصابة مباشرة». كما استهدف مرتين «موقع حدب يارون بالأسلحة المناسبة وأصابه إصابة مباشرة». واستهدف أيضاً «موقع المرج بالأسلحة المناسبة وحقّق فيه إصابة مباشرة». وأعلن حزب الله استهداف مرابض مدفعية العدو في خربة ماعر بالأسلحة المناسبة وتمّت إصابتها إصابة مباشرة.
وشددت جهات مطلعة على الوضع الميداني لـ»البناء» الى أن لا مؤشرات على الحدود توحي بأن جيش الإحتلال الإسرائيلي يحضّر لحرب على لبنان، وقد يقوم بعملٍ عدواني بالقصف من الجو على قرى ومدن جنوبية كما يفعل منذ بداية الحرب حتى الآن وقد يوسع هذا القصف أكثر، لكن لا يستطيع القيام بعملية برية في الجنوب لأنه يعلم كلفتها الباهظة على الصعد العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية ولن يخرج منها إلا مهزوماً، حيث أن المقاومة أعدّت الكثير من المفاجأت على كافة الصعد، ما يمكنها من إلحاق هزيمة كبيرة بالكيان الإسرائيلي تضاف إلى هزائمه المدوية في غزة منذ 7 تشرين الأول الماضي حتى الآن».
وأضافت الأوساط أن غرق جيش الاحتلال وتعرّضه في غزة لخسائر كبيرة لم يشهده من قبل بشرياً ومادياً دفعته الى سحب ألوية من النخبة من الميدان إضافة الى أن الجيش ينتشر على أكثر من جبهة في غزة والضفة الغربية وعلى الحدود مع لبنان وسورية من الجولان وعلى تخوم البحر الأحمر مع معلومات عن انتشاره على الحدود مع الأردن بعد حصول عمليات تسلل مؤخراً، كل ذلك لا يسمح له بإرسال فرق من الوحدات الخاصة للدخول برياً الى لبنان، علماً أنه سحب عشرة آلاف ضابط وجندي إسرائيلي من الجبهة الشمالية مع لبنان الى غزة منذ أسابيع». وأكدت الجهات الميدانية بأن العدو الإسرائيلي يتكبّد خسائر كبيرة في الجبهة الشمالية بفعل عمليات المقاومة في لبنان ويتكتم عنها ويفرض رقابة عسكرية على أي معلومات بشأن خسائره، فكيف بحال دخل الى لبنان بحرب برية؟ بالتأكيد سيتكبّد خسائر أكثر بكثير مما يتكبده في غزة». ووضعت التهديدات الإسرائيلية للبنان في إطار الحرب النفسية والضغط على الحكومة اللبنانية وحزب الله لتهدئة الجبهة في الجنوب، لكن المقاومة لن توقف عملياتها قبل توقف الحرب في غزة، مع تحسبها واستعدادها لكافة الاحتمالات.
وأشار قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل قاآني، في كلام وجّهه للإسرائيليين، إلى أنّكم «تكذبون وليس لديكم الجرأة للإعلان عن خسائركم، بينما حزب الله البطل يشيّع شهداءه علنًا».
وأكد رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، خلال خطبة الجمعة في بعلبك، أن «محور المقاومة من اليمن والبحر الأحمر إلى العراق الذي تخوض فيه المقاومة عملياتها على القواعد الأميركية، وتعمل على تطوير إمكاناتها لمفاجأة العدو الإسرائيلي، إلى المقاومة الإسلامية في لبنان التي تخوض حربًا أسقطت ما كانت تتبجّح به «إسرائيل»، وهي تقول له إن اليوم الذي كنت فيه تُؤلِم ولا تألم قد ولّى».
وشدّد يزبك، على أن «المقاومة تؤلم العدو اليوم في غزة ولبنان، ولن يؤثر على محور المقاومة كل الضغوط مهما كانت. فالموقف واحد هو إيقاف الحرب على غزة، ومن دونها، فالمحور لن يترك غزة وحدها».
بدوره، شدّد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشّيخ نبيل قاووق، على أنّ «كلّ اعتداء على المدنيّين لن يمرّ دون ردّ بالأشد والأقسى، وكلّ استهداف للمنازل سيكون له عقاب، وكلّ استهداف للعمق سيكون له حساب، ولن يمرّ اعتداء واستهداف على المدنيّين دون الرّدّ السّريع والشّديد».
وأوضح، خلال احتفال تكريميّ أقامه «حزب الله» في مدينة بنت جبيل، أنّ «هذا ما فعلته المقاومة بالرّدّ على مجزرة بنت جبيل، حيث قصفت كريات شمونة، وأعلنت عن ذلك في رسالة ميدانيّة ناريّة للعدو، أنّنا نعتبر استهداف المدنييّن خطًّا أحمر لا نسمح بتجاوزه، وإن عدتم عدنا بما هو أشدّ وأقوى بإذن الله».
وأكّد قاووق أنّ «المقاومة في لبنان استعدّت لكلّ الاحتمالات، وجهّزت كلّ المفاجآت، وهي في الموقع القويّ الّذي يفرض المعادلات على العدو الإسرائيلي، وهي مستمرّة في عمليّاتها ضدّه حتّى إفشال أهداف العدوان على غزة كافّة؛ لأنّ المعركة واحدة والمصير واحد».
وفي إطار الضغوط الأميركية – الأوروبية على لبنان لتطبيق القرار 1701، تصاعدت وتيرة الحملة السياسية والإعلامية التي تسلّط الضوء على الإشكالات التي وقعت في الأيام القليلة الماضية بين أهالي بعض القرى الجنوبية ودوريات لقوات اليونفيل، لكي يجري استثمارها في الضغط الأميركي لإثارة هذا الملف في مجلس الأمن الدولي خدمة للتوجهات والمطالب الإسرائيلية في دفع حزب الله للتراجع عن الحدود ووقف عملياته العسكرية ضد «إسرائيل» وإنشاء منطقة عازمة وتعزيز انتشار القوات الدوليّة عليها.
وفي سياق ذلك، ذكرت نائبة الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» كانديس ارديل، أنّ «حادثة الاعتداء على القوات الدولية هي انتهاك للقانوني الدولي والقرار 1701 والقانون اللبناني»، في إشارة إلى حادثتي بلدتي الطيبة وكفركلا.
وشدّدت على ضرورة أن «تمنح اليونيفيل حرية الحركة لتتمكن من اداء مهمامها»، معربة عن قلقها من التطورات جنوباً بحيث يمكن ان تؤدي اي حادثة الى تصعيد غير مسبوق.
واعتبرت أرديل أن «من الأهمية بمكان أن نتمتع بحرية الحركة وإلا سنكون عاجزين عن تطبيق القرار 1701 والذي يهدف الى إعادة لبنان الى حالة الاستقرار والأمن وإن لم نتمتع بحرية الحركة لن نتمكن من القيام بمهامنا».
ولفتت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن هناك من يسعى الى استثمار التهديدات الإسرائيلية بشن عدوان على لبنان، في الضغط لتعديل صلاحيات اليونفيل في الجنوب لتقييد حركة المقاومة في لبنان في القيام بعملها العسكري ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبعد أن نجحت المقاومة في تدمير معظم الجدار الإلكتروني الإسرائيلي وأجهزة التشويش وأبراج المراقبة والتنصت، تريد «إسرائيل» تحويل القوات الدولية الى شرطي حدود لمراقبة تحركات المقاومة وضبطها والتجسس عليها، الأمر الذي يتعدّى صلاحيات هذه القوات المنصوص عنها في القرار 1701 حيث يمنع على القوات الدولية التجول من دون مرافقة الجيش اللبناني، كما الدخول الى الأحياء السكنية والتفتيش في المنازل أو الحقول الزراعية. وتساءلت المصادر عن صمت قوات اليونفيل عن الاعتداءات الإسرائيلية ضد الجنوب ولبنان فيما تركز على حوادث صغيرة بين اليونفيل والأهالي من الطبيعي حصولها في ظل هذه الأجواء المشحونة والوضع الأمني الدقيق في الجنوب، علماً أنه جرت معالجة هذه الإشكالات عبر الاتصالات مع الجيش وقيادة اليونفيل.
وشدّد نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب بعد زيارته مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة إلى أن «لبنان بغنى عن حرب، لا أحد يريد الحرب ولا أحد يتمنّاها وأيّ كلام يجب قوله ابتداءً من الأسبوع المقبل إن على المستوى الإقليمي أو المنطقة بما يتعلّق بالـــ 1701 أو استقرار أكثر على الحدود، يعني الـــ 1701 يُطبّق من قبل «إسرائيل» أولاً ثم نتكلّم كيف على لبنان تطبيقه. كلّنا رأينا خروقات الطيران الإسرائيلي في سماء لبنان، هذا خرق مباشر للــ 1701 وأعتقد أن معظم الدول المهتمة، تعرف أن لا أحد يحترم الـــ 1701 وخاصة العدو الإسرائيلي. بالتالي كان هناك كلام على ضرورة الاستقرار وإبعاد شبح الحرب عن لبنان واللبنانيين».
إلى ذلك تترقب الأوساط السياسية الحراك الخارجي والفرنسي – القطري تحديداً على خط رئاسة الجمهورية والذي سيواكبه محلياً رئيس مجلس النواب نبيه بري في إجراء مروحة مشاورات مع الكتل النيابية لمحاولة فتح حوار فيما بينها كمقدمة للدعوة الى جلسة للمجلس النيابي لانتخاب الرئيس.
إلا أن مصادر مواكبة للحراك في هذا الملف تشير لـ»البناء» إلى أن المسؤولين الرسميين لم يتلقوا أي اتصالات من مسؤولين خارجيين لزيارة لبنان، لكن المعلوم أن الاستحقاق الرئاسي سيتحرّك مطلع العام الجديد، لا سيما أن مراجع سياسية لمست لدى جميع الأطراف نيات إيجابية وتحسساً بالمسؤولية وخشية من تداعيات الحرب في غزة والحدود الجنوبية على الداخل اللبناني على كافة المستويات، ما يستدعي أن تتحمل القوى السياسية والكتل النيابية مسؤوليتها بانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تحريك عجلة الدولة وانجاز كافة الاستحقاقات وملء الشغور في المؤسسات لا سيما في رئاسة الأركان والمجلس العسكري».
وأبدى بو صعب استغرابه في هذا السياق، «كيف لا يمكن لهذا المجلس النيابي الذي مدّد لقائد الجيش، الاجتماع بالطريقة ذاتها والتشاور حتى يتمكّن من انتخاب رئيس جمهورية. وكنت قد سمعت من دولة رئيس مجلس النواب أن الكلام سيكون في هذا الاتجاه بدءاً من شهر كانون الثاني، يجب على جميع المعنيين في الشأن العام وفي السياسة وفي المجلس النيابي ابتداءً من شهر كانون الثاني أن يصبّوا كلّ جهودهم لانتخاب رئيس جمهورية».
"الجمهورية": السنة الجديدة ترث الأزمات والتصعيد جنوباً
غداً.. يوم الرحيل لسنة غير مأسوف عليها، كانت امتداداً لسنوات مريرة، بل أسوأ منها كلّها، وفاقتها بما راكمته من آلام وأثقال أتعبت اللبنانيين، وأدخلتهم في صراع مرير للبقاء. والفضل في ذلك، يُسجّل لذهنيات العبث السياسي التي استقوت على البلد وأهله، وكتبت بالتكافل والتضامن، كابوس الأزمة القاتلة، ورسّخت الفراغ في رئاسة الجمهورية، وقطعت كل سبل التوافق والتفاهم، وأطفأت الأمل بانفراج، واغتالت حلم الشعب اللبناني بوطن معافى يفخر بانتمائه اليه، وتوقه إلى دولة أمن وأمان واستقرار وازدهار ورخاء. في وداع هذه السنة، لا يملك اللبنانيون، وهم يطوون يومها الاخير، سوى أن يجدّدوا الرّهان على السّنة الجديدة، لعلّها تضيء ما تبقّى من أمل في أن تحمل بداياتها استفاقة سياسيّة تلفظ الشعبويات والعداوات، والارتهانات، وسباق المصالح والمغانم، والفجع الى السلطة والتحكّم، وتنهض من جديد بوطن انحدر إلى أسفل حدود الفقر والتعاسة والتصدّع والوهن، ومصيره يترنّح على حافة جحيم جهنمي يمتد على طول المنطقة، وليس معلوماً متى ستحين لحظة السقوط الكارثي.
في السياسة، ورّثت السنة الراحلة الملفات والتعقيدات إلى السنة الجديدة، تاركة شيفرة حلولها محبوساً عليها في قمقم اصطفافات تنذر انقساماتها بغرق كل تلك الملفات من جديد، في دوّامة النّكايات والمكايدات والمزايدات ذاتها، وفي موازاة ذلك، وعدٌ مقطوع بإعادة تحريك الملف الرئاسي، باعتبار أنّ حسمه الشرط الأساس لتصويب مسار البلد، وفتح باب المخارج والحلول لكل الملفات الشائكة.
التعويل في الملف الرئاسي، يبقى على المبادرة الخارجية الموعودة التي تحدثت عنها وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا. وعلى ما يقول مرجع سياسي شديد الحماسة والاستعجال لحسم الملف الرئاسي، فإنّه «سواءً أكانت أحادية الجانب من الفرنسيّين وحدهم، او من القطريين وحدهم، او منسقة بين باريس والدوحة او مدعومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من قِبل اللجنة الخماسية، فإنّ في أيّ حركة او حراك احتمال بركة، وما نريده في نهاية المطاف هو أن نأكل العنب الرئاسي، بعدما أنهكنا حصرم التعطيل».
المبادرات: تشكيك وقلق
على انّه في موازاة هذا التعويل، تشكيك صريح بنجاح أيّ مبادرة رئاسيّة داخلية او خارجية، وتعكس ذلك بصراحة شخصية وسطية بارزة بقولها لـ«الجمهورية»: «اي مبادرة جديدة، ستكون بالتأكيد بنت التجارب السابقة التي أسقطت فيها انقسامات الداخل وتناقضاته، سلسلة طويلة من المبادرات الفاشلة، سواءً من قبل الفرنسيين او من القطريين او من اللجنة الخماسية، او المبادرات الحوارية المتتالية التي اطلقها الرئيس بري. فوسط هذه التناقضات لا أمل بأي انفراجات، وبالتالي أنا على يقين بأن لا رئيس للجمهورية قبل أشهر، حتى لا أقول سنة واكثر، وبالتالي ما يُحكى عن مبادرات ليس اكثر من تعب وتضييع وقت، وما يجب ان نركّز عليه هو الحرب في غزة وجنوب لبنان، وننتظر ماذا سيحصل في المنطقة، وكذلك في لبنان، حيث أنّه يتملكني قلق كبير من مغامرة جنونية لا استبعد أن يُقدم عليها بنيامين نتنياهو ووزراؤه المتطرفون، هرباً من محاكمته التي ستبدأ في شهر شباط».
بري: الرئيس ضرورة
هذه الصورة السوداوية في المنطقة، الى جانب ضرورات الداخل اللبناني، تؤكّد الحاجة اكثر الى انتخاب رئيس للجمهورية، على حدّ تعبير الرئيس بري. الذي رفض المقولة التي تروّج في بعض الاوساط بأنّ «البلد ماشي بلا رئيس جمهورية»، وقال لـ«الجمهورية»: «هذا حكي فاضي، رئيس الجمهورية ضرورة للبلد، ويجب أن يُنتخب في أسرع وقت».
وردّاً على سؤال عن ماهية التحرّك الذي سيقوم به حول الاستحقاق الرئاسي، يؤكّد بري أن «ليس في جعبته أيّ مبادرة، لا حوارية ولا غير ذلك. فقط مشاورات للتأكيد للجميع على أنّ أقل الواجب والمسؤولية الوطنية على كلّ الأطراف في هذه المرحلة، هو إعادة تنظيم وتحصين وضعنا الداخلي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية».
ويتابع الرئيس بري تطورات الوضع في الجنوب في ظلّ الاعتداءات الاسرائيلية المكثفة على المناطق اللبنانية والمدنيين في البلدات الآمنة، ويؤكّد «أنّ المقاومة في مواجهتها للعدو في الجنوب، ومنذ اليوم الأول وحتى الآن، لم تحدّ عن قواعد الاشتباك فيما اسرائيل تتعمّد خرق هذه القواعد وتوسيع دائرة اعتداءاتها».
وحول ردّ المقاومة المتصاعد على هذه الاعتداءات: قال بري: «الرطل بدو رطلين».
وعندما يُسأل عمّا إذا كان ثمّة جهود خارجيّة تُبذل لخفض التصعيد، يقول بري: «كلّ الناس تتواصل وتدعو الى التهدئة، فيما المطلوب أمر وحيد هو إلزام إسرائيل بوقف عدوانها». وسبق له أن قابل دعوات الموفدين الذين التقاهم الى تجنّب لبنان تصعيد المواجهات والانزلاق الى حرب واسعة مع اسرائيل بتأكيده «أنّ خطر التصعيد واندلاع حرب واسعة، ليس مصدره لبنان، بل أنّ مصدر الخطر الحقيقي هو اسرائيل».
ميقاتي: قلق
وفي السياق، نُقل عن الرئيس ميقاتي «قلقه الشديد من تصاعد حدّة الاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان، بالتزامن مع الحرب الدائرة على قطاع غزة».
وبحسب ما نُقل ايضاً، فإنّه خلافاً للتطمينات التي تلقّاها لبنان في الفترة الماضية من حصر العمليات ضمن «قواعد الاشتباك» المعروفة، بات رئيس الحكومة شديد القلق من تفلّت الاوضاع ومحاولة اسرائيل تحويل الانظار عن المأزق الشديد الذي تعاني منه في غزة، بتصعيد عدوانها على جنوب لبنان. ومن هذا المنطلق يكثّف ميقاتي اتصالاته ولقاءاته الديبلوماسية، لحضّ «دول القرار» على الضغط لوقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان. كما يكثف اتصالاته الداخلية في اطار السعي لضبط الوضع وعدم الانجرار وراء ردات فعل تعطي مبرراً للعدو الاسرائيلي لتصعيد عدوانه.
يُشار الى أنّ جدول مواعيد ميقاتي يفيد بأنّ السرايا الحكومي سيشهد بعد رأس السنة مباشرة، سلسلة لقاءات ديبلوماسية دولية وعربية لرئيس الحكومة، لمتابعة الاوضاع والسعي الى وقف المواجهات، بالتزامن مع اتصالات محلية لبت الملفات العالقة أو المؤجّلة وفي مقدّمها ملف التعيينات العسكرية.
عودة هوكشتاين
الى ذلك، ووسط تصاعد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية، كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن زيارة محتملة للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت منتصف شهر كانون الثاني المقبل، حاملاً معه مبادرة اميركية متعلقة بتطبيق القرار 1701. وعلى الرغم من نسب الحديث عن الزيارة الى السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، الّا انّه لم يصدر حتى الآن تأكيد رسمي لهذه الزيارة من قبل الادارة الاميركية.
وسواءً تأكّدت هذه الزيارة او لم تتأكّد، فإنّ ما يثار حول القرار 1701 في هذه الفترة، يتلاقى بشكل مباشر مع ما بدأت اسرائيل بالترويج له حول ترتيبات يجب أن تحصل في منطقة عمل القرار المذكور، يكون في نتيجتها توفير الأمن للمستوطنات الاسرائيلية على الحدود، وإبعاد «حزب الله» الى شمالي نهر الليطاني. وهو الأمر الذي سبق للبنان الرسمي أن اكّد امام كل الموفدين الاميركيين والفرنسيين وغيرهم، التزامه الكامل بتطبيق القرار 1701 واستعداده للمساعدة في تطبيقه، ودعوته المجتمع الدولي إلى إلزام اسرائيل بتطبيق القرار، وهو ما شدّد عليه بصورة خاصة الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
يُشار في هذا السياق، الى رواج معلومات غير مؤكّدة قبل وصول هوكشتاين، تفيد بأنّ المبادرة الاميركية تقوم على مسارين، الأول خفض التصعيد على الجبهة الجنوبية، والمسار الثاني صياغة تسوية على خط الحدود البرية تنسحب بموجبها إسرائيل من النقاط 13 بما فيها نقطة b1، وخراج بلدة الماري، والجزء الشمالي من بلدة الغجر، وتحسم وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
موقف «حزب الله»
حول هذا الأمر، يمارس «حزب الله» صمتاً متعمداً، والمطلعون على أجواء الحزب لهذه الناحية، يؤكّدون أنّه احبط مسعى الموفدين الى استدراجه الى موقف حيال ما يُثار عن القرار 1701 وترتيبات في المنطقة الحدودية التي يشملها هذا القرار، ورفض الحديث في اي تفصيل متصل بهذا الامر، ذلك أنّ المطلوب فقط الآن، هو أن توقف اسرائيل عدوانها على غزة وعلى لبنان.
وبحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ «الحزب عالم بكلّ الدوافع إلى اثارة هذا الموضوع، التي تحاول إسرائيل من خلال هذه الإثارة ان تفرض شروطها، من قبيل إبعاد «حزب الله» الى شمالي الليطاني. فهذه الطروحات عن ترتيبات وما شاكل ذلك، وكما يعتبرها الحزب، أمنيات لإسرائيل تحاول أن تسوّقها عبر بعض الاوروبيين، ومن هنا فإنّ تصعيد المواجهة على الحدود الجنوبية، ليس فقط مجرّد إشغال لجيش العدو، بل هو إتعاب وإنهاك له، حتى لا يصل الى لحظة يعتقد فيها أنّ في امكانه فرض شروطه وتحقيق مكتسبات ميدانية على حساب لبنان والمقاومة».
الى ذلك، اعتبر مرجع مسؤول «أنّ الحديث عن ترتيبات جديدة في منطقة عمل القرار 1701 بالشكل الذي تريده اسرائيل امر بالغ الخطورة، وتستبطن شرارة اندلاع حرب واسعة»، وقال لـ«الجمهورية»، انّ «هذه الترتيبات بالشكل الذي تريده اسرائيل، تحت عنوان إبعاد «قوات الرضوان» الى شمالي الليطاني وإنشاء منطقة عازلة لحفظ امن المستوطنات الاسرائيلية، مكمن الخطورة فيها أنّ الطرح الاسرائيلي هو في الشكل «إبعاد الرضوان»، الّا أنّه في جوهره يستبطن إبعاد الناس، وتفريغ المنطقة من سكانها، أي الغاء الحياة على كل الجانب اللبناني من الحدود. ومثل هذا الامر يستحيل على اسرائيل تحقيقه لا بالسياسة ولا بغير السياسة، كما لا يستطيع احد في الخارج، وحتى أقرب حلفاء اسرائيل الاميركيين والدوليين، أن يغطيه ويدافع عنه ويدفع في اتجاه تحقيقه، كما لا يستطيع أحد في الداخل اللبناني أن يخضع له ويمرره ويقبل به».
تهديدات إسرائيلية
وفي وقت اشار فيه الإعلام الاسرائيلي الى أنّ المستوطنات الاسرائيلية المحاذية للبنان تشهد بلبلة كبيرة، ومخاوف متزايدة من تسلّل مسيّرات اليها، لفت الى انّ قادة اسرائيل يكثرون في إطلاق التهديدات بحرب على لبنان. وآخرها ما جاء على لسان وزير الدفاع الاسرائيلي السابق افيغدور ليبرمان، الذي علّق على ما تُسمّى «مسـألة اليوم التالي من الحرب على غزة» وقال في تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «في اليوم التالي ضدّ «حزب الله»، يجب على جنود الجيش الإسرائيلي أن يتمركزوا في نهر الليطاني والسيطرة على المنطقة الواقعة بين الليطاني والحدود، ويجب أن تكون كامل الأراضي تحت السيطرة الإسرائيلية، كل هذا حتى تقوم حكومة في بيروت تكون قادرة على ممارسة سيادتها على جميع أراضي لبنان، ولا تفعل ذلك. ومهما طال الزمن، 5 أو 15 أو 50 سنة، فإنّ أي ترتيب آخر يعني التنازل عن الجليل».
واعتبر ليبرمان أنّ «مسألة اليوم التالي يجب أن تتضمن رسالة واضحة ألّا يعبث أحد معنا. ولن يتمّ ذلك إلاّ من خلال تحصيل ثمن باهظ من أولئك الذين بدؤوا الحرب ضدنا، وعلى رأسهم حركتا «حماس» و«حزب الله».
الاّ انّ اللافت للانتباه في موازاة ذلك، هو ما يؤكّد عليه الخبراء العسكريون لجهة أنّ التهديد الاسرائيلي بحرب شيء، والفعل شيء آخر، فحتى لو ارادت اسرائيل الحرب مع لبنان، فإنّ الولايات المتحدة الاميركية ستمنعها لأنّها لا تريدها كونها تشكّل شرارة لحرب واسعة في المنطقة. حيث أنّ الحرب مع لبنان ستكون أوسع وقد تفتح أبواباً إقليمية مغلقة على الجحيم. فضلاً عن انّ الجيش الإسرائيلي الذي تعذّر عليه حسم المعركة في غزة منذ نحو ثلاثة أشهر، سيجد أنّ الوضع أصعب بكثير مع لبنان. وسيواجه مصاعب اكبر ويتكبّد اثماناً باهظة إذا وقعت حرب مع لبنان. ذلك انّ الإمكانات الصاروخية التي لدى حركة «حماس»، والمحصورة في نطاق ضيّق ومحاصر، وتمكنت من خلالها من إيلام اسرائيل وإلحاق خسائر كبرى في جيشها، لا تعدو اكثر من امكانات «تذكيرية» ورسائل، وليست امكانات تدميرية ضاغطة كالتي يملكها «حزب الله» في نطاق مفتوح يبدأ من جنوب لبنان ويصل الى ايران.
اعتداءات وعمليات
وكانت جبهة الحدود الجنوبية قد شهدت امس، يوماً عنيفاً في القصف المعادي على المناطق اللبنانية، وعمليات «حزب الله» ضدّ المواقع الاسرائيلية، حيث شنّ الطيران الحربي الاسرائيلي والمسيّرات سلسلة غارات، شملت عيترون، حيث افيد عن سقوط جريحين، ووادي حامول - الناقورة، اللبونة ومحيط العين الزرقا، وحرجاً بين اللويزة ومليخ، واطراف بلدة يارون، كما قصفت مدفعية العدو اطراف بلدات علما الشعب، الضهيرة، وادي حسن، مروحين، جبل بلاط، وراميا، محيط الخريبة وراشيا الفخار، شيحين، ام التوت، كفر حمام، والماري.
وفي المقابل، أعلن «حزب الله» عن أنّ المقاومة الاسلامية استهدفت موقع حدب يارون مرتين، ورافعة تحمل تجهيزات ومعدّات تجسّس في مزارع دوفيف، وموقع المرج، ومرابض مدفعيّة العدو في خربة ماعر، وموقع رامية، وأماكن انتشار جنود العدو الإسرائيلي بين ثكنة زرعيت وموقع بركة ريشا، وموقع رويسة القرن في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
وأفادت وسائل اعلام اسرائيلية عن 27 هجوماً جرى تنفيذها ضدّ الجليل، وقالت انّ صفارات الإنذار دوّت في مستوطنات كريات شمونه، مرجليوت، مسكاف عام، كفار يوفال، معيان باروخ، المنارة، المطلة، كفار جلعادي، وبيت هيلل في اصبع الجليل، خشية تسلّل طائرات مسيّرة، وانّ الجيش الإسرائيلي اطلق رشقات ناريّة ثقيلة على أطراف بلدة البستان الجنوبيّة، من مواقعه المتاخمة لبلدة عيتا الشعب.
"اللواء": سنة شاهدة على ارتباط وضع لبنان بأزمات المنطقة
بين اليوم السبت وغداً الأحد، ينتهي عام كامل بكل ما له وما عليه، حاملاً في طياته، سجلاً من الاحداث، سواء السياسية أم الأمنية أم الحربية، محلياً واقليمياً وحتى دولياً، فالفراغ الرئاسي لم يُمَلأَ، والانسجام السياسي بقي غائباً، اذ ان التيار الوطني الحر الذي سجل ابتعاداً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، أكمل تموضعاته بإنهاء التحالف مع حزب الله، وغاب عن المشهد اقتصادياً ومالياً رياض سلامة، وتمكنت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من تحمل أعباء الاوضاع بحلوها ومرّها.. الى ان كانت واقعة «طوفان الأقصى»، وفتح جبهة الجنوب التي تمتد من موقع المساندة، ولا تزال مفتوحة، تنزف مع النزيف الفلسطيني غير المسبوق، بحق شعب قرر الاستبسال والموت دفاعاً عن حقه في الحياة والارض وحماية المقدسات وتراث الأجداد.
وعلى وقع تهديدات من كبار اركان حرب اسرائيل ضد لبنان، والايحاء بأن إبعاد حزب الله عن جنوب الليطاني يتعين ان يتحقق حرباً او سلماً.
وبعد ساعات الصباح الأولى، استهدفت اسرائيل بغارة جوية سيارة مدنية على طريق عيترون- بنت جبيل بصاروخ ادى الى احتراقها، ورد حزب الله باستهداف رافعة تحمل تجهيزات ومعدات تجسس في مزارع دوفيف بالاسلحة المناسبة، موقعاً اصابات وفقا لبيانات الحزب.
وقال مصدر دبلوماسي ان ما انتهت اليه السنة، جنوبا، يكشف عمق ارتباط الازمة اللبنانية بأزمات المنطقة الملتهبة.
مجلس الوزراء
ومع أول جلسة لمجلس الوزراء الخميس في 4/1/2024 او في الاسبوع الذي يلي، تزدحم الملفات، سواء المتعلقة بالفساد او عودة المدارس الى الانتظام، او الادارة او الزيادات على رواتب ومعاشات الموظفين والمتقاعدين، فضلا عن تعيين رئيس جديد للاركان ومدعٍ عام للتمييز خلفا للقاضي غسان عويدات الذي سيحال الى التقاعد.
ومن الملفات الضاغطة تمويل أدوية الامرا ض السرطانية والمستعصية، في ضوء انضمام وزارة الصحة الى تظاهرة اصحاب الحاجات المتعلقة بهذه الامراض، على ان تفتح اعتمادات في الجلسة المقبلة لتمويل شراء الادوية.
جعجع: البناء على التمديد لقائد الجيش
رئاسياً، وفي الطلاق بين حزب الله والتيار الوطني الحر بات بائناً، تقدم حزب القوات اللبنانية الى المسرح، من زاوية قياس بناء التحالف من اجل التمديد الى القيام بالدور نفسه في سبيل انهاء الشغور الرئاسي.
وقال رئيس الحزب سمير جعجع في العشاء السنوي لمنسقية عالية في القوات «اننا على كامل الاستعداد وسنقوم بكل ما يمكننا، ولا مصلحة خاصة لنا في هذا الشأن، ولدينا مطلب واحد: ان يكون الرئيس المقبل «رئيساً». فنحن لا نطالب بشخصية محددة او مصلحة معينة او نسعى لوزارات او حقائب.. الخ...».
الكهرباء.. وعد عرقوبي جديد
كهربائياً، اطلقت مؤسسة كهرباء لبنان، وعدا يخشى ان يكون عرقوبياً، على غرار الوعود السابقة، فقالت في بيان لها امس ان شحنة الفيول اويل من العراق المتوقع ان تصل اليوم 30/12/2023 او 31/12/2013، عندما تصل ستعهد المؤسسة الى رفع التغذية الى 520 ميغاواط، مما سيوفر عددا اكبر من الساعات للمؤسسات والمنازل.
وكالعادة، ينسى اللبنانيون الى نسيان همومهم وتعثراتهم، بالذهاب الى السهر في رأس السنة، حيث كشف النقاب عن 700 سهرة وحفلة، في ظل اجراءات امنية مشددة، لجهة السرعة، واطلاق النار، او احتساء الكحول، لدى العودة الى المنازل، وسط معلومات عن سهرات فاخرة في فنادق 5 نجوم في العاصمة وخارجها.
الوضع جنوباً
وليلاً، امتداداً الى ساعات الصباح الاولى حلق طيران التجسس الاسرائيلي فوق قضاء صور والساحل البحري حتى مشارف مجرى نهر الليطاني، وسط استمرار إطلاق القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الازرق وفوق ساحل البحر قبالة الناقورة وبلدة القليلة.
وكانت تعرضت أطراف بلدات: رامية، الناقورة، جبلا اللبونة، العلام، الضهيرة، عيتا الشعب، شيحين، جبل بلاط، جانين، دبل والقوزح لقصف مدفعي ولعدد من الصواريخ (جو - ارض) من الطائرات المسيّرة، ما أدى في بلدة رامية الى قطع طريق فرعية، وقد عملت فرق الدفاع المدني على ازالة مخلفات الاعتداءات.
وقالت المقاومة الاسلامية ان مجاهديها استهدفوا موقع رويسة القرن في مزارع شبعا، وأماكن انتشار جنود العدو بين ثكنة زرعين وموقع بركة ريشا، وموقع رامية وموقع المرج.
وذكرت القناة 14 الاسرائيلية، بأن «القيادة العسكرية ستواصل عملياتها بالشكل الحالي في لبنان، وستنفذ بعض الضربات المحدودة في سوريا».
وأوضحت، أن «القيادة ترى بأن الوقت الحالي هو وقت التركيز على حرب غزة فقط لا غير، ولا يمكن فتح عدة جبهات بآن واحد بالوقت الحالي».
ووفقًا للقناة فإنه «في المستقبل البعيد إن لم يرضَ حزب الله بالابتعاد عن الحدود بشكل دبلوماسي، ففتح حرب ضده سيكون أمراً منطقياً».