الثبات ـ فلسطين
حرب على الأطفال. بهذه الكلمات وصف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، جيمس إلدر، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
"إسرائيل"، وفي إطار سعيها لإفراغ قطاع غزة من أهله، لم تتوانَ عن استهداف كل الناس في أماكن وجودهم كافةً، فلم يكن غريباً عليها أن تعدّ الأطفال أيضاً أهدافاً يجب استهدافها والقضاء عليها، حتى شكّلوا النسبة الأكبر من الشهداء والجرحى والمفقودين.
والأطفال لطالما كانوا في مرمى الدبابات والصواريخ والطائرات الإسرائيلية، حيثما وُجدوا، سواء في المنازل، أم الشوارع، أم المستشفيات، أم مراكز الإيواء، أم حتى بطون الأمهات.
حرب مكتملة الأركان على أطفال غزة
يُقدّر عدد الضحايا الأطفال وحدهم بنحو 700 ألف، يتوزّعون بين شهيد وجريح ومشرّد، وفقاً لأرقام نشرها المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
ومنذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قتل الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 10 آلاف طفل ورضيع، ويشمل هذا الرقم أكثر من 9000 طفل ورضيع شهيد، إلى جانب مئات آخرين موجودين تحت الأنقاض منذ أسابيع، والذين تتعذّر فرص انتشالهم ونجاتهم.
أما الجرحى الأطفال من جراء الهجمات الإسرائيلية فبلغ عددهم نحو 18 ألفاً، يعاني المئات منهم حالات حرجة. وتعرّض العشرات من الأطفال لعمليات بتر أطراف، المئات لحروق شديدة في مختلف أنحاء أجسادهم، فيما تقطّعت أجسام آخرين في إثر إصابتهم بالصواريخ الإسرائيلية.
كذلك، يواجه أطفال غزة خطر الموت جوعاً وعطشاً، لا سيما في مناطق مدينة غزة وشماليها، حيث تنعدم فرص الحصول على وجبة طعام واحدة يومياً لمعظم العائلات، بينما تضطر إلى استخدام أساليب غير آمنة وغير صحية لإشعال النار بهدف الطهي.
وهم يواجهون أيضاً خطراً محدقاً من جراء تعرّضهم للأوبئة والأمراض السارية الناتجة عن عدم توفر مياه صالحة للشرب وتوقف مضخّات الصرف الصحي، بالإضافة إلى انعدام النظافة الشخصية والرعاية الصحية في مراكز الإيواء شديدة الاكتظاظ.
على رغم صغر سنّه، انتظر طويلاً للحصول على الطعام.. لكنّ الطعام نفد !
بحسرة، احتار ماذا يفعل.. هل يرجع خالياً من الطعام
على الصعيد النفسي، وفي حين يجد الأطفال أنفسهم ضحايا الهجمات التي يشنّها الاحتلال بلا هوادة، للشهر الثالث على التوالي، فإنّهم يُجبرون على النزوح تحت النار، الأمر الذي يزيد من حدة الصدمات التي يتعرّضون لها، بحسب "الأورومتوسطي".
ومن الأطفال الذين يشكلون 47% من سكان القطاع، من يعاني أصلاً من أزمات صحية منذ سنوات طويلة مثقلة بالحروب والفقر والحصار المتواصل. وفي حين عانى 4 من كل 5 أطفال اكتئاباً وخوفاً قبل العدوان الحالي، أظهرت دراسات أخرى ارتفاعاً في أعداد الأزمات النفسية.
ولا تقتصر الجرائم الإسرائيلية بحق أطفال غزة على القتل المباشر وإلحاق الأذى جسدياً ونفسياً، فالاحتلال يستهدفهم أيضاً بقتل أهلهم وتركهم من دون عائلات، بحيث بات ما بين 24000 إلى 25000 طفل أيتاماً من جراء استشهاد أحد الوالدين أو كليهما، وفق "الأورورمتوسطي".
ومع انقطاع التعليم في كافة المراحل الدراسية، وتحول المدارس في مختلف أنحاء القطاع إلى مراكز إيواء وتدميرها وتضررها، يواجه أطفال غزة مستقبلاً مجهولاً، لتُضاف إلى الجرائم الإسرائيلية بحقهم محاولة تدمير أجيال لاحقة في القطاع.
الأطفال الخدج أهداف إسرائيلية أيضاً
حتى الأطفال الخدج لم يسلموا من الجرائم الإسرائيلية، بل على العكس، كانوا هم أهدافاً، بما لا يحتمل الخطأ، لقوات الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة، والمستهدفة المستشفيات في أنحائه كافة.
والشهر الماضي، استشهد عدد من الأطفال الخدج في مستشفى الشفاء، بعد توقف العمل بصورة تامة بقسم الحضانة فيه، وقطع الاحتلال الكهرباء والأوكسجين عنهم، فيما نُقل الباقون إلى أقسام أخرى، في محاولة للحفاظ على حياتهم.
وفي مستشفى النصر للأطفال، عُثر على 5 جثث متحللة لأطفال خدج، بعد مرور 3 أسابيع على إخلاء المستشفى قسراً، ومنع إنقاذ الرضع.
واليوم، يكرر الاحتلال مشهد مستشفيي الشفاء والنصر، حيث يحاصر مستشفى الشهيد كمال عدوان، شمالي قطاع غزة، ويحاصر فيه 12 طفلاً من الخدج، بما يزيد المخاوف من أن يلقوا مصير السابقين.
على الرغم من إمعان "إسرائيل" في حربها على أطفال غزة، ثمة منهم من ينهض من بين الأنقاض ليشكروا الإسعاف، أو يطمئنوا الأطباء إلى أنّهم بخير. ومن تحت ركام منزله المهدّم، ينهض شبل غطت الدماء وجهه، ويقسم بالله في وجه رئيس وزراء "إسرائيل"، بنيامين نتنياهو، بالثأر غالياً لأمه وإخوته الشهداء، فـ"إنّهم أبطال، إنّهم غزة".