الثبات ـ لبنان
ألقى السيد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة وحشدٍ من المؤمنين، وقال: "من الواضح أن العدو الصهيوني يصر على الاستمرار بارتكاب مجازره في غزة بحق المدنيين وتدمير البنية التحتية، وهو لذلك أجهض كل المبادرات التي دعت إلى إيقاف نزيف الدم والعودة إلى التفاوض، بل نشهد رغبة من هذا العدو لتوسعة دائرة استهدافاته إن بحق الضفة الغربية أو سورية أو ما جرى أخيرًا بحق أحد قادة الحرس الثوري الإيراني، والتمادي في عدوانه على لبنان".
وأضاف: "وهذا يعود إلى الرغبة الجامحة، عند من يتحكّمون بالقرار الأمني والسياسي في هذا الكيان، بالانتقام بعد الإذلال الذي تعرض له وسعيًا منه لاستعادة هيبته المفقودة ولتحقيق نصر عسكري أو سياسي يقدمه لجمهوره وللرأي العام بعد الكلفة الباهظة التي يتكبدها إن على الصعيد البشري أو المادي أو المعنوي وخوفًا من الحساب الآتي إن توقفت الحرب، ولم يحقق أي إنجاز يُذكر".
وأردف أنه: "من المؤسف أن نجد من ما يزال يشجع هذا الكيان على الاستمرار في الحرب، ويمده بكل سبل الدعم المادي والعسكري والسياسي والاقتصادي ويصر على تغطيته في المحافل الدولية، من دون الأخذ بالحسبان كل تلك المآسي والفظائع التي تحدث، وهو ما بات يشير إلى مدى السقوط الأخلاقي والإنساني للداعمين لهذا الكيان أو أولئك الساكتين على جرائمه، ولن ينفع الشعب الفلسطيني المساعدات الإنسانية التي يقدمونها له ما دام نزيف الدم مستمرًا".
وتابع: "في هذا الوقت، وبالرغم من كل هذه الجراح والآلام تستمر مقاومة الشعب الفلسطيني، وهي تقدم في الميدان أروع ملاحم البطولة والإقدام والفداء حتى الاستشهاد، ما لا نجد له مثيلًا بالرغم من عدم تكافؤ القدرات وعدم توازن الإمكانات بينهم وبين كيان العدو، ما جعل قيادات العدو العسكرية تعترف بثقل المعركة، وبثمنها الباهظ على جيشهم وأن الانتصار الذي يصبون إليه لن يتحقق وقد لا يتحقق، وهو تفاديًا لإعلان فشله في عدوانه بدأ بالحديث عن مرحلة عسكرية جديدة يسعى للقيام بها في الأسابيع القادمة، والتي نستطيع أن نؤكد إنها لن تجديه نفعًا، بل تزيد من مأزقه، بعدما أخذ الشعب الفلسطيني قراره بالصمود والثبات في أرضه مهما غلت الأثمان وعلت التضحيات، وأنه لن يتنازل عن شروطه ومطالبه تحت وطأة نار العدو وجرائمه".
وقال: "أمام ما يجري؛ نعيد دعوة الدول العربية والإسلامية إلى الكفّ عن سياسة الصمت والاكتفاء ببيانات وبمبادرات أثبتت الوقائع أن العدو لا يعيرها اهتمامًا ما دامت لا تهدد كيانه أو مصالحه، في الوقت الذي نجدد دعوتنا للشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم إلى الاستمرار بالتعبير عن غضبهم تجاه ممارسات هذا الكيان وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، مما تضج به الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل للضغط على دولهم للقيام بالمسؤوليات المطلوبة منهم تجاه شعب عربي ومسلم يريد الحرية لأرضه وإنسانه، وهنا نجدد القول إن نتائجها لن تقتصر على هذا الشعب؛ بل على أمنهم القومي الذي بالطبع سيكون عرضة للتهديد من هذا العدو إن مرت مجازره من دون حساب وعقاب، وهو لن يتوانى أن يكرر ذلك مع كل بلد عندما تقتضي مصالحه ذلك".
ولفت السيد فضل الله: "لا بد هنا أن نقدر كل الذين يقفون في الميدان، سواء أكان ذلك في الميدان السياسي أم الإعلامي وعبر مواقع التواصل أو الميدان الاقتصادي، أو في المسيرات وأي مظهر من مظاهر الاحتجاج، بالرغم من كل الضغوط التي يتعرضون لها ممن لا يعون مدى خطورة ما يقوم به العدو وآثاره أو ممن يقفون معه".
وقال: "ونصل إلى لبنان، الذي يتمادى العدو في اعتداءاته عليه، والتي وصلت إلى المس بالمدنيين في بيوتهم وبلداتهم، وآخرها ما جرى في بنت جبيل وكاد يجري في عيناتا وأكثر من بلدة، لندعو اللبنانيين إلى التوحد لمواجهة اعتداءات هذا العدو، والتي تزداد وتيرتها يومًا بعد يوم، وعدم الرضوخ لمطالبه بتأمين الأمن لكيانه ولو على حساب هذا البلد وأمنه وعدم جعل العدو يستفيد من أي انقسام أو سجال يحصل على هذا الصعيد، وهنا نقدر المواقف الأخيرة التي عبّرت عن إجماع اللبنانيين على إدانة هذا العدوان".