بانوراما ـ الثبات
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم بسحب جيش الاحتلال للواء غولاني من قطاع غزة بعد تكبده خسائر فادحة بالمواجهات مع المقاومة، وبدء الحديث عن تسريح لقوات الاحتياط.
وفي لبنان بدأت عطلة الأعياد ترخي بظلالها على المشهد السياسي، فيما الجبهة الجنوبية بقيت مستعرة مع توجيه المقاومة الإسلامية المزيد من الضربات لقوات العدو ومواقعه على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية في إطار دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة.
"الأخبار": العدو يمهّد لإعادة الانتشار| المقاومة غير مستعجلة: لا تنازل عن وقف النار
تستمرّ المفاوضات بين المقاومة والعدو الإسرائيلي، بوساطة قطرية ومصرية، في ظلّ وقائع ميدانية بات تطوّرها بطيئاً وثقيلاً، إذ تسير العمليات العسكرية في شمال قطاع غزة بوتيرة أعلى مما يحصل في جنوبه، لكنها، على أي حال، لا تحقّق النتائج المرجوّة، بعدما بات واضحاً أن العدو يحاول انتزاع مكاسب ميدانية بأي طريقة، وفي أسرع وقت. وفي سبيل ذلك، نفّذت قوات الاحتلال هجمات جديدة في مدينة غزة من عدة محاور، أهمها الدرج والتفاح والرمال، حيث تصدّى لها المقاومون ودمّروا عدداً من الآليات والتحموا مع الجنود. كذلك، استمرّت الاشتباكات في منطقة جباليا البلد، والتي يكافح العدو لإتمام سيطرته عليها، بعدما أعلنها، إعلامياً فقط، ساقطة قبل يومين. أما في خانيونس جنوباً، فدفع بطء التقدم الإسرائيلي وشراسة التصدّي الفلسطيني، جيش الاحتلال، إلى الزجّ بالمزيد من قواته في محاور الهجوم حول المدينة، التي لم ينجح في إحكام الطوق حولها بعد.وإذ يتوقّع أن يزخّم العدو عمليّاته في جنوب القطاع ووسطه، خلال الأيام المقبلة، بحثاً عن المزيد من المكاسب الميدانية، فمن الواضح، أيضاً، أن إستراتيجيته الحالية مبنيّة على أن المرحلة ذات الزخم العالي شارفت على الانتهاء، وبالتالي يجب التحضير ميدانياً لما بات يُعرف بـ«المرحلة الثالثة»، التي تشتمل - بحسب «القناة 11» الإسرائيلية - على «تقليص عدد القوات وتشكيل منطقة عازلة والاستمرار في هجمات مركّزة». وفي سبيل ذلك، يهاجم جيش الاحتلال حالياً في محاور وسط القطاع، لتأمين المنطقة العازلة المطلوبة، والتي يتفاوت عمقها بين ناحية وأخرى، إلا أنه في حدّه الأدنى يبلغ نحو 1 كم، وحدّه الأقصى نحو 3 كم.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن «الجيش الإسرائيلي أصبح بالفعل في خضمّ الانتشار (المطلوب) للمرحلة الثالثة على عكس ما يعلنه صُناع القرار»، وإن «مراكز القيادة المختلفة (في الجيش)، تستعدّ بالفعل لتغيير كبير في الشهر المقبل». وتضيف الصحيفة أن «التغييرات مرتبطة بإعادة انتشار مئات الآلاف من جنود الاحتياط بسبب العبء على الاقتصاد والجنود وعائلاتهم»، علماً أن «الجيش يخطّط لتسريح عدد من هؤلاء». وبالنسبة إلى الجدول الزمني، تقرّ «هآرتس» بأنه «مَرِن، وذلك لاعتبارات بنيامين نتنياهو السياسية»، مشيرة إلى أن «الوضع على الأرض لا يتقدّم بالوتيرة التي نسمعها في الخطاب السياسي». كما أكّدت «القناة 13» أن «الجيش يستعدّ لتسريح الآلاف من جنود الاحتياط قريباً»، فيما نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر مطّلع قوله إن «الوسطاء يدركون أن الوقت ينفدُ أمام وقف إطلاق النار، وحماس تستعدّ لحرب طويلة». وأشار المصدر الى أن «يحيى السنوار ليس منفصلاً عن الواقع، وإسرائيل تفسّر الواقع بشكل غير صحيح»، مضيفاً أن «السنوار لديه إستراتيجية منظّمة في حال استمرار الحرب».
وبحسب المعطيات الميدانية، فإن «العمليات لا تزال جارية حتى في المناطق التي دخلها الجيش، وهناك مقاومة مرنة تقوم على مبدأ السماح بالدخول، ومن ثم نصب الكمائن لتحقيق أكبر قتل وضرر». وتنفي المصادر الميدانية وجود «اعتقالات كبيرة في صفوف كوادر المقاومة، أو حتى على مستوى العناصر. وقد يكون العدو وصل إلى وثائق نتيجة وصوله إلى مناطق مُخلاة، لكن في الحقيقة هي شيء هامشي». أما في ما يتعلّق بالأنفاق، فتوضح أن «نفق إيرز، هو نفق استخدمته المقاومة يوم السابع من أكتوبر، وهو نفق هجومي عبرت منه الجيبات والدرّاجات النارية لتصل إلى منطقة السياج الفاصل، وتمّ استخدامه عدة مرات لاستبدال القوات التي عبرت إلى الغلاف». ويمثّل النفق «نسخة من الأنفاق التي تُستخدم للمركبات والدعم وقد استنفد مهمته بالكامل، وما كان مفاجئاً للعدو، هو قطره وعمقه، إذ إنه بعمق 50 متراً، وهو ما يعني أن القصف والأحزمة النارية لا تصله ولا تؤثّر فيه». أمّا بخصوص النفق الذي أُعلن عنه على أنه «نفق قيادة» في منطقة مسجد فلسطين، فتبيّن المصادر أنه «نفق قديم عمره من عام 2010، وكان يُستخدم للإخلاء الأوّلي لقيادة الحركة من المكاتب المعروفة»، وهو «ليس نفقاً حربياً، كما أنه فارغ من أي عتاد أو مقاتلين، ويتبع لجهاز الأمن وليس للجناح العسكري». والمفاجأة للإسرائيلي، بحسب المصادر، هي أن «حماس طوّرت أنفاقاً لا يمكن أن تصلها الصواريخ الأميركية الخارقة للتحصينات».
على صعيد المفاوضات، لا يزال الاتفاق المنشود بين العدوّ وحركة «حماس» أمام مفاوضات صعبة. وبينما يطلب الاحتلال «هدنة مؤقّتة جديدة»، ولو كانت أطول من السابق، فإن «المقاومة تريد إنهاء العدوان بصورة تامة». وهي تتمسّك بمجموعة من الثوابت:
أوّلاً، الوقف الفوري للعدوان، والانسحاب الفوري لقوات العدو من كامل أراضي القطاع.
ثانياً: فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى كل المناطق.
ثالثاً: إطلاق مفاوضات غير مباشرة حول الأسرى، بما يؤدّي إلى إطلاق المقاومة سراح كل أسرى العدو لديها، مقابل إفراج العدو عن جميع الأسرى الفلسطينيين وفق مبدأ «الكل مقابل الكل».
رابعاً: بدء اتصالات فلسطينية – فلسطينية برعاية عربية، هدفها تشكيل «حكومة وحدة وطنية فلسطينية»، تتمثّل فيها فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية»، وفصائل المقاومة، ضمن برنامج إعادة ترتيب «البيت الفلسطيني».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن قيادة غزة السياسية والعسكرية في حركة «حماس»، أرسلت موقفها الواضح إلى «قيادة الخارج»، والذي «نصّ على أن قدراتها في الميدان متماسكة، وهي قادرة على الصمود لفترات طويلة، ولا تزال تكبّد العدو خسائر فادحة يومياً، وهي ليست مستعجلة». وبالتالي، تؤكّد مصادر «الأخبار» أنه «لا يوجد أي خلافات في قيادة حماس، بل هنالك إجماع على عدم التنازل عن وقف إطلاق النار»، مضيفة أن «كل الكلام عن تباينات بين قيادتَي الداخل والخارج، ليس له أساس»، وأن أي تباين في الآراء، جرى علاجه «بعدما تمّ تطمين قيادة الخارج إلى الأوضاع الميدانية في غزة».
وفي سياق متصل، نقلت قناة «كان 11» الإسرائيلية، أمس، عن مسؤولين إسرائيليين مطّلعين، تأكيدهم أن «إسرائيل تدرس تقديم عروض جديدة من أجل إبرام صفقة تبادل للأسرى». وأوضحت القناة أن «العروض الإسرائيلية التي تجري دارستها تهدف إلى محاولة إقناع حماس بالتراجع عن مطالبها، وعلى رأسها عدم إجراء أي مفاوضات قبل وقف إطلاق النار»، مضيفةً أن تل أبيب تدرس، بموجب ذلك، «إمكانية زيادة عدد أيام الهدنة بما يتجاوز الأسبوعين، مقابل إطلاق عشرات الأسرى».
"البناء": بعد سحب ألوية النخبة.. جيش الاحتلال يبدأ بتسريح الاحتياط
ظهرت عملية سحب ألوية النخبة في جيش الاحتلال من ساحات القتال في غزة مثل رأس جبل جليد بدأت تظهر تفاصيله تباعاً، بعدما تداولت وسائل إعلام مختلفة في الكيان، منها هيئة البثّ الرسميّة والقناتان الثانية عشرة والثالثة عشرة وصحيفتا هآرتس ومعاريف، معلومات وتفاصيل عما تمّت تسميته المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، التي تتضمّن تسريح الاحتياط، والانسحاب من مناطق التوغل في غزة إلى نقاط تمركز يمكن الدفاع عنها والاحتفاظ بها لفترة غير قصيرة، ريثما يتمّ التوصل الى اتفاق نهائيّ، في شمال وشرق قطاع غزة، والأرجح في المستوطنات التي كانت قائمة قبل تفكيكها والانسحاب من غزة عام 2005. وتقوم المرحلة الثالثة من الحرب على وقف الغارات الجويّة المكثفة وعمليّات القصف المدفعي والانتشار، لصالح الاكتفاء بعمليات مستهدفة لقادة المقاومة وتشكيلاتها ومستودعاتها، عندما تتوفر معلومات تتيح القيام بهذه العمليات، بانتظار نتائج التفاوض على تبادل الأسرى.
صحيفة يديعوت أحرونوت نشرت استطلاعاً للرأي يكشف تحوّلاً نوعياً في اتجاهات الرأي العام داخل الكيان، حيث إن نسبة الـ 65% التي كانت تؤيد الحرب على غزة بقوة قبل شهرين تماماً وفق استطلاع رأي لصحيفة معاريف في 20-10 جاء استطلاع يديعوت ليكشف تأييد 67% لوقف الحرب ومعارضة 22% فقط لوقفها، ما يضع إجراءات جيش الاحتلال في دائرة التعبير عن مزاج في الرأي العام، معاكس لما يرغبه رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو.
صحيفة هآرتس ذهبت الى أبعد من الحديث عن وقف الحرب، فدعت إلى تقبّل الهزيمة، والاعتراف بأن الفلسطينيين يستحقون نصرهم، وأن هذا النصر يشكل نقطة بداية مطلوبة للتوصّل إلى حل سياسيّ، لا يمكن الحديث عن الأمن بدونه، كما قالت الحرب وقبلها طوفان الأقصى، داعية إلى الإقرار بأن حلّ الدولتين هو طريق البقاء على قيد الحياة للكيان، لأن الحياة وفق معادلة مواصلة الدوس على كرامة الفلسطينيين قد سقطت سقوطاً مدوياً في السابع من تشرين الأول، ولم تفعل الحرب سوى تأكيد هذا السقوط.
لا تزال الأوضاع الأمنية والعسكرية على الحدود اللبنانية – الفلسطينية في صدارة المشهد، وسط ترقّب داخليّ ودوليّ للأحداث المتلاحقة والمدى الذي ستبلغه واحتمالات الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي في ظل تصاعد وتيرة ونوعية عمليات المقاومة ضد مواقع الاحتلال على طول الجبهة وعرضها، ما حول منطقة شمال فلسطين المحتلة الى منطقة مشلولة تسكنها الأشباح وضباط وجنود الإحتلال الى سربٍ من البط في مصيدة عناصر حزب الله وفق ما عبر الإعلام الإسرائيلي.
وأقرّ جيش الاحتلال أمس بمقتل جندي وإصابة آخر بجروح بليغة في انفجار صاروخ أطلقه حزب الله على موقع بالجليل الأعلى.
ويسعى الأميركيّون والموفدون الأوروبيّون ورسل عرب وفق معلومات «البناء» للتوسّط مع الحكومة اللبنانية لفتح التفاوض مع حزب الله في ملف الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، للتوصل إلى مقايضة بين انسحاب «إسرائيل» من الأراضي المحتلة في الغجر والنقاط الـ13 المتحفظ عليها، مع وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في عهدة الأمم المتحدة، مقابل انسحاب حزب الله من مسافة 10 كلم بالحد الأدنى وإقامة منطقة عازلة ونشر قوات دولية عليها، وذلك كضمانة إسرائيليّة بعدم تسلل القوات الخاصة في حزب الله الى عمق الأراضي المحتلة، وإلى الجليل تحديداً، ويمكن حكومة الاحتلال من حل مأزقها الكبير باستعادة الأمن الى مستوطنات الشمال وإعادة المستوطنين إليها. وقد ضجّت وسائل إعلام الاحتلال بالحديث عن الأوضاع الكارثية في منطقة الشمال وشعور ما تبقى من مستوطنين بخطر حقيقيّ من دخول قوات حزب الله إلى الجليل وتكرار ما حصل في 7 تشرين الأول الماضي في غلاف غزة.
وبرزت تصريحات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من بكركي بقوله: «تحدثنا خلال اللقاء عن الوضع في الجنوب وشرحت لغبطته ما يحصل وأكدت أن الحل موجود وهو في تنفيذ القرارات الدولية، من «اتفاقية الهدنة» بين لبنان والعدو الإسرائيلي، والقرار 1701، وكل القرارات الدولية، ونحن على استعداد للالتزام بالتنفيذ شرط أن يلتزم الجانب الإسرائيلي وينسحب، حسب القوانين والقرارات الدولية، من الأراضي المحتلة. وفي هذه المناسبة عبرت لصاحب الغبطة عن تقديري لزيارته الى الجنوب للاطلاع على أوضاع الأهالي».
مصادر مطلعة أكدت لـ»البناء» بأن الحديث عن ترتيبات وصفقات واتفاقات على الحدود غير واردة قبل انتهاء الحرب في غزة وتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب. مشيرة الى أن هذا الاندفاع الدبلوماسي الغربي باتجاه لبنان لنجدة «إسرائيل» وانتزاع ضمانات أمنية لها يعكس المخاوف الجدّية على مصير الكيان الإسرائيلي بعد ضربة 7 تشرين والضربات المتلاحقة في جولات القتال في غزة، وكذلك الأمر في جنوب لبنان، ويعكس أيضاً خشية الكيان من الجبهة الجنوبيّة وما يخطط له حزب الله، ولذلك هو يريد «السترة» لا توسيع الحرب، وكل تصعيده الجويّ يهدف للتغطية على هذه المخاوف وعلى عجزه عن إيجاد حلٍ لهذه المعضلة ومحاولة يائسة لتطمين سكان الشمال الموجودين حالياً والمهجّرين منه.
لكن خبراء عسكريين يحذرون عبر «البناء» من أن فرضية توسع الحرب قائمة ولا يمكن استبعادها كلياً مع عدو مجرم ورئيس حكومة (نتنياهو) يُقامر بمستقبل إسرائيل لإنقاذ مستقبله، وقد يدفع كيان الاحتلال الى توجيه ضربة واسعة النطاق في الجنوب ومناطق أخرى في البقاع وربما في بيروت قبل انتهاء الحرب في غزة بأيام قليلة وذلك بهدف تسجيل إنجازات وانتصارات عسكريّة ولو وهميّة لاستعادة هيبة جيشه وشيئاً من قدرة الردع، لكن بالتأكيد سيقابل بردة فعل قوية وقاسية من قبل المقاومة التي لم تسمح بتعديل قواعد الاشتباك في بداية الحرب عندما كان جيش الاحتلال في ذروة قوته، فكيف في نهايتها وهو يجرجر ذيول الخيبة والهزائم؟».
ونقل موقع «المونيتور» عن مصدر سياسي إسرائيلي، أنّ «فرص التوصل إلى حل دبلوماسي للخلافات بين حزب الله و»إسرائيل» تتضاءل».
بدوره، أشار مصدر عسكري إسرائيلي، بحسب الموقع، إلى «أننا نرصد زيادة مطردة وبطيئة في هجمات حزب الله على «إسرائيل»»، لافتًا إلى أنّه «استمرار التصعيد سيوصلنا لحريق هائل وإن كان حزب الله يريده فسيحدث بالنهاية».
بدورها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين قولهم إنّ «أميركا بعثت رسائل إلى «إسرائيل» ولبنان وحزب الله تحذّر من أن خطر التصعيد مرتفع للغاية». وكشف المسؤولون أنّ «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تناقش بنود اتفاق طويل الأمد يساعد على عودة النازحين الإسرائيليين إلى الشمال».
وتشير جهات مواكبة للوضع الميدانيّ على الحدود لـ»البناء» الى أن خريطة انتشار وحدات وفرق الجيش الإسرائيلي وحركتها بين الجبهات لا سيما بين شمال فلسطين وشمال غزة وجنوبها والضفة الغربية خصوصاً خلال الأسبوع الماضي، تؤشر الى أن الإرباك والتشتت بين الجبهات وسيطرة التعب وانهيار معنويّ كبير في صفوف الجنود والضباط الذين شوهدوا وهم يحتفلون بخروجهم من المعركة في غزة في إطار عمليّة سحب 40 في المئة من الوحدات الخاصة من غزة بعد المعارك الضارية في غزة. ولذلك فإن جيش الاحتلال اضطر الى سحب 10 آلاف جندي من الفرق الخاصة من الحدود مع جنوب لبنان الى غزة، ما يعني أن لا قدرة بشريّة لجيش الاحتلال بشنّ عدون برّي واسع على لبنان في ظل فشله في جبهة غزة، علماً أن المقاومة في لبنان لم تستخدم سوى نسبة ضئيلة من قدراتها وقوتها ولم تزج بفرقها الخاصة في المعارك الدائرة حالياً ولا بقدراتها من الأسلحة المتوسطة والصاروخية النوعية والدقيقة. ولذلك تستبعد المصادر الانتقال الى الحرب البرية والصاروخية الشاملة بين حزب الله و»إسرائيل»، لكن مع احتمال توسّع القصف المتبادل الى حدود تجاوز قواعد الاشتباك الحاكمة منذ بداية الحرب حتى الآن.
ويواصل حزب الله تسديد الضربات النوعية في عمق الأراضي المحتلة في شمال فلسطين، ملحقاً المزيد من الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال.
وأعلن الحزب في بيانات متلاحقة، عن استهداف تجمّعات لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة شوميرا (قرية طربيخا اللبنانيّة المحتل)، وثكنة شوميرا (قرية طربيخا اللبنانية المحتلة)، قوة مشاة إسرائيليّة في محيط موقع المطلة، كما قصف تجمّعاً لضباط وجنود العدو الإسرائيلي في إيفن مناحم بالأسلحة الصاروخيّة وأوقعت فيها إصابات مؤكّدة.
وزفّت المقاومة الإسلامية الشهيدين المجاهدين على طريق القدس حسين علي عزالدين (أبو نمر) وعبد العزيز علي مسلماني «أبو محمد كربلا».
من جانبه، زعم جيش الاحتلال «قصف مواقع عسكرية وبنى تحتية لحزب الله بعد إطلاق قذائف من لبنان على البلدات الحدودية». وتحدّث عن راجمات صواريخ اتجهت من لبنان إلى الجليل الغربيّ، كما أفيد عن سقوط صاروخ قرب نهاريا في الشمال دون دوي صفارات الإنذار. كما أفيد عن إطلاق ٦ صواريخ من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى.
إلى ذلك، وفي خطوة لافتة جرى ربطها بتسريب مدير المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه خلال زيارته الى لبنان منذ أسبوعين، معلومة عن نيّة العدو الإسرائيلي تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات بارزة في المقاومة الفلسطينية في لبنان، أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، عن تعيين نيكولا ليرنر الذي شغل منصب مدير عام وزارة الداخلية الفرنسية، رئيساً جديداً للمديرية العامة للأمن الخارجي، خلفاً لبيرنارد إيمييه.
على صعيد آخر، لم تصمد «الصلحة» التي سعى لها الوزيران في الحكومة محمد المرتضى وعصام شرف الدين، بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، أمس الأول، فاشتعل السجال مجدداً أمس بعد رد سليم على بيان لميقاتي حول خلفيّة اجتماعهما في السراي الحكومي.
وهدف اللقاء وفق مصادر معنية لـ»البناء» الى تهيئة الأجواء الحكومية والسياسية لإنضاج تسوية في ملف التعيينات في رئاسة الأركان والمجلس العسكري في مطلع العام الجديد. علماً أن وسطاء أيضاً يبذلون الجهود على خط كليمنصو – بنشعي للتوفيق بينهما للغاية نفسها.
وكشف وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري أنّ الأمور أصبحت شبه مسهّلة بشأن تعيين رئيس للأركان، متوقعاً ملء شغور المركز بعد عطلة الأعياد. وفي هذا الإطار، أكّد مكاري في حديث إذاعي أنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط سيزور رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مطلع الأسبوع المقبل، لتسهيل هذا التعيين من دون الدخول في تفاصيل الأسماء.
مكاري الذي أمل أن تحمل فترة ما بعد الأعياد إيجابية في حلحلة الكثير من الملفات العالقة، شدّد على أنّ الملف الرئاسيّ مؤجل، مستبعداً انتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تحلّ قصة غزة وفلسطين.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الرئيس ميقاتي معايداً في بكركي. وقال بعد اللقاء: «تطرقنا الى زيارة وزير الدفاع الى السراي، وأستغرب ما ورد على لسانه، فالاجتماع الذي بدأ متوتراً انتهى ودياً وعلى اتفاق، وكان هناك شهود على ذلك، ولكن يبدو أن الوزير أوعز له بتغيير آرائه بعد الاجتماع كما ورد في الصحف، وأنا أعرف من أوعز له، لأن ما حصل خلال الاجتماع مغاير للحديث الذي أدلى به ليلاً».
ولفت ميقاتي الى أن «المعالجة الأساسية برأي صاحب الغبطة وبرأيي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية لإعادة الانتطام العام الى البلد». وأضاف ميقاتي: «كما تحدّثت مع صاحب الغبطة عن الوضع الحكومي وأكدت له أن هدفنا، منذ بداية الشغور في سدة الرئاسة، والى حين انتخاب رئيس جديد، ليس الاستئثار أو السيطرة أو أخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، بل أن نقوم بالعمل المطلوب لتسيير أمور الوطن والمواطنين، خاصة أن الجميع يشهد بأننا نحرص على التوازن الوطني وصيانته وعلى حقوق كل مكوّنات الشعب اللبناني والمجتمع اللبناني».
عطلة عيد الميلاد
تحتجب «البناء» يوم الأحد في عطلتها الأسبوعية ويومي الاثنين والثلاثاء بمناسبة عيد الميلاد، وذلك عملاً بقرار نقابتي الصحافة والمحررين واتحادات نقابات عمال الطباعة وشركات توزيع المطبوعات ونقابة مخرجي الصحافة ومصممي الغرافيك، على أن تعود إلى قرّائها صباح الأربعاء كالمعتاد.
"الجمهورية": فرحة الميلاد تتحدّى عبث السياسة والأزمات .. والحرب تتصاعد جنوباً
عيد الميلاد يحل يوم الاثنين، وهو بلا أدنى شكّ، المحطّة المضيئة الوحيدة في عتمة الأزمة، التي يتحدّى فيها اللبنانيّون ما أُسقِطَ عليهم من أعباء وأثقال، وينتزعون فرحة العيد من سارقيها رغماً عنهم، ليؤكّدوا بذلك رفضهم لدوامة العبث السياسي الذي يمعنون فيه إشباعاً لشهواتهم وجوعهم الى المكاسب والمغانم والمصالح، وتنكّيلاً بحاضر اللبنانيين وتهديداً لمستقبلهم ومصير، بل لوجود بلد صار في أسوأ حال. رغم الحزن والقلق والخوف والوجع والجوع، يريد اللبنانيون أن يفرحوا بولادة المخلّص ويبتهجوا بعيده ويضيئوا الميلاد، ويبنوا المغارة. و»الجمهورية»، إذ تشاركهم هذه الفرحة، تتوجّه إلى اللبنانيين عموماً، والى المسيحيين بصورة خاصة، تشاركهم الأمل والرجاء في أن توقظ ولادة المخلّص هذه السنة، الإرادات المخلصة لإعادة استيلاد بلدنا الجريح من جديد، والدفع به إلى برّ الأمان، والتشارك في تحقيق ما يتوق اليه الشعب اللبناني المنكوب من اطمئنان ورخاء وازدهار.
السياسة الداخلية، دخلت عمليّاً في استراحة العيدين؛ الميلاد ورأس السّنة، لتعود بعد ذلك الى الانخراط مجدداً في «سباق الملفات».
اول تلك الملفات، هو الطعن المنتظر من «تكتل لبنان القوي» بقانون التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وقرار المجلس الدستوري لناحية إبطال هذا القانون او تأكيد السير فيه. ورجحت مصادر سياسية عبر «الجمهورية» ان «يدخل هذا الملف الى حلبة صراع محتدم حوله في الاسابيع المقبلة، ذلك انّ «التيار الوطني الحر» يعتبر انّ القانون غير دستوري والطعن به الذي سيتمّ تقديمه خلال الساعات المقبلة، صلب ومتين، والمجلس الدستوري بناءً على ذلك سيكون امام حتمية إبطال هذا القانون. واما في المقابل، فلدى بعض القانونيين رأي آلآخر، يستبعد إبطال القانون، ربطاً بالظروف الاستثنائية التي املته».
وثاني هذه الملفات، هو ملف التعيينات العسكرية الذي رُحِّل الى السنة الجديدة، وسط اشارات حول حلحلة في تعيين رئيس الاركان وسائر الشواغر في المجلس العسكري. وبحسب مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّه «على الرغم مما يثار حوله من اجواء ايجابية، الاّ انّ هذه الايجابية ما زالت شكلية، ذلك انّ جوهر هذا الملف، ما زالت تعتريه تعقيدات لم تُحسم بعد، وقلوب الجهات الحكومية، وكذلك السياسية المعنية بهذا الملف، ورغم اللقاء الأخير الذي عُقد بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، ما زالت مليانة».
وثالث هذه الملفات، موازنة العام 2024، التي تؤكّد معلومات «الجمهورية»، أنّه بالرغم من أنّ هذه الموازنة لا تبشّر، ولا يُبنى عليها انفراج مالي او اقتصادي كونها مفتقرة لأي تقديمات جدّية للمواطنين وقاصرة عن مواكبة الأزمة وخالية من الإيرادات المطلوبة للخزينة، ثمّة توجّه للانتهاء من دراستها في لجنة المال والموازنة النيابية في وقت قريب، على أن يجري اقرارها في الهيئة العامة لمجلس النواب قبل نهاية كانون الثاني المقبل، وذلك لقطع الطريق على احتمال اصدار الموازنة بمرسوم».
انتكاسة فرنسية
ورابع هذه الملفات، هو الملف الرئاسي، الذي طُوِّق منذ الآن، باحتمال إعادة تحريكه سواء من الداخل، او من الخارج، بعد رأس السنة.
على أنّ ما لفت اليه مرجع سياسي مسؤول عبر «الجمهورية» هو «أنّ ما اشارت اليه وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا في زيارتها الاخيرة الى بيروت، حول توجّه فرنسي لحضور اكبر وتحرّك اكثر زخماً في الملف الرئاسي بداية السنة الجديدة، أُصيب بانتكاسة في الايام الاخيرة، ربما تكون قد فشّلته او فرملته قبل أن يبدأ، واثارت شكوكاً حول امكان نجاح ايّ مبادرة او وساطة فرنسية تمكّن باريس من لعب دور الوسيط النزيه من جديد في الملف الرئاسي».
فهذه الانتكاسة، يضيف المرجع عينه، «تجلّت في ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل يومين، في مقابلة صحافية مع قناة «فرانس 5»، ووصفه «حزب الله» بـ«المنظمة الارهابية»، متبنياً النظرة الاسرائيلية الى الحزب، وقافزاً فوق المقاربة الفرنسية التي لطالما تردّدت على لسان اكثر من مسؤول فرنسي، وأكّدت على التمييز بين ما يُسّمى الجناح العسكري للحزب المدرج على اللائحة الاوروبية للمنظمات الارهابية، وبين جناحه السياسي الذي يمثّل شريحة واسعة من اللبنانيين، وقوة سياسية وازنة لا بدّ من التعامل معها. وقافزاً ايضاً فوق ما كان انفتاحاً فرنسياً دائماً على «حزب الله» وتجلّى في لقاءات متتالية معه، سواء عبر السفارة الفرنسية في بيروت او عبر الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وايضاً عبر ماكرون نفسه الذي سبق والتقى رئيس كتلة «حزب الله» النيابية النائب محمد رعد. وهو، اي الرئيس الفرنسي، صاحب المقولة الشهيرة بأنّه ليس من شأن فرنسا ولا أية قوى خارجية بأن تقيّم حسن سلوك أية قوة سياسية ممثلة في لبنان، إنّها فقط مهمّة الشعب اللبناني».
المسعى القطري
هذا الموقف الفرنسي، يقول المرجع المسؤول، يُدخل ايّ حراك فرنسي جديد من الملف الرئاسي، تلقائياً إلى دائرة التشكيك في إمكان نجاحه، بل في مقبولية وساطته من اساسها، لأنّه ينطلق من خلفية العداء لطرف لبناني له حضوره ودوره وكلمته في الاستحقاق الرئاسي.
من هنا، يؤكّد المرجع عينه، إنّ موقف ماكرون، نحّى فرنسا عن دور الوسيط النزيه، واخرجها من موقع المزاحم للمسعى القطري حول الملف الرئاسي. وبالتالي عاد هذا المسعى ليحتل موقعه كفرصة يُعوّل عليها لاتمام الاستحقاق الرئاسي، وثمّة مؤشرات أكيدة بأنّ الحراك القطري سيتجدّد بعد رأس السنة، وخصوصاً انّ الموفد القطري الشيخ جاسم بن فهد آل ثاني قد حقّق في زياراته السابقة تقدّماً مهمّاً ُيبنى عليه».
الرئاسة مطلب اقليمي ودولي
وفي سياق رئاسي متصل، قال النائب غسان سكاف بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، انّ وجهة التحرك الدولي المقبلة ستكون بإتجاه لبنان والإستحقاق الرئاسي اصبح اولوية اقليمية.
وشرح سكاف لـ«الجمهورية» المعطيات لتي بنى عليها موقفه فقال: «بناءً لإتصالاتي مع جهات اميركية وفرنسية وعربية ارى انّ الاستحقاق الرئاسي اصبح مطلباً اقليمياً ودولياً اكثر مما هو مطلب لبناني، وذلك لتفادي وقوع لبنان في مشكلات اكبر من مشكلاته الحالية، نتيجة الحرب على غزة التي غيّرت موازين القوى في المنطقة وادخلت الاقليم في حرب لا يعرف احد متى تنتهي، لذلك كان الاصرار الفرنسي والاميركي على إنجاز الاستحقاق الرئاسي ليكون لبنان داخل المفاوضات التي ستجري بعد الحرب لتحديد وضع المنطقة».
اضاف سكاف: «يرى الخارج انّ ما ظهر من خلال تأخير تسريح قائد الجيش والقادة الامنيين بقانون في مجلس النواب بناءً لتسوية سياسية بين اطراف الداخل، يمكن ان ينسحب على الاستحقاق الرئاسي بالتوصل الى تسوية تتيح انتخاب رئيس للجمهورية. وقد اظهر التمديد للقادة العسكريين والامنيين انّه انجاز مشهود للمجلس، وانّ المجلس لا يمكن ان يستمر في ادارة الظهر للمناورات السياسية الداخلية التي اضاعت الفرصة تلو الفرصة لانتخاب الرئيس. وتصويت اكثرمن 70 نائباً على التمديد ليس صدفةً وتفصيلاً، وهي رسالة اراد المجتمع الدولي ايصالها الى لبنان بأنّ المجلس قادر على انتخاب رئيس كما اقرّ قانون التمديد بالتوافق».
وكشف سكاف انّ قطر وعبر اللجنة الخماسية العربية الدولية، ستدفع بقوة اكثر الاستحقاق الرئاسي إلى الامام مع بداية العام المقبل، وهي ومصر كما هو معروف، تقومان بجهد كبير لوقف الحرب في غزة والتوصل الى تهدئة اقليمية، والمعلومات تفيد انّ لبنان سيكون المحطة المقبلة لعمل اللجنة الخماسية عبر القطري والفرنسي، سواء لتنفيذ القرار 1701 او انتخاب رئيس للجمهورية او الخطوتين معاً.
وكشف سكاف انّه سيقوم مجدداً بتحرك جديد ووفق أجندة عمل جديدة مطلع العام «للمساهمة في تحقيق التوافق على انتخاب الرئيس، كما كان لي الدور سابقاً في عقد جلسة 14 حزيران الانتخابية الرئاسية وجلسة التمديد للقادة الامنيين والعسكريين».
وافادت المعلومات بأنّ سكاف إلتقى قوى سياسية ومرجعيات عدة بعيداً من الاضواء لإستطلاع رأيها من أجل إعادة تحريك الملف الرئاسي على قواعد جديدة.
تحذير اميركي
من جهة ثانية، عاشت جبهة الحدود الجنوبية الممتدة من رأس الناقورة الى مزارع وتلال كفر شوبا امس، تصعيداً عنيفاً في القصف الاسرائيلي للمناطق اللبنانية، طال عمق البلدات الجنوبية المحاذية لهذه الحدود، وفي عمليات «حزب الله» ضدّ المواقع والمستوطنات الاسرائيلية. وفيما نعى الحزب الشهيدين حسين علي عزالدين «أبو نمر» من بلدة معروب، وعبد العزيز علي مسلماني «أبو محمد كربلا» من بلدة الشعيتية، اعترف الجيش الاسرائيلي بمقتل جندي واصابة آخر بجروح جراء انفجار صاروخ اطلقه «حزب الله» في الجليل الاعلى.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع منسوب المخاوف من تدحرج الوضع على هذه الجبهة الى مواجهات اكبر واوسع. ويبرز في هذا السياق، ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين «انّ واشنطن بعثت رسائل إلى إسرائيل ولبنان و»حزب الله» تحذّر من أن خطر التصعيد مرتفع للغاية».
وكشف المسؤولون أنّ «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تناقش بنود اتفاق طويل الأمد يساعد في عودة النازحين الإسرائيليين إلى الشمال»، وذلك بعد نزوحهم جرّاء التصعيد عند الحدود مع لبنان، وعمليات «حزب الله» ضدّ الجيش الإسرائيلي».
نقاش اسرائيلي
يتزامن ذلك، مع نقاش محتدم داخل اسرائيل حول ما يسمّونها «جبهة الشمال»، حيث نقلت «القناة 14» الاسرائيلية عن جنود وقادة إسرائيليّين يعملون عند الحدود مع لبنان، انّ مخاوفهم شديدة إزاء تصاعد الصراع مع «حزب الله». وسلّطت القناة على حدث بارز بزعمها انّ «حزب الله» حاول خلال هذا الأسبوع استهداف منصة الغاز «كاريش» وأطلق طائرة مسيّرة انتحارية على المنصّة، لكن القبة الحديدية اعترضت الطائرة».
ونقلت القناة عن الجنود والقادة الاسرائيليين قولهم: «نشعر كأننا بطّ في ميدان الرماية، وتسلسل الأحداث يتزايد هنا، حرب على كل شيء، والرُّتب العليا في الجيش الإسرائيلي تعتقد أنّ كل شيء على ما يرام».
وفيما ذكرت «القناة 12» الإسرائيلية انّ «اسرائيل بحاجة إلى شرعية دولية وسلاح أميركي لشن حرب شاملة على لبنان»، نقلت عن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق قوله: «ليس لاسرائيل مصلحة في الدخول في حرب على جبهتي غزة ولبنان في آن واحد». ورأى انّه «يجب اولاً ان ننتهي من امر غزة، ثم نتفرّغ لمحاولة سياسية لإبعاد «حزب الله» عن الحدود».
ولفت ما اشار اليه الاعلام الاسرائيلي من «انّ الأرقام المتعلقة بالدمار في كيبوتس «المنارة» عند الحدود مع لبنان لم تكن معروفة للجمهور في «إسرائيل» وأخفاها الجيش «الإسرائيلي». وقالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية: «انّ الكذب في اسرائيل اصبح صناعة والمجتمع الاسرائيلي بحاجة الى من يمارس الكذب عليه باستمرار من اجل الاعتقاد بأنّ اسرائيل تحقق الانتصارات. منذ العام 2014 وهم يحاولون إقناع الجمهور بأنّ «إسرائيل» لديها أقوى جيش وسلاح جو لا مثيل له في العالم، فـ«الإسرائيليون» يحبون من يكذب عليهم، ولا أحد يريد أن يسمع أو يفهم أن لدينا جيشًا متوسط القوة، واستخبارات فاشلة، بحيث أنّ منظمة كحماس بإمكانها تركيعه على ركبتيه».
في غضون ذلك، تتزايد مخاوف المستوطنين الاسرائيليين من العودة الى مستوطنات الشمال. ونقل الاعلام الاسرائيلي عن رئيس المجلس الاقليمي ماروم هجليل قوله عند الحدود مع لبنان: «من يستطيع ان يثق بالجيش الاسرائيلي لحماية المستوطنات عندما يكون ألم وصدمة 7 تشرين الاول محفورة بعمق في العقل».
ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن رئيس بلدية الجليل الاعلى غيورا زالتس قوله امس، «في حالة الحرب هناك طرف خاسر وآخر فائز، و»حزب الله» اللبناني هو صاحب اليد الطولى شمالي إسرائيل».
وفي موازاة الحديث عن مساعٍ اميركية للتوصل الى ترسيم حدود برية بين إسرائيل ولبنان، تنسحب من خلاله إسرائيل من مناطق حدودية وبخاصة مزارع شبعا المحتلة، مقابل تراجع قوات «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي، قال رئيس لجنة بلدة شتولا في غرب الجليل الأعلى يانيف تورجمان: «لن نكتفي باتفاق سياسي. وجميعنا رأينا ماذا حدث بعدما توصلنا إلى اتفاق مع «حماس»، وسمحنا بنقل الحقائب المالية إليهم مقابل الهدوء. ولن نسمح للحكومة أن تشتري الهدوء من (أمين عام «حزب الله» السيد حسن) نصر الله. وما تبقّى حالياً من القرار 1701 هو أنّه بدلاً من انتقال «حزب الله» إلى ما وراء الليطاني، أعادونا نحن إلى ما وراء وادي البصة. ونفونا عن بيوتنا وأراضينا وعملنا».
ميقاتي والراعي
داخلياً، زار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مهنئاً بالاعياد. وجرى بحث في الاوضاع. واعلن ميقاتي بعد اللقاء انّ «المعالجة الأساسيّة برأي البطريرك الرّاعي وبرأيي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهوريّة، لإعادة الانتطام العام إلى البلد». وقال ميقاتي: «أكّدت للبطريرك أنّنا في الحكومة لا نريد منذ بداية الشّغور في سدّة الرّئاسة، وإلى حين انتخاب رئيس جديد، الاستئثار أو السّيطرة أو أخذ صلاحيّات رئيس الجمهوريّة، وهدفنا أن نقوم بالعمل المطلوب لتسيير أمور الوطن والمواطنين، بخاصّة أنّ الجميع يشهد أنّنا نريد الحفاظ على التّوازن الوطني وصيانته، وعلى حقوق كلّ مكوّنات الشعب اللبناني والمجتمع».
وإذ شدّد على الالتزام بالقرار 1701 وكلّ القرارات الدّوليّة»، مؤكّداً الاستعداد للتنفيذ الكامل، شرط أن يلتزم الجانب الإسرائيلي أيضًا، وينسحب، بحسب القوانين والقرارات الدّوليّة، من الأراضي المحتلّة».
وقال: «في ما يتعلّق بملء الفراغات في المناصب المطلوبة في الجيش، فقد تطرّقت إلى زيارة وزير الدّفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم بالأمس إلى السّرايا، وأستغرب استغرابًا كاملًا ما ورد على لسانه اليوم، إذ أنّ الاجتماع بدأ متوتّرًا لكنّه انتهى ودّيًّا وعلى اتفاق، وكان هناك شهود على ذلك. ولكن يبدو أنّ الوزير أُوعز له بتغيير آرائه بعد الاجتماع كما ورد في الصحف، وأنا أعرف من أَوعز له، لأنّ ما حصل خلال الاجتماع مغاير للحديث الّذي أدلى به لاحقًا».
مسعى مرتضى
في سياق متصل، واصل وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى مسعاه لترطيب الاجواء مجدداً بين رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، وقال في بيان بعد لقاء ميقاتي: «رئيس الحكومة حامل الجمر بيمناه وأمل الإنقاذ بيسراه، ووزير الدفاع المشهود له بالمناقبية والإخلاص كان لقاؤهما بالأمس في الدرجة العليا من التفاهم والحرص على المصلحة الوطنية وعلى المؤسسة العسكرية وانتظام عملها، لا سيما في هذه الظروف الإستثنائية التي تمرّ فيها البلاد والمنطقة، وهذا، معطوفاً على الأجواء الإيجابية بل الأكثر من ممتازة التي سادت لقاء الأمس، التي عبّر فيها الوزير سليم عن حرصه على علاقة الإحترام المتبادل وعن تقديره الشخصي للرئيس ميقاتي واحترامه له ولمقام رئاسة مجلس الوزراء، التي تجعل من الكلام الإعلامي (عن نسف الاتفاق على التعيينات العسكرية) مجرد سحابة من سحائب هذه الأيام الماطرة، سرعان ما يجلوها الصحو. وكل كلام آخر لا يعدو أن يكون محاولة للصيد في الماء العكر من غير الراغبين بأن تسود البلاد أجواء وئام وتعاون».
منصوري وتقرير «مينافاتف»
من جهة ثانية، أشار حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، في بيان، الى أنّ «مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا (مينافاتف) نشرت في 21 كانون الاول من العام 2023، تقرير التقييم المتبادل للجمهورية اللبنانية حول تدابير مكافحة تبييض الاموال وتمويل الإرهاب، يُظهر انّ لبنان أحرز نتائج مقبولة في الالتزام الفني، حيث حصل على درجة ملتزم او ملتزم الى حدّ كبير في 34 توصية، ولحظ التقرير وجوب إجراء تحسينات في الـ6 توصيات الباقية، التي حصل فيها لبنان على درجة ملتزم جزئياً؛ مما يتطلّب بعض التعديلات في القوانين والتشريعات».
واعتبر منصوري، أنّ «التقييم الذي خضع له لبنان بالإستناد لمنهجية معتمدة من قِبل«مينافاتف» لتقييم جميع البلدان، تمّ في ظل الظروف الإستثنائية المعروفة والتي ما زالت سائدة. وفي جميع الاحوال وكما هو الحال في البلدان كافة، هناك حاجة لمقاربة حكومية شاملة لتنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من الجهات الداخلية المعنية».
وأعلن أنّ «هيئة التحقيق الخاصة بصفتها المنسق الوطني لعملية التقييم، ستقوم بإطلاع مقامي رئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء بنتائج التقرير كافة، للتواصل مع الجهات الداخلية المعنية بشأن الإجراءات التصحيحية المطلوبة، بغية تعزيز فعالية منظومة مكافحة تبييض الاموال وتمويل الإرهاب اللبنانية، والتي سيتوجب على لبنان إرسال تقارير متابعة بالتقدّم الحاصل في تنفيذها خلال العام 2024 إلى «مينافاتف»، للنقاش وإتخاذ القرار المناسب.