الثبات ـ فلسطين
يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة الذين يعيشون حرباً "إسرائيلية" متواصلة للشهر الثالث على التوالي أزمة حقيقية نتيجة سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال معهم منذ بداية العدوان.
وتفرض سلطات الاحتلال وجيشه قيوداً على دخول المساعدات الإنسانية والغذائية الواصلة للقطاع عبر معبر رفح البري مع مصر من خلال التحكم في أعداد الشاحنات وتفتيشها بشكلٍ مسبق في معبر العوجا الذي يربط الأراضي المحتلة بمصر.
وإلى جانب ذلك كله، يحرم الاحتلال مناطق مدينة غزة والشمال دخولَ الغذاء والمياه، باستثناء شاحنات محدودة سمح لها بالمرور خلال فترة الهدنة الإنسانية التي استمرت 7 أيام، وشهدت عملية تبادل أسرى بين حركة حماس والاحتلال، قبل أن يعزز الاحتلال من حصاره للقطاع.
في الوقت ذاته، تخلو أسواق غزة من البضائع والسلع الأساسية، فيما يعتمد الكثيرون منهم على المساعدات التي تُوزَّع في مراكز الإيواء بكميات بسيطة ومحدودة لا تكفي لسدّ رمق العائلات المتوسطة وكبيرة الحجم، فيما تُحرَم مناطق أخرى هذه المساعدات.
وخلال الأيام الماضية، رصدت مؤسسات حقوقية شكاوى عن تعرض بعض السكان للوفاة جراء أزمة الغذاء والمياه، فيما حذرت الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى من خطر المجاعة الذي يحدق بقرابة 2.4 مليون نسمة يعيشون في القطاع الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومتراً مربعاً.
ومع بداية العدوان على غزة، اتخذ الاحتلال قراراً بقطع الكهرباء، ومنع إدخال الشاحنات للقطاع، قبل أن يسمح بشكلٍ محدود من خلال معبر رفح ويتخذ قراراً في وقت لاحق بفتح معبر كرم أبو سالم التجاري، بفتحه لزيادة عدد الشاحنات الواردة، إلا أن ذلك لم يؤد إلى حلّ الأزمة.
وتحول غذاء الكثير من العوائل الفلسطينية النازحة للمدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أو مراكز الإيواء الأخرى للاعتماد على "المعلبات" وكميات بسيطة جداً من الخبز، فيما لا تجد الكثير من العوائل هذه الوجبات بالذات في مناطق الشمال.
مجاعة حقيقية
إلى ذلك، يؤكد نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لقطاع غزة جميل سرحان، إن الجهات الحقوقية وثقت حالات لنازحين لم يتذوقوا الطعام لأيام تراوح ما بين يومين إلى أربعة أيام، بالذات في مناطق شمال القطاع ومدينة غزة خلال الفترة الأخيرة.
ويقول سرحان لـ "العربي الجديد" إن قوات الاحتلال تقوم بإجراءات واضحة تتمثل بإطلاق النار على النازحين عند محاولتهم الوصول إلى أي مكان للحصول على الطعام وتركهم ينزفون حتى الموت، وهو ما يؤدي إلى حالة حرمان واضحة لهؤلاء من الأكل والشرب.
ويشدد على أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وبقية المؤسسات الحقوقية لا تمتلك إحصائية كاملة عن عدد الوفيات التي سقطت نتيجة العطش والجوع، إلّا أنّ هناك إفادات وُثِّقَت تفيد بوجود حالة "مجاعة" تؤدي إلى الموت، وهو ما يتطلب تدخلاً دولياً سريعاً لإدخال الغذاء والمياه والدواء.