الثبات ـ فلسطين
وثّق المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان في تقرير، اليوم الاثنين، ما تقوم به "إسرائيل" من تنفيذ نهج تهجيريٍّ للمدنيين الفلسطينيين، عبر ارتكاب المجازر المروّعة في مدينة غزة وشمالها، بعمليات قتل ميداني، واعتقالات عشوائية تعسفية واسعة، طالت الرجال والنساء وجرى التنكيل بهم.
وذكر المرصد في التقرير أنّ "الجيش" الإسرائيلي صعّد حملات التنكيل المتعمّدة والاعتقالات التي تطال مئات المدنيين، منذ عدة أيام لنازحين فلسطينيين في مراكز إيواء، ومن داخل منازل سكنية، وسط انتهاكات مروّعة ترافق ذلك.
وأشار إلى أنّ المعتقلين يتمّ تجريدهم من ملابسهم وتقييد أيديهم، والتنكيل بهم، بما في ذلك إجبارهم على الجلوس على ركبهم في مناطق مفتوحة، وتعرّضهم للضرب المبرح والمضايقة، في الطقس القاسي، إضافةً إلى الحرمان من الضروريات الأساسية.
ووثّق المرصد وفق شهادات لمدنيين تعرّضوا للتنكيل من قبل "الجيش" الإسرائيلي الذي قام باعتقالهم كدروع بشرية، لاقتحام المنازل السكنية في غزة، تفجير منازل سكنية في أطراف أحياء الزيتون، التفاح، والشجاعية في مدينة غزة، بعد اقتحامها بوحشية والاعتداء بالضرب على الذكور فيها وتعريتهم من ملابسهم.
كما أكّد أنه تمّ توثيق إفادات لفريق "الأورومتوسطي"، عن اقتحام وحشي نفّذه "الجيش" الإسرائيلي لمنزل عائلة أبو زور، في حي الزيتون جنوب مدينة غزة يوم الجمعة الماضي، بعد حصار العشرات منهم لـ12 يوماً، ثم باغتهم بإطلاق قذائف على باب منزلهم واقتحامه بإطلاق الرصاص، ما أوقع عدة إصابات في صفوف الموجودين في المنزل.
وذكرت امرأة من العائلة نفسها (أبو الزور) أنه تمّ إطلاق النار على الرجال وتعريتهم واعتقال النساء والأطفال، وأثناء إخراجهم بالشاحنات قاموا بدهس عدد من القتلى كانوا ملقين في محيط المنازل، مضيفةً أنّ جندياً إسرائيلياً هدد فتاة من العائلة نفسها بالاغتصاب أمام مرأى أفراد عائلتها، لكن الفتاة صرخت في وجهه قائلةً إنها "تفضّل قتلها بالرصاص على أن يقترب منها أحد".
وأضافت أنه تمّ الإفراج عن النساء بعد ساعة من احتجازهن وتركهن حُفاة تنزف الدماء من أقدامهن، وإجبارهن على النزوح باتجاه مستشفى الأقصى، في دير البلح وسط قطاع غزة، مشياً على الأقدام، حيث يمكثن هناك من دون مأكل أو مأوى ووسط قلق على مصير أزواجهن وأبنائهن المعتقلين.
كما تلقّى المرصد إفادات باقتحام قوات الاحتلال لمنزل عائلة أبو الخير، في حي الزيتون، وإعدام المسن صابر أبو الخير (71 عاماً) بإطلاق الرصاص الحي عليه وهو طريح الفراش، واعتقال جميع الرجال من داخل المنزل بعد الاعتداء عليهم بالضرب.
وأشارت إفادات أخرى إلى اقتحام مماثل من "الجيش" الإسرائيلي لمنزل عائلة عودة في حي الزيتون، واعتقال 13 فرداً من داخله واستجوابهم وتعذيبهم أمام نسائهم، ومن ثم إخراج جميع أفراد العائلة بالقوة ونسف المنزل بتفجيره.
كما أشار المرصد إلى أنه تلقّى إفادات عن اعتقالات لفتية وشبان وهم ينزفون وجرحى بفعل استهدافهم بإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر وعمليات التعذيب والضرب المبرح، إلى جانب عمليات سرقة لممتلكات المنازل المستهدفة.
وفي خان يونس جنوبي قطاع غزة، وثّق المرصد إصابة نازح في مدرسة في بلدة عبسان شرقي المدينة في إثر قنصه من "الجيش" الإسرائيلي الذي حاصر نحو 3 آلاف نازح داخل المدرسة لدفعهم للنزوح إلى رفح أقصى جنوبي القطاع.
هذا وأدان "المرصد الأورومتوسطي" بشدة ما يرافق اعتقالات "الجيش" الإسرائيلي العشوائية من انتهاكات مروّعة بحقّ نساء وفتيات عبر الاعتداء عليهن بالضرب وتهديدهن بالاغتصاب واعتقال بعضهن.
وأكّد المرصد أنه بينما تعلن أطراف المجتمع الدولي رفضها سياسة التهجير بحق المدنيين في غزة، فإنّ "إسرائيل" تطبّقها عملياً بالقوة، وتتعمّد الانتقام من كل من رفض منهم إخلاء مناطق سكنهم، بما يرقى إلى مستوى جريمة حرب تتمثّل في الترحيل القسري.
وشدّد المرصد في التقرير على أنّ مثل هذا الإجراء يمثّل انتهاكاً صارخاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال من مباشرة نقل قسري (ترانسفير) للسكان، أو ترحيل أي من الأشخاص المشمولين بالحماية في الإقليم الذي يقع تحت الاحتلال.
كما تحظر قوانين الحرب "أعمال العنف أو التهديد بها الرامية أساساً إلى بثّ الذعر بين السكان المدنيين".
وبحسب التقديرات فإنّ ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 85% من السكان، أصبحوا نازحين داخلياً، منهم نحو 1.1 مسجّلون في 97 ملجأ للأمم المتحدة في جنوب القطاع.
وأمس الأحد، أعلن مدير عام الصحة في غزة، أشرف القدرة، أنّ الاحتلال ارتكب "أكثر من 20 مجزرة خلال الساعات الماضية"، مشيراً إلى أنّ "1% فقط من جرحى العدوان خرجوا للعلاج عبر معبر رفح".